أكد الشيخ خالد الجمل إمام وخطيب بوزارة الأوقاف على رؤية الكاتب والمفكر العربي علي محمد الشرفاء في مقاله ” العلاقة الزوجية أساسها المودة والرحمة.. والقوامة تكليف ” مشيرا إلى أن المراد بالقوامة هو القيام على أمر النساء بالحماية والرعاية وتلبية مطالب الحياة، وليس القهر والاستبداد بالرأي، وأن القوامة لا تزيد عن أن للرجل بحكم أعبائه الأساسية ومسؤولياته وبحكم تفرغه للسعي على أسرته والدفاع عنها والإنفاق عليها أن تكون له الكلمة الأخيرة بعد مشورة أهل بيته فيما يحقق المصلحة له ولأسرته.
وأضاف الجمل في تصريحات خاصة لـ “رسالة السلام ” أن القوامة تكليف وليست تشريف، وضابطها التعامل فى نطاق الأسرة بما يحقق السعادة لها فى حدود شرع الله ، وقوامة الرجل على المرأة ثابتة بنصوص الكتاب والسنة، وهي قوامة تكليف ومسؤولية أمام الله عز وجل، وليست لتشريف الرجل على المرأة، وهي أيضا للترتيب وتدبير أمور الأسرة، وليست للتسلط على المرأة وإذلالها.
وأوضح الجمل أن القوامة ليست حقا مطلقا للزوج بل هي حق في مقابل واجب وهو الإنفاق على الزوجة وأبنائهما، موضحا إذا امتنع الزوج عن الإنفاق فإن قوامته على زوجته تسقط، موضحا أنه ليس صحيحا أن أفضلية القوامة أفضلية تشريف، بل هي أفضلية اختيار للأنسب، مستدلا بقول أبي بكر الصديق: أيها الناس إني وليت عليكم ولست بخيركم، إذ أن الولاية ومنها القوامة لا تستلزم الأفضلية بمعنى الخيرية.
وإلى نص مقال الكاتب والمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي ” العلاقة الزوجية أساسها المودة والرحمة.. والقوامة تكليف”:
قال الله سبحانه وتعالى: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ” (الروم: 21) كيف تتوافق الرحمة مع ضرب الزوجة؟
وَأُحْضِرَتِ الْأَنفُسُ الشُّحَّ
وقال الله أيضًا: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ” (التغابن: 14)، وقال الله سبحانه: “وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا” (النساء: 128)، وقال الله سبحانه: “الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ” (النساء: 34).
معنى القوامة
التفضيل لا يعني التشريف، وإنما مقاصد الآية (التكليف) والقوامة وتحميل الرجل مسؤولية الرعاية للأسرة بما ينفقه من ماله لتأمين السكن الملائم، وتكاليف المعيشة ومتطلبات الزوجة والأولاد من علاج وكسوة وتلبية متطلبات الأبناء من تعليم وتوجيه لتربيتهم تربية صالحة.
وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ
واستكمالًا للآية الكريمة قول الله سبحانه: “وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا” (النساء: 34-35).
العلاقة الزوجية
فقد شرع الله سبحانه في الآية (128) من سورة النساء إذا خافت الزوجة من نشوز الزوج أو الإعراض عنها والامتناع عن أداء واجبات العلاقة الزوجية؛ فالله سبحانه يأمر كلا الزوجين في حالة نشوز أي منهما اتباع طريق الصُلح كما وصفه الله بالصلح خير.
الزوجة الناشز
لذلك واستنتاجًا من الآيتين (34-35) والآية (128) من سورة النساء؛ فالله يدعو الزوجين في حالة نشوز أي طرف إلى اتخاذ سبيل الصُلح لتعود العلاقة الحميمة الطبيعية بين الزوجين وتستقر الأسرة في أمن وسلام بعيدًا عن المشاحنات والنكد والتلاسُن، مما يؤدي إلى اهتزاز الاستقرار النفسي للأطفال وتأثيره على الصحة النفسية لهم، وما قد تشكّله من نتائج سلبية في سلوكيات الأبناء ومستقبلهم من إخفاقات وفشل في دراستهم وحياتهم.
مودة ورحمة
ولذلك فالتعامل مع الزوجة في حالة نشوزها بالضرب لا يمكن أن يتم تفسيره بالضرب المادي بأي وسيلة كانت، وقول الله سبحانه: “وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ”، فسر الفقهاء (واضربوهن) تفسيرًا قاسيًا بالضرب المادي لا يتفق مع دعوة الله للزوجين في الآيات المذكورة أعلاه باتخاذ طريق الصُلح بينهما أفضل السُبل لعودة العلاقة الطيبة بين الزوجين، إضافة إلى ما جعل الله بين الزوجين من مودة ورحمة.