بعد عقود من الصراعات السياسية والاضطرابات الأمنية، أصبحت أفغانستان على شفا أزمة إنسانية، ربما تكون من بين الأسوأ في تاريخها، وذلك على ضوء تحذيرات منظمات إغاثية دولية، من أن نصف سكانها، أي ما يقارب 22 مليون نسمة، باتوا بصدد مواجهة انعدام الأمن الغذائي الحاد، خلال الشهور الثلاثة المقبلة.
وتشير المنظمات إلى أن موجة الجفاف الشديد التي ضربت أفغانستان مؤخراً، أدت إلى حدوث شُحٍ كبير في إمدادات الغذاء والماء والمواد الأساسية والحيوية، بما يضع ملايين الأفغان على مشارف مجاعة كارثية، وتتزامن مع توقعات، بأن يقع ما لا يقل عن 97 في المئة من سكان هذا البلد، في براثن الفقر، في غضون عام واحد لا أكثر. ووفقاً للعاملين في مجال الإغاثة، يزداد الوضع على الساحة الأفغانية تعقيداً، في ظل انهيار الاقتصاد المحلي، واستمرار تبعات موسم الشتاء الحالي قارس البرودة، وكذلك تأثيرات أزمة تفشي وباء كورونا، جنبا إلى جنب مع انعكاسات ظاهرة «التغير المناخي».
ويؤكد الخبراء في هذا المجال أن 12 مليون أفغاني، يعانون الآن بالفعل من الجوع الشديد، وأن كثيراً من الأطفال يلقون حتفهم جراء النقص الحاد في الغذاء، بما يجعل مواطني أفغانستان في سباق مع الزمن، لإنقاذ أرواحهم وأفراد أُسَرِهم، لا سيما مع تفاقم معدلات البطالة، وخروج أسعار المواد الغذائية عن نطاق السيطرة.
وفي ظل هذه الأزمة المتصاعدة، يُجبر أطفالٌ لا تتجاوز أعمارهم 5 سنوات، على العمل لساعات قد تزيد على الـ12 يومياً، لتوفير وجبة واحدة من الطعام لا أكثر لأُسَرِهم، وذلك حسبما أكدت جمعية «إنترناشيونال ليرنينج موفمينت» الخيرية، في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني.
وحذرت الجمعية، التي تعمل على الأرض بالفعل في أفغانستان، من أن هناك خطراً حقيقياً لحدوث مجاعة، خلال العام المقبل، حال عدم اتخاذ إجراءات عاجلة وفعلية، لتعزيز المساعدات المُقدمة للمواطنين، خاصة أن هناك أكثر من 3 ملايين أفغاني، باتوا على بعد خطوة واحدة تقريباً، من الوقوع فريسة لمثل هذه المجاعة.
وأشارت إلى أن هذه المساعدات، تتمثل في صورة وجبات غذائية، أو كميات من الملابس أو المحروقات، أو أدوات النظافة والمعدات التي يمكن أن يتم تخزين المياه فيها، وهو ما سيساعد النازحين الأفغان على وجه التحديد، على تجنب الإصابة بالأمراض، خلال إقامتهم في مراكز الإيواء، التي يلوذون بها خلال رحلة النزوح.