اتفقت الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، مع مقترح “عقد النكاح ” للكاتب والمفكر العربي “علي محمد الشرفاء” ، مؤكدة أن ظاهرة الطلاق أصبحت تهدد أمن المجتمعات العربية، لذلك مقترح الشرفاء يسهم في الحد من زيادة قضايا الأحوال الشخصية في محاكم الأسرة.
وأشارت إلى زيادة نسب الطلاق بشكل كبير في الفترة الأخيرة، كل 6 دقائق تحدث حالة طلاق في مصر، وذلك بسبب تطلعات الشباب الكبيرة، خاصة الجانب المادي الذي يستحوذ على تفكير عدد كبير من الشباب، أيضا اتجاه الكثير من الأسر إلى تزويج بناتها في سن مبكرة “زواج القاصرات” وبمجرد أن تكبر تشعر بأن هذا الزواج لم يعد هو الاختيار الصحيح وبالتالي يزداد لديها الغضب وتصبح غير راضية عن عيشتها.
وأضافت أستاذ علم الاجتماع في تصريحات خاصة لـ “رسالة السلام” أن الرضا المجتمعي يلعب دورًا كبيرا في هذا، فقديما كانت الفتاة ترضى بحالها وتعيش وتصبر وتكافح مع زوجها بينما فتاة اليوم لم يكن لديها القدرة على تحمل المسئولية، ولا يوجد شيء يعجبها، لذلك لم يعد الترابط الأسري موجودا، خاصة دور الأب الذي تاه في زحمة الحياة، لافتة إلى اختلال المنظومة القيمية في المجتمع، فالجيل الحالي تربى على عدم تحمل المسئولية والاتكالية على الأب والأم ما ساهم بشكل سلبي في عدم تكوين شخصيات تستطيع أن تصمد أمام تحولات المجتمع.
وترى خضر أن حلول ظاهرة الطلاق في المجتمع المصري تتمثل في وحدة الإرشاد الأسري، موضحة أن الزواج يجب أن يقوم على قواعد وأصول ولا ينبغي أن يكون بغرض التملك أو التسلط أو إشباع الرغبة، مضيفة أن من أهم مقومات الزواج الناجح والذي لا ينتهي بالطلاق، هو تحقيق شرط الإيجاب والقبول بين الرجل والمرأة، وأن تكون صفات كل طرف محط إعجاب وتقدير من الطرف الآخر.
وأكدت خضر أن للحياة الزوجية عدة أركان منها السكن والمودة والرحمة، فالمودة هي أقوى هذه الأركان لأن كلا الطرفين يسعى من خلالها بالتودد للآخر، وتعتبر تأكيدا للحب، كما أن الاستقرار الزوجي يتطلب الاحترام والأمان والتقدير.
وبينت أستاذ علم الاجتماع أن ما يعرف بزواج الصالونات ليس بالزواج الفاشل كما يظنه البعض، وإنما قد يحالفه الكثير من التوفيق نظرا لاعتماده على التناسب والتفكير العام للأسرة، خلاف الزواج القائم على المعرفة السابقة والحب، فقد تغلب على البنت عاطفتها في اختيار شريك حياتها على حساب المصلحة العامة، محذرة من بعض الشخصيات حال الارتباط، ومنها الشخصية الشكاكة المتعالية سيئة الظن والشخصية الأنانية.
ونرصد ما تضمنه بنود عقد النكاح للكاتب والمفكر علي محمد الشرفاء في السطور التالية :
أولًا: اتفق الطرفان على أن يعقد الطرف الأول عقد النكاح على الطرف الثاني غايته إنشاء رابطة للحياة المشتركة، وبناء أسرة أساسها حياة كريمة بالمودة، والرحمة، والتربية السليمة للأبناء على الخلق والفضيلة والإيمان بالله ورسوله، والإخلاص والولاء للوطن.
ثانيًا: يلتزم الطرف الأول السيد/ ………. بتوفير السكن الملائم وكافة المتطلبات اللازمة للمعيشة وتحمل الالتزامات المالية، من حيث تأمين لوازم السكن، وتوفير متطلبات الإعاشة لهما، تمشيًا مع قول الله سبحانه (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّـهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ.) (النساء: 34)، والقوامة تعني تكليفا إلهيا للرجل لتحمل مسئولية الأسرة، والقيام بكافة واجباتها ومتطلباتها المعيشية، والصرف عليها من ماله لتأمين حياة كريمة لزوجته وأولاده.
ثالثًا: يلتزم الطرف الأول بالإنفاق على الأبناء وتوفير ما يحتاجونه من ملبس وإعاشة ورعاية طبية للمحافظة على بناء أسرة يسودها المودة والرحمة.
رابعًا: يلتزم الطرفان. السيد/ ….. والآنسة/ ……، باحترام كل طرف للطرف الآخر، وعدم إساءة أي طرف للإضرار بكل أنواع الإساءة، سواءً كان بالقهر أو النهر أو التهديد أو الضرب والتجريح لأسرة كل منهما بكل أنواع الإهانة أو السباب، تفاديًا لتأثير تلك الأحول على الأطفال وما تسببه من عُقَدٍ نفسية.
خامسًا: يلتزم الطرفان بعدم الانسياق وراء عواطفهما، أو الاستسلام لأية إغراءات عاطفية خارج نطاق الزوجية، واحترام العقد الذي بينهما، وأن يتقي الله كل منهما للمحافظة على استمرار الحياة الزوجية، واستكمال مسيرة الأسرة بالرعاية والمودة حفاظًا على سلامة الأسرة واستكمالًا لتربية الأبناء على الخلق القويم. والمنهاج الإلهي في القرآن الكريم وما يدعو إليه من صفات الكمال الرفيعة والشرف والأمانة وحماية حق الإنسان وغير ذلك مماورد في آيات القرآن من الأخلاق العظيمة والرحمة والإحسان.
سادسًا: يلتزم الطرفان بالمعاشرة بالمعروف والإحسان لبعضهما البعض، وأن يقيما حدود الله كما أمر، وأن يلتزم الطرف الأول بتوفير المتطلبات الخاصة للطرف الثاني من ملابس ومتعلقات تحتاجها المرأة في حياتها الاجتماعية.
سابعًا: يلتزم الطرفان باتباع أسلوب المودة والاحترام في الحوار بينهما، وعدم اللجوء للتحدي في القول، وأن يكتم كل منهما غيظه وأن يدفع كل منهما بالتي هي أحسن وتكون المعاملة بينهما بالمعروف والإحسان والعفو والتسامح والغفران حتى لا يحول بينهما الشيطان ويهدم بنيان الأسرة الذي تتطلبه ضرورات الحياة، من استمرارية العشرة وتربية الأطفال على أسس الفضيلة والأخلاق.
ثامنًا: يلتزم الطرف الثاني بالوفاء بالحقوق الزوجية للطرف الأول، واحترام مكانته في الأسرة، فهو القائم على رعاية الأبناء وحماية العائلة وطاعته بما لا يخالف شرع الله وتحقيق مصالح الأسرة,
تاسعًا: يلتزم الطرف الثاني بتلبية احتياجات الطرف الأول بالمحبة والاحترام والمعاشرة بالمعروف، وبما لا يتعارض مع حدود الله، وأن تجعل من نفسها سكنًا لزوجها وأن يجعل الزوج نفسه سكنا لزوجته كما قال تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)( الروم :21) فبالمودة والرحمة كل يراعي الآخر في الصحة والمرض في القوة والضعف والعناية كل بالآخر
عاشرًا: يلتزم الطرفان التزامًا كاملًا بأن يُكَوِنا شراكة دائمة بينهما تستهدف بناء أسرة على أسس سليمة، وأن تكون نيتهما في تأسيس حياة زوجية دائمة قائمة على المودة والرحمة والوفاء، وأن يُشْهِدَا الله على أنفسهما بتحقيق هذا الهدف السامي، وأن يُقِرّا بأن يحافظ كل منهما على استمرار الحياة الزوجية مسئولية عليهما في استمرار الأسرة وعدم تعرضها للتشرد والتمزق (لا سمح الله)
حادي عشر: يلتزم الطرفان بتجنب سوء الظن لكل منهما، وأن يعالجا سوء الفهم بالرحمة والمودة بالمعروف والإحسان، ليتجاوزا سوء الفهم حتى لا يتحول صعوبة التفاهم وينتج عنه سوء الفهم بينهما مما يشكل خطرًا يهز كيان الأسرة وينتج عن ذلك انفصالهما يؤدي لضياع الأطفال وتشردهم، وما قد يصيبهم من أمراض نفسية تؤدي بهم للهلاك، ويتحمل الطرفان كل النتائج السلبية التي ستترتب على الأبناء نتيجة لأنانية كل طرف واستحالة التفاهم بينهما.
ثاني عشر: يلتزم الطرف الأول بإعطاء الطرف الثاني كافة حقوقها من الصَدَاق المتفق عليه بينهما دون نقصان. وألَّا يأخذ منها ما وهبها إياه من مال وعقار وغيره في حالة اتفاقهما على إنهاء عقد النكاح بينهما، وفقا للتشريع الإلهي في قوله تعالى: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ)، ويتم تطبيق ذلك التشريع كما يلي:-
الطلقة الأولى: (إمساك بمعروف)، يلتزم الزوج في حالة استحالة العشرة بينهما، أن يبلغ زوجته بأنه ينوي إنهاء عقد النكاح بينهما، ويتم الانفصال خلال مدة أربعة أشهر مهلة، ليعيد الطرفان فيها تقدير الظروف وما قد يسببه الانفصال لهما وللأبناء، ولا يخرجها من البيت خلال المُهلة المقررة، تمشيًا مع قوله سبحانه:( لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا)، فإذا صلحت أحوالهما وعادت الحياة لطبيعتها قبل انتهاء المهلة، فعلى الطرف الأول أن يمسكها بالمعروف، ويعاشرها بالمودة والاِحترام والاالتزام بتنفيذ االتزاماته، وفق عقد النكاح، وتأدية واجبات الطرف الثاني لتستمر حياتهما مستقرة تحفهما المودة والرحمة، ليقوما بتربية أطفالهما تربية سليمة لِيُنْشِّئَا أفرادًا صالحين، يرعون والديهم ويخدمون وطنهم.
الطلقة الثانية: (تسريح بإحسان) في حالة اِنتهاء مدة العدة ولم يتحقق الصلح والوفاق بينهما، يتم إنهاء عقد النكاح وفق شروط التشريع الإلهي، كما يلي:-
(1) الالتزام بالتشريع الإلهي في قوله تعالى: (أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ.) (البقرة: 229) وقوله تعالى (فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا). (البقرة: 233). على أن يتم الانفصال بالتشاور والتراضي بين الطرفين.
(2) أن يلتزم الطرف الأول بقوله تعالى: (وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا ). (البقرة: 229). على أّلا يأخذ الطرف الأول بعد الاتفاق على الانفصال من الطرف الثاني أي شيء أعطاه له من مال وحُلي وعقار وغيره.
ثالث عشر: لا يتحقق الانفصال بينهما في حالة قول الطرف الأول للطرف الثاني (أنتِ طالق) شفاهة، ويعتبر هذا القول بمثابة لغو لا يترتب عليه انفصال، حيث بدر من الطرف الأول في حالة غضب أو إعياء أو في حالة نفسية أو مؤثرات تجارية، أو خسائر مادية أو أسباب خارجية عكرت مزاجه. وإذا كان الله سبحانه لا يؤاخذ عباده في اللغو بقوله تعالى: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّـهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّـهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ .) (المائدة: 89،) حيث وضع الله عقوبة لذلك بقوله تعالى في الآية السابقة: إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ
رابع عشر: بعد انتهاء مدة العدة ولم يحدث أي تطور للأحسن في العلاقة الزوجية بينهما، يتقدم الطرف الذي قرر الانفصال إلى مكتب رعاية الأسرة يطلب إنهاء عقد النكاح وفقًا لبنود العقد الموقعة من قبل الطرف الثاني، ويشرح فيه الأسباب والمبررات لإنهاء العقد بينهما، مع نسخة من كتاب الإنذار الذي تم توجيهه للطرف المعني ليقدم نصيحة للزوجين، لتحقيق الصلح بينهما أو للتصديق على إنهاء عقد الزواج بينهما، إذا لم يتوصلا إلى اتفاق بينهما على الانفصال بالتراضي والتشاور كما أمر الله سبحانه في التشريع الإلهي.
خامس عشر: يلتزم الطرف الأول في حالة المصادقة على الانفصال أو الطلاق بالنفقات المقررة في التشريع الإلهي على الأولاد في مدة الرضاعة ورعايتهم، كما يلتزم بمكافأة شهرية للزوجة بسبب انقطاعها وتفرغها لتربية الأولاد حتى بلوغهم سن الرشد، ويستمر في رعاية الأبناء والوفاء بمتطلبات رسوم الدراسة والملبس والرعاية الكاملة بهم.
سادس عشر: في حالة عزم الزوجين على الطلاق لابد من الاتفاق بينهما لمن تؤول الحضانة للوالدة أو الوالد فإذا تحدد من سيتولى منهم الحضانة فمن حق أي منهما رؤية أبنائه والاطمئنان عليهم ولا يحق لأي طرف منع الطرف الآخر من حقه رؤية أبنائه في ظل المودة والعلاقة الطيبة بينهما وتستمر تلك العلاقة بالإحسان والتراحم للمحافظة على رعاية أطفالهم والإشراف على متطلباتهم والتعامل بالحسنى بينهم.
سابع عشر: تستهدف الشريعة الإلهية من الآيات المتعلقة بشأن المحافظة على الأسرة وتطبيق المنهاج الإلهي في التعامل بين الزوجين تحقيق مصلحة متكاملة لصالح كل أفراد الأسرة وأن كل مقاصد الآيات في التشريعات أو المنهاج الرباني وضعهما الله سبحانه لمنفعة الإنسان مما يعني كل تشريع أو تعاقد يؤسس على العدل والرحمة لتحقيق السلام في الأسرة ما يعود ذلك على المجتمع من خير وسعادة وأمان.
الطرف الأول الطرف الثاني
( ) ( )
الشهود
الشاهد الأول الشاهد الثاني
( ) ( )