“فن الوحدة.. أفكار زمن العزلة”.. كتاب للكاتبة الإندونيسية ديسى أنور، ترجمه الناشر وائل الملا، صاحب دار مصر العربية للنشر، إذ تعد هذه أول تجربة له في عالم الترجمة من اللغة الإنجليزية إلى العربية، وقد صدر بالتزامن مع معرض القاهرة الدولي للكتاب 2023.
اليوم السابع التقى بالناشر وائل الملا فى معرض القاهرة الدولي للكتاب 2023، للحديث حول هذه التجربة التى جعلت منه الناشر والمترجم فى آن واحد، وعن كتب التنمية البشرية وازدياد مساحتها فى سوق القراءة وتطورات صناعة النشر فى ظل الأزمة الاقتصادية العالمية والتغير المناخى.. وإلى نص الحوار
الناشر حينما يترجم.. كيف بدأت هذه التجربة؟
بدأت الفكرة حينما التقيت بالناشر الأجنبى والكتاب لكاتبة من إندونسيا شهيرة على مستوى العالمى، وتكتب في موضوعات ومجالات متعددة من بينها التنمية البشرية وعلم النفس المبسط، وشغلنى كتابها لأنه مرتبط بالفترة التى عشناها فى العالم، وهى فترة وباء كورونا والإغلاقات والحجر المنزلى، وشعرت بأن هذا الكتاب سيكون خفيفا على القارئ، وأنه من الممكن أن يكون أول تجربة لى في عالم الترجمة، وبالفعل فبعد تعاقدنا على الكتاب.
ـ
ـ
ولكن هل كانت لك سابقة فى عالم الترجمة من قبل؟
ليست الترجمة بالمعنى الحرفى، ولكننى بصفتى ناشرا، كنت أنا من يراجع الترجمة، وأقارن بين اللغة الإنجليزية والعربية، من بعد المترجم، وهذه المراجعة أكسبتنى خبرة التدقيق فى التفاصيل الصغيرة التى ربما تسقط أو يراها المترجم غير مهمة، أو بعض المناطق التى بها هفوات، ومحاولة إيصال المعنى الذي يريده المؤلف.
وإلى أى مدى أو مستوى وجدت نفسك بعد الترجمة؟
بعد الانتهاء من الترجمة، وجدت أن التعديلات أو التصويبات التى عكف عليها المحرر بسيطة، فكانت الترجمة بقدر معقول، جعلتنى راضيا عن تجربتى لنفسي.
هل تعنى أنه من الممكن أن تخوض تجربة الترجمة مرة ثانية؟
بالفعل، فهناك كتاب آخر لنفس الكاتبة تعاقدنا على ترجمته أرى أنه سيكون إضافة مهمة نقدمها للقارئ.
وما هى الفكرة الأساسية للكتاب؟
يعتمد الكتاب على أفكارنا وقت العزلة، أو ما تفكر فيه وأنت لوحدك، وهو مجال واسع جدا، وأسئلته لا حصر لها بدون سقف، فمع الوقت، وكلما تقدمت فى فصول الكتاب، صارت أسئلته أعمق، وأفكاره لطيفة.
باعتبارك كناشر.. ألا ترى أن كتب التنمية البشرية تسير بجوار الرواية وتحديدا من بعد وباء كورونا؟
بالطبع، بل وأرى أن التنمية البشرية تسحب القراء من الرواية.
ولماذا برأيك؟
كتب التنمية البشرية بموضوعاتها دائما ما تكون جاذبة، وعلى مدار السنوات الماضية، كانت التنمية البشرية تصنع لنفسها قاعدة كبيرة من القراء، وكنا نرى هذا من خلال دور نشر معينة، ولكن بعد وباء كورونا، ازدادت الشعبية أكثر، ربما كما يقول البعض لأن الواقع أصبح أغرب من الخيال، فالقارئ دائما ما يسعى لفهم ما يحدث حوله، وفي كتاب “فن الوحدة” سيجد القارئ أن أغلب الأفكار سبق وأن شغلته من قبل.
ـ
ـ
وكيف ترى مصير الترجمة فى ظل تطور الذكاء الاصطناعى.. هل حقا ستبقى الأفضلية للعنصر البشري؟
الإجابة النموذجية التقليدية هى أن العنصر البشري لا بد وأن يكون موجودا، وأن التكنولوجيا مهما تقدمت فلن تهزم العنصر البشرى، ولكن من المهم جدا أن نتذكر أنه منذ عشر سنوات أو أكثر هل كنا نتصور أنه يمكنن أن نضع نصا على الإنترنت ويتم ترجمته في ثوانى، بصرف النظر عن الأسلوب وما إلى ذلك، علينا أن نكون صرحاء أمام أنفسنا، الذكاء الاصطناعى يطور نفسه بشكل مفزع، فنحن كجنس بشري لا يمكننا ملاحقة هذا التطور ونحن نعيشه أيضا، فالذكاء الاصطناعى يتكامل مع بعضه، وأصبح هو أداة التقريب بين الناس، وهو ما يناقشه أيضا كتاب “فن الوحدة”.
وكيف ترى مستقبل صناعة النشر لدينا أمام تطورها الهائل فى الخارج؟
صناعة النشر بين الشرق والغرب مختلف جدا، فنحن على مسافة بعيدة جدا، ولكن علينا أن نعترف بأننا لن نقاوم هذا التطور، فالناشر مجبور الآن على مواكبة التطور والقنوات الجديدة للنشر، سواء النشر الإليكترونى أو المسموع.
هل ترى أن الأزمة الاقتصادية العالمية وتغير المناخ بمثابة إنذار للدخول فى عالم النشر بشكل أوسع؟
بالتأكيد، فالالتزام بطرق النشر التقليدية أو الاعتماد عليها بشكل أساسى يعنى أنه أضيء منزلي الآن بالشموع، التكنولوجيا الجديدة والمعايير البيئة أصبحت مقيدة مع الوقت، ولكي تحصل على ورق فأنت ملزم بقطع الأشجار، وهو جانب أساسي سيء فى صناعة الورق التى تعنى القضاء على مساحة خضراء، والناشر الذكى القارئ للمستقبل والمواكب للتطور هو من سيضع نفسه على طريق التطور، وإذا التزم بأسلوبه التقليدي سيفاجئ بأن السوق “عداه وفاته” وهو محلك سر، وعلينا أن ندرك جيدا أن التطور التكنولوجي يحدث فى لحظة، ففى لحظة سوف تفاجئ حدث شيء ما فتغيرت المفاهيم، تماما مثلما حدث مع عالم الاستديوهات ومعامل التحميض التى فقدت أهميتها فى لحظة ما بمجرد أنه أصبح في يد كل إنسان هاتف بكاميرا وألبوم صور، فالتكنولوجيا تتطور بصورة مرعبة ومن سيتباطئ فى الاستجابة سيجد نفسه منفيا من الصناعة تماما.
المصدر : اليوم السابع