أفضلية الصحابة وخيريتهم
أثنى الله تعالى على الصحابة في كتابه العزيز، واصفا لهم أعمالهم وفضل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، وكذلك ما قاموا به من هجرة وجهاد وإنفاق في سبيل الله تعالى والذين آووا ونصروا وبايعوا تحت الشجرة وصدقوا ما عاهدوا الله عليه.
وفي سورة الفتح يأتي أجمل وصف للصحابة بقوله تعالى :(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ…)
وكذلك في سورة الحشر قال تعالى:(وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
خلاصة الأمر أن الله تعالى لم يصف الصحابة لذاتية فيهم أو لعصرهم أو لقرنهم أو لنسبهم أو عاداتهم، إنما وصفهم بأعمالهم وإيمانهم وأخلاقهم التي طبقوا فيها الوحي ونصروا رسول الله محمدأ صلى الله عليه وسلم واتبعوا أوامره في أعظم صفات لمجتمع فاضل.
بينما وعد الله تعالى المنافقين في ذلك العصر بأشد العذاب لحرصهم على تدمير رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، ومخالفة أوامر الله تعالى وتظاهرهم بالإسلام وإبطان الكفر وهم محيطون بالنبي صلى الله عليه وسلم وقد خفي بعضهم على النبي. (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ).
ثم بناء على هذه الصفات جاء البيان الإلهي شاملا وكاملا لكل عصر بأن الأجر والثناء على كل من اتبع هؤلاء الصحابة بإحسان، (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) وتبقى الخيرية قائمة في كل عصر طالما تمسك بهذه الصفات دون تخصيص عصر على عصر أو قرن دون قرن، قال تعالى {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) ويبقى الإيمان والعمل الصالح هو الحكم على الأمم بالخيرية، قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ).
فلا خصوصية مطلقة لأي عصر أو قرن إلا بما ناولوا من خير باتباع أوامر الله تعالى وكتابه العظيم، لذلك لم يأت مرة كلمة صحابة بالقرآن كتعريف لهم اصطلاحا كما هو عند أهل التخصص وإنما وصف أعمالهم.