إثر حرب استمرت عامين، تمكنت القوات الأمريكية من هزيمة الجيش المكسيكي واحتلت مساحات كبيرة من أراضي هذا البلد، وأجبرت حكومته في 2 فبراير على توقيع معاهدة سلام!
معاهدة “جوادالوب هيلداجو” التي تصفها معظم المصادر بأنها معاهدة سلام أنهت الحرب المكسيكية الأمريكية، كانت في حقيقة الأمر، معاهدة إذعان فرضت بالقوة، وهي بداية الهيمنة الامريكية المطلقة على القارة، قبل أن يمتد النفوذ الأمريكي تدريجيا ليطال جميع أرجاء الأرض.
دارت رحى الحرب الأمريكية المكسيكية بعد أن ضمت واشنطن تكساس في عام 1845. وكانت تكساس في ذلك الوقت قد أعلنت انفصالها عن المكسيك وأصبحت دولة مستقلة بحكم الواقع.
أعلنت دولة “تكساس” المتمردة استقلالها في عام 1836، وتمكن سكان الإقليم من الدفاع عن هذا الاستقلال بقوة السلاح، فيما حاول الرئيس المكسيكي أنطونيو لوبيز دي سانتا آنا، استعادة السيطرة على المقاطعة الانفصالية بالقوة العسكرية، لكنه تعرض في 21 أبريل 1836، إلى هزيمة ساحقة من قوات المتمردين في “سان جاسينتو”.
رفضت السلطات المكسيكية الاعتراف باستقلال تكساس حتى عام 1845، واعتبرتها جزءا من أراضيها، وصنفت سكانها على أنهم متمردون وانفصاليون، لكنها قبلت بعد ذلك وهي كارهة، الضم الأمريكي للمقاطعة.
ومع ذلك، لم يتوقف النهم الأمريكي، ولم تتمكن المكسيك من إرضاء الولايات المتحدة، فبعد أن ضمت واشنطن تكساس، أعلنت انها تطالب بالمنطقة الواقعة بين نهري نيوسيس وريو غراندي.
الأمريكيون عرضوا أيضا في نفس الوقت أن يبيع المكسيكيون لهم كاليفورنيا ونيو مكسيكو، إلا أن الحكومة المكسيكية لم تستجب، خاصة وأن الأراضي ما بين هذين النهرين لم تكن مطلقا جزءا من تكساس.
أشهر الأمريكيون السلاح لإقناع المكسيكيين بشرعية مطالبهم، واستولت القوات الأمريكية في مارس 1846 بقيادة الجنرال زكاري تايلور الذي أصبح فيما بعد الرئيس الثاني عشر للولايات المتحدة، على بوينت إيزابيل عند مصب نهر ريو غراندي، وردت عقب ذلك المدفعية المكسيكية بإطلاق النار على فورت تايلور، ما أعطى ذريعة للكونجرس لإعلان الحرب رسميا على المكسيك في 12 مايو.
بعد ذلك مباشرة، غزت القوات الأمريكية بقيادة الجنرال كيرني كاليفورنيا واستولت على مدينة سانتا في، ثم لوس أنجلوس، فيما كانت معركة بوينا فيستا في فبراير 1847 الحاسمة في هذه الحرب، حيث تمكنت القوات الأمريكية من هزيمة القوات الرئيسة للجيش المكسيكي بقيادة رئيس البلاد سانتا آنا.
كانت القوات المكسيكية في ذلك الوقت غير قادرة على المقاومة المنظمة، وبعد أن احتل الجنرال سكوت ميناء فيراكروز، أصبحت الهزيمة النهائية مسألة وقت فقط.
وبعد هجوم قصير على تحصينات تشابولتيبيك في 14 سبتمبر 1847، لم يواجه الأمريكيون أي مقاومة تذكر، واستولوا على مكسيكو سيتي.
إثر ذلك، أزيح سانتا آنا من السلطة، ووافقت الحكومة المكسيكية الجديدة على إبرام السلام بشروط المنتصر، وتم في 2 فبراير 1848 توقيع الوثيقة.
علاوة على الاعتراف الكامل بحقوق الولايات المتحدة في تكساس، منحت المكسيك جارتها الشمالية كلا من كاليفورنيا العليا ونيو مكسيكو، وتوجد الآن على هذه الأراضي ولايات كاليفورنيا وأريزونا ونيو مكسيكو.
واشنطن، في بادرة تعزية وتعويض للمكسيك، دفعت لها مبلغ 15 مليون دولار!، وهي بتلك الحرب وضعت الأساس لهيمنتها المطلقة على قارة أمريكا الشمالية.
المصدر: روسيا اليوم