هي الوحيدة التي تحملت الحياة الصارمة للأديب العالمى، وجد فيها المرأة التي تستطيع أن تتحمل معه مشقة الحياة، كان دائما ما يرفض أن يجرى أحد معها حوارا صحفيا- بحسب شهادة أحد تلاميذه لنا- هي أكثر من ساعدت نجيب محفوظ في أن يصل لما وصل إليه من العالمية، إنها السيدة عطية الله إبراهيم.
في كتاب صفحات من مذكرات نجيب محفوظ، للكاتب الكبير رجاء النقاش، يقول عنها الأديب العالمى “لا يمكنني أن أنكر أن زوجتي تحملتني كثيرا وساعدتني على تطبيق النظام الصارم الذي فرضته على حياتي، ووفرت لي جوا مكنني من التفرغ للكتابة، اخترت الزوجة المناسبة لظروفي، لم تنشأ بيننا قصة حب سابقة على الزواج، كنت فقط في حاجة إلى زوجة توفر لي ظروفا مريحة تساعدني على الكتابة ولا تنغص حياتي”.
المرأة المتحملة لظروف زوجها
وافقت أن تتزوجه في السر، لأنه لم يكن يريد أن تعرف والدته بزواجه، كما وافقت على القواعد الصارمة التي خصصها لنفسه في المنزل، من أجل أن يتفرغ للإبداع والكتابة، لم تشتك يوما من طبيعة تلك الحياة التي قال عنها نجيب محفوظ إنها كانت حياه عملية إلى أقصى حد، وأنه لم يكن كائنا اجتماعيا، بل دائما ما كانت المساند الأول له، كانت تفضل الابتعاد عن الإعلام تماما، رغم أن زوجها كانت شهرته أكبر من النار على العلم.
يقول نجيب محفوظ في شهادته عن زواجه كما ورد في كتاب “صفحات من مذكرات نجيب محفوظ”، – والذى أطلعت عليه بالكامل كى أستطيع أن أحصل على أدق المعلومات الخاصة بحياة الأديب العالمى الزوجية كما نقلها هو – “كان زواجى من عطية الله زواجا عمليا بمعنى أننى أخترت الزوجة المناسبة لظروفى ولم تنشأ بيننا قصة حب سابقة على الزواج وكنت في حاجة إلى زوجة توفر لى ظروفا مريحة تساعدنى على الكتابة ولا تنغص حياتي، زوجة تفهم أننى لست كائنا اجتماعيا ولا أحب أن أزور أحدا أو أن يزورنى أحد، وأننى وهبت حياتى كلها للأدب، ووجدت في عطية الله هذا التفهم وتلك الصفات المناسبة لى”.
دور عطية الله إبراهيم في مساعدة زوجها وفقا لشهادة نجيب محفوظ نفسه
ويضيف نجيب محفوظ – حسبما ذكر الكتاب – “استطاعت هذه الزوجة أن توفر لى جوا مناسبا جعلنى أتفرغ للكتابة والقراءة، حتى أن أخوتى عندما كانوا يقومون بزيارتهم المعتادة لنا، كانت زوجتى تستقبلهم وتجلسهم معهم لتتركنى وشأنى، حتى لا أضيع وقتى في مثل هذه الواجبات الاجتماعية، وليس معنى هذا أننى كنت مشغولا عنها على الدوام، ففي أوقات الراحة عندما أنتهى من عملى وتفرغ هي من أعمال المنزل نجلس سويا لسماع الإذاعى أو مشاهدة التليفزيون وبعد إنجاب أم كلثوم وفاطمة، خصصنا يوما في الأسبوع نخرج فيه، وفى الغالب نذهب لمشاهدة أحدث الأفلام السنيمائية والتنزه في الحدائق العامة والآن أصبح الخروج بالنسبة لى ولزوجتى أمرا صعبا لأسباب كثيرة منها حالتى الصحية وطوال حياتى الزوجية لم يحدث أن طلبت مشورة من زوجتى أو بناتى في أي عمل أدبى أكتبه ولم يحدث أن عرضت عليهن عملا لى قبل صدوره “.
أسباب زواج نجيب محفوظ من عطية الله إبراهيم
نجيب محفوظ الذى دائما ما كان يتطرق في روايته إلى التفاصيل، لم ينس أن يتحدث عن تفاصيل الزواج والأسباب التي دفعته للزواج من عطية الله إبراهيم ليقول :”عندما تقدم العمر بوالدتى وضعفت صحتها وأصبحت لا تقدر على الأعباء الكثيرة المطلوبة منها، بدأت أشعر بالوحدة، وبدأت أمى تدرك ضرورة زواجى، وعرضت علي أمر الزواج مرارا وألحت فيه، ولكننى كل مرة كنت أرفض وأتذرع بحجج واهية، ولم تقبل أمى الهزيمة، وكررت عرضها، واختارت لى بالفعل فتاة من بين أقاربى وتحدثت مع أمها في الموضوع، والدة تلك الفتاة رحبت بى، فابنتها ثرية ومطمع للرجال، وتخشى عليها من زوج غريب لا تعرفه قد يحيل حياتها إلى جحيم، ويستنزف ثروتها، بينما أنا شاب من الأسرة ولن تكون لى أطماع في مال ابنتها، ورفضت عرض أمي هذا، خاصة بعد أن علمت أن أهل الفتاة سيتكفلون بكل تكاليف الزواج من مهر وشبكة وأثاث المنزل، ومرت سنوات إلى أن قابلت عطية الله، ووجدت فيها الصفات التي أبحث عنها كأديب، وتزوجنا في السر، وأخفيت أمر زواجى عن أمي، ودخلت بزوجتى في شقة شقيقى محمد حتى أتجنب ثورة أمى لأنها كانت رتبت أمر زواجى من قريبتها الثرية، والآن وبعد كل هذه السنوات لا يمكننى أن أنكر حقيقة أن زوجتى عطية الله تحملتنى كثيرا وساعدتنى على تطبيق النظام الصارم الذى فرضته على حياتى”.
استجابة نجيب محفوظ لمطالب زوجته
موقفا أخر كشفه نجيب محفوظ عن زوجته التي كانت قلقة دائما عليه وعلى بناته، هو الموقف الذى حدث له في الذهبية، مكان إقامته وأسرته، – حيث دائما ما كان يتمنى نجيب محفوظ أن يعيش فيها – ويقول: كان الداخل إلى الدهبية لابد أن يمر فوق سقالة خشبية حتى يصل إليها، وحدث أن غرقت بنت الجيران الصغيرة، وهى تعبر السقالة، وكنت في ذلك الوقت قد أنجبت ابنتى أم كلثوم، لما عدت إلى الذهبية في ذلك اليوم المشئوم قالت لى زوجتى “إن لم تبحث لنا عن شقة سكنية بعيدا عن هذه الدهبية فسوف أعود إلى الإسكندرية ومعى البنت”، كان تهديدا جادا لدرجة أننى نزلت فورا وأخذت أدور على الشقق حتى عثرت على الشقة التي أسكنها حاليا في شارع النيل بالعجوزة”.
ترتيب المنزل في الإسكندرية
دائما ما كانت تحرص عطية الله إبراهيم على توفير كل أساليب الراحة لزوجها وبناته، وترتيب أي منزل تذهب الأسرة إليه، ومن بينه مكان المصيف للأسرة في الإسكندرية، وحسبما يقول الأديب العالمى في كتاب صفحات من مذكرات نجيب محفوظ: “ذات يوم وأنا في مكتبى بمؤسسة السينما وصلنى خطاب من أحد أصدقائى يخبرنى بضرورة حضورى إلى الإسكندرية لمعاينة شقة جديدة في حي محرم بك، ولكى استأجرها إذا أعجبتنى، وخرجت من مكتبى إلى الإسكندرية مباشرة دون أن أتصل بزوجتى، وقابلت صديقى، وهو من الدمايطة الشاطرين، وكان لديه بيت مكون من طابقين، وقرر الاكتفاء بالطابق الأول له ولأسرته وتأجير الطابق الثانى لإحدى الأسر طول العام بدلا من شهور الصيف فقط، خاصة أن الرجل كان متدينا وعنده بنات، وطلب منى 80 جنيها في السنة كلها كإيجار للشقة، فأعجبتنى ووجدتها فرصة جيدة وكتبت عقد الإيجار، وكانت الشقة مكونة من حجرتين صغيرتين ومطبخ وصالة ومرافق وبلكونة، ولما جاءت أسرتى لمشاهدة الشقة سخروا منى واعتبروها ضيقة، ولكن بعد فترة عرفوا قيمة هذه الشقة الضيقة، لأنه لولاها ما صيفنا، وقامت زوجتى وهى من الإسكندرية أصلا بفرشها وترتيبها وحولتها إلى شقة جميلة واعتدنا أن نمضى فيها ثلاثة شهور من صيف كل عام، كانت زوجتى تذهب البحر أحيانا ولكنها لا تنزل فيه أبدا”.
ماذا قالت عطية الله إبراهيم عن نفسها؟
كما ذكرت في البداية، فتصريحات زوجة الأديب العالمى نجيب محفوظ قليلة للغاية، ولم نجد لها سوى تصريحات قليلة لإحدى الحوارات التي أجرتها إحدى الصحف معها منذ سنوات طويلة، كانت تتحدث فيها عن حياتها مع نجيب محفوظ، حيث قالت عن رواياته وقصصه إنها لم تجد نفسها في أية قصة لنجيب محفوظ، متابعة: “ملابسه أحيانا أختارها أنا له، وأحيانا يختارها هو، وكان يحب للغاية اللون الأخضر وهو لون صعب ونادر في ملابس الرجالي، إذا كانت ألوانه متناسقة اعرفي أنني اخترتها له، وإذا لم تكن، اعرفي أنني كنت مشغوله عنه”.
وكشفت أيضا عطية الله إبراهيم، عن لحظة معرفتها بفوز زوجها بجائزة نوبل، حيث قالت: “كنت متأكدة أنه سيفوز بها وكنت أنتظرها منذ سنوات، كنت أردد أمامه وأمام ابنتينا أنه سيحصل عليها، فكان يضحك بسخرية شديدة، ويقول لي “إنها مجرد أحلام تداعب أفكارك فلا يمكن لأديب في العالم العربي الحصول عليها” ودائمًا ما كان ينصحني بعدم ترديد هذا الكلام أمام البنات، لكن الحمد لله، لم يخيب الله سبحانه وتعالى ظنى، ويوم فوزه بالجائزة، كان جرس التليفون يضرب الساعة 2، وكان المتحدث محمد باشا من الأهرام، قالي مبروك لنجيب محفوظ حصل على جائزة نوبل، وأنا بصراحة لم أتمالك نفسي وجريت على نجيب وكان نائمًا، صحيته وقلت له مبروك أنت أخذت نوبل، فقال لي: كفاية أحنا في شهر أكتوبر خليها لكدبة إبريل، وأعطيته التليفون ليتأكد بنفسه، وكان أول كلام قاله لي بعد التليفون: “اتصرفي في قيمة الجائزة على كيفك”.
حاولنا التواصل مع أم كلثوم نجيب محفوظ، ابنة الأديب العالمى نجيب محفوظ لتحدثنا باستفاضة عن والدتها عطية الله إبراهيم، إلا أنها اعتذرت معللة ذلك بأنها نشرت للتو كتابا بعنوان “”أبي نجيب محفوظ”، وأنها لا يمكن أن تتحدث والكتاب يتم توزيعه الآن، إلا أنها رشحت بعض صديقات والدتها وعلى رأسهم الكاتبة الصحفية الكبيرة تهانى البرتقالى.
تهانى البرتقالى صديقة عطية الله إبراهيم: لم تكن تطرق الباب عليه حتى لا تقطع حبل أفكاره
بالفعل سعينا للتواصل مع الكاتبة تهانى البرتقالى والتي تعد من الصديقات المقربات لزوجة الأديب العالمى نجيب محفوظ، وبمجرد تواصلنا معها كانت حريصة على المشاركة في هذا الملف لتتحدث عن الكثير من كواليس حياة صديقتها عطية الله إبراهيم، وكان لنا هذا الحوار معها، وإلى نص الحوار..
كيف كانت كواليس زواج نجيب محفوظ بالسيدة عطية الله إبراهيم؟
السيدة عطية الله إبراهيم حكت لنا قصة نادرة عن قصة زواجها من الأديب نجيب محفوظ، حيث قالت إنها كانت تتواجد في بلاج في مصيف بالإسكندرية، وكانت تسير في البلاج فتعرضت بدخول مسمار في قدمها، وكان بجانبها صديقاتها، وكان هناك مجموعة شباب بينهم نجيب محفوظ أيضا يتواجدون بجانبها، وحينها أراد نجيب محفوظ أن يحبس الدماء التي تخرج من قدمها، وبالفعل تم إخراج المسمار، وأخذها نجيب وأصدقائه وصديقاتها البنات وأوصلوها للبيت، وحينها شكره والدها.
وماذا حدث بعد ذلك؟
عرف نجيب محفوظ منزل عطية الله إبراهيم ثم طلب من والدها الزواج منها وتم الزواج، وكنا نداعبها ونقول لها “قول لي لنجيب محفوظ مسمار حبنا”.
نجيب محفوظ تحدث عن زوجته وقال إنه كان يريد زوجة تفهم أننى لست كائنا اجتماعيا ولا أحب أن أزور أحدا أو أن يزورنى أحد.. كيف تحملت هذا الأمر؟
بالفعل.. عطية الله إبراهيم كانت لا تزعج زوجها على الإطلاق وتتركه يبدع في رواياته ولم يكن لديها أي مانع من أن تعيش معه وهو ليس شخصية اجتماعية، فلقد تعلمت العزلة والجلوس بمفردها أغلب الوقت، وهذا أتاح لها تربية بناتها تربية جيدة .
نجيب محفوظ تحدث عن أنه لم تنشأ قصة حب بينه وبين زوجته قبل الزواج.. هل هذا كان له انعكاس على حياتهما الزوجية؟
بالفعل نجيب محفوظ لم يتزوج عطية الله إبراهيم عن حب، ولكن عاشا في مودة وتراحم، وأنا لا أعلم درجة الحب بينهما بعد الزواج ولكن ما أعلمه جيدا أن البيت كان يسوده الرحمة والتراحم والسكون والهدوء والمودة وهذا كان أقوى من الحب، فعطية الله كانت سعيدة بالحياة مع نجيب محفوظ، وكذلك نجيب محفوظ كان سعيدا للغاية في الحياة معها وكان مستقرا وكان هناك تراحم كبير بينه وبين زوجته.
هل هناك موقف حكته لك تكشف عن كيف كانت تحرص على عدم إزعاجه وتشجيعه على كتابة رواياته؟
كانت تقول إنها لم تكن تطرق الباب عليه حتى لا تقطع حبل أفكاره عند قيامه بكتابة الروايات والكتب، وأنها إذا طرقت الباب من الممكن أن تتسبب في ضياع أفكاره وهذا أمر كان يغضبه كثيرا، وكانت تنتظر حتى يطرق هو الباب عليها ويدخل الغرفة أو المكان الذى تتواجد فيه.
هل كان نجيب محفوظ يستشيرها في بعض الكتابات والروايات التي يكتبها؟
عطية الله إبراهم كانت تقول لنا إنها كثيرا ما كانت تقرأ ما يكتبه زوجها، وتلفت نظره في أشياء كثيرة وتعطى له جمل كثيرة في بعض الروايات، ولكن هو لم يكن يستشيرها بشكل كبير في الكتب والروايات التي يكتبها.
وهل كان نجيب محفوظ يسمع لها ويستجيب لرأيها؟
ما فهمته من عطية الله إبراهيم أن زوجها كان يستشيرها في بعض الأشياء ويعرض عليها بعض الكتابات، وكان يسمع لها ويستجيب لمقترحاتها التي كانت تقولها له.
كاتب وروائى كبير مثل نجيب محفوظ لماذا لم يتزوج من كاتبة وروائية مثله وتزوج من عطية الله إبراهيم وما الذى شده إليها رغم أنه كان رافضا للزواج لفترة كبيرة ورفض مطالب والدته بالزواج؟
عطية الله إبراهيم كانت سيدة عاقلة للغاية وخلوقة وتسمع وتطيع زوجها في كل شيء، وردها دائما كان يتسم بالحكمة، وهذا النوع من النساء يعجب رجل عميق مثل نجيب محفوظ، تلك الشخصية العظيمة.
لماذا لم تفكر عطية الله إبراهيم أن تكتب روايات مثل زوجها الذى حصل على جائزة نوبل في الآدب؟
على ما أظن، أن العلم لديها لم يكن كثيرا مثل زوجها، هذا ما شعرته ولم أكن أسألها، فأنا لا أعرف مؤهلها الدراسى، ولم تكن تستطيع أن تجارى زوجها في الكتابة، لذلك هي حتى لم تفكر في كتابة مذكراتها مع زوجها، ولكن في ذات الوقت كان لديها عمق وحكمة.
هل كانت عطية الله إبراهيم بعيدة عن الإعلام بطلب من زوجها؟
ابتعاد عطية الله إبراهيم عن الإعلام ليس بطلب من نجيب محفوظ، ولكن كان لها حياة اجتماعية خاصة، ولكنها كانت تحضر المناسبات الاجتماعية، فقد كان سيدات مصر يعزمنها ويدعونها في الحفلات وأنا دعوتها في كل الحفلات التي نظمتها، وكانت تحضر، ولكنها هي مثل بناتها لا يردن الخروج للإعلام، فقد كان لديها تحفظ وخجل شديد من الإعلام.
ماذا حكت لك عطية الله إبراهيم عن محاولة اغتيال زوجها ؟
قالت لنا إنها كانت تجلس كثيرا مع نجيب محفوظ تتكلم معه وتواسيه بعد محاولة اغتياله، وتؤكد له أن هذا سببه النجاح الذى حققه لأنه صاحب مبدأ، وكانت تؤكد له أن الطوب لا يتم إلقاءه إلا على الشجرة المثمرة، وأنه لا يوجد شخص مثله وصل إلى أعلى مراكز الأدب وحصل على أفضل الجوائز، وكانت تكلمه كثيرا عن نفسه، وهو كان يستمع لها ويسعد كثيرا بهذا الكلام الذى خفف عنه المحنة.
وماذا عن دورها في بناء مسجد باسمه؟
بالفعل بعد وفاة نجيب محفوظ، أخرجت عطية الله إبراهيم كل مقتنياته الشخصية، وكانت تريد أن تضعها في متحف، وكانت تسعى لبناء مسجد يحمل اسمه، وطلبت منها أن تتحدث مع وزارة الأوقاف بشأن هذا الأمر ولكنها قالت لى إنها لا تحب أن تطلب شيئا من أحد، وكنت أرد عليها أن هذا نجيب محفوظ لابد أن يكون له مسجد باسمه، وأنها بمجرد أن تتحدث عن هذا الأمر مع أحد المسئولين سيتم الاستجابة لطلبها.
وماذا فعلت لتحقيق أمنية عطية الله إبراهيم؟
بالفعل.. اتصلت بصديق لنا في وزارة الأوقاف وأرسل هذا الصديق الرغبة لوزير الأوقاف الذى استجاب وتم افتتاح المسجد والإعلام علق على الافتتاح وظهرت صور عطية الله إبراهيم مع وزير الأوقاف حينها، وكانت في منتهى السعادة بهذا المسجد، وكانت تقول لى “أنا اليوم أنهيت رسالتى ناحية نجيب محفوظ، فلا يوجد أفضل من أن يتم بناء مسجد باسمه فسيكون هذا نور ورحمة له”.
يوسف القعيد: عطية الله مكنت نجيب محفوظ من عمل هذا الجهد العظيم
حرصنا أيضا على أن نتواصل مع أحد تلاميذ الأديب العالمى نجيب محفوظ، كي نتعمق أكثر في شخصية زوجته عطية الله إبراهيم، وكان من أقرب تلاميذه الروائى الكبير يوسف القعيد، الذى عايش نجيب محفوظ لفترة كبيرة، ويعلم الكثير عنه وعن حياته الأسرية، لذلك أجرينا معه حوارا مع “القعيد” عن حياة الأديب العالمى وزوجته، وإلى نص الحوار..
في البداية.. ماذا تعرف عن عطية الله إبراهيم؟
عطية الله إبراهيم زوجة نجيب محفوظ لم تكن أديبة أو من الوسط الأدبى، ولكنها ساعدت زوجها كثيرا في أن يصل لما وصل له من نجاحات كبيرة، فهى من هيأت له الأجواء كى ينجز مشروعه الروائى، ويتفرغ تماما للكتابة.
كيف ساعدته على الوصول لهذا النجاح؟
نجيب محفوظ كان يحرص دائما على الهدوء كى يتفرغ تماما لما يكتبه، فلم تكن زوجته تشغله بالأمور اليومية التي تشغل البيوت المصرية، فنجيب محفوظ كان يريد التفرغ التام للقراءة والكتابة، وكان يريد أن يكون هناك مسافة بينه وبين الواقع كى يبدع وهذا ما وفرته له زوجته.
هل كان نجيب محفوظ متفرغا للكتابة ولم يكن يقابل أحدا في منزله أو تستقبل زوجته أحدا كى تفرغه للكتابة؟
لا.. لم يحدث أن ذهب أحدا لمنزل نجيب محفوظ، ومنعته عطية الله إبراهيم من مقابلة زوجها، سواء أصدقائه أو أقاربه أو تلاميذه، بل دائما كان نجيب محفوظ يستقبلهم أفضل استقبال، فقد كان شهما وابن بلد، ويقف بجانب الجميع.
هل في إحدى المرات حدثك نجيب محفوظ عن زوجته؟
لم يسبق قط أن أجابنى نجيب محفوظ عن سؤال خاص بزوجته، بل أننى عندما اتفقت مع عطية الله إبراهيم على إجراء حديث معها، طلبت منى أن أحصل على رأي نجيب محفوظ أولا، وبالفعل طلبته منه وكان رده “أرجوك أنسى هذا الموضوع ولا تتكلم فيه مرة ثانية أبدا”، وبالفعل احترمت كلامه للغاية لأن هذه كانت رغبته وليس من حقى أبدا ألا ألتزم بما طلبه.
ما هي أبرز سمات زوجة نجيب محفوظ؟
عطية الله إبراهيم كانت إنسانة ودودة وجميلة الأخلاق، فعندما توفت زوجتى جاءت زوجة نجيب محفوظ العزاء ودهشت من حضورها للعزاء، خاصة أنها كانت قادمة من منزلها بالعجوز، وهى التي مكنت نجيب محفوظ من عمل هذا الجهد العظيم بتنظيم حياته وإبعاده عن مشكلات الحياة اليومية للأسرة والعائلة.
وماذا عن سمات نجيب محفوظ نفسه؟
كان شديد التواضع ويحرص على القراءة حتى لحظات عمره الأخيرة، كان مخلصا في الكتابة والقراءة، وكان شجاعا في قراراته، وكان يتمتع بالأدب الشديد والمثابرة، وكان ينوى كتابة تاريخ مصر عبر الروايات ولكن توقف واهتم بكتابة روايات معاصرة قامت بعمل فتح كبير للروايات العربية، ولم يكن لديه غرور المبدعين .
المصدر :” اليوم السابع