كشفت دراسة حديثة عن ارتباط محتمل بين سلالتين من بكتيريا الإشريكية القولونية، وارتفاع معدلات الإصابة بسرطانات القولون والمثانة والبروستاتا في البلدان الصناعية، مثل المملكة المتحدة.
وتشر نتائج الدراسة، التي نشرتها، الخميس، دورية The Lancet Microbe، إلى أن استهداف هذه السلالات بالعلاجات، أو اللقاحات قد يقلل من مخاطر الإصابة بهذه السرطانات.
ركَّز الباحثون، من معهد “ويلكوم سانجر” و”جامعة هلسنكي”، على سلالتين من بكتيريا الإشريكية القولونية تنتجان مادة تعرف باسم الكوليباكتين، ووُجد أن هذه المادة تسبب تلفاً في الحمض النووي للخلايا البشرية، وقد تم اكتشاف علامات هذا التلف في عينات أورام مرضى سرطان القولون.
سرطان القولون
ويتفاعل الكوليباكتين مع جزيئات الحمض النووي داخل الخلايا، ما يؤدي إلى تكوين روابط غير طبيعية، أو حدوث كسور مزدوجة في سلاسل الحمض النووي، وعندما يحاول الجسم إصلاح هذا الضرر، قد تحدث أخطاء أثناء عملية الإصلاح، مما يؤدي إلى طفرات في الحمض النووي، وهي المحفز الرئيسي لنمو الخلايا غير الطبيعي، وتطور السرطان.
ويتم إنتاج الكوليباكتين في الجهاز الهضمي بواسطة هذه السلالات البكتيرية، وعند إفرازه، يتم امتصاصه بواسطة الخلايا الموجودة في الأمعاء، إذ يبدأ بإحداث التلف مباشرة.
وفي الدراسة، التي أجريت على عينات من أورام مرضى سرطان القولون، تم العثور على نمط معين من تلف الحمض النووي، يتوافق مع الضرر الناتج عن الكوليباكتين، ما يُعد دليلاً قوياً على دوره في التسبب بالسرطان.
كما تُعد هذه السلالات مسؤولة أيضاً عن التهابات المسالك البولية، والتهابات مجرى الدم في الدول الصناعية، مما يبرز أهميتها كمسبب رئيسي للأمراض.
وقارن الباحثون معدلات الإصابة بالسرطانات مع بيانات المراقبة الجينية لسلالات الإشريكية القولونية في دول مثل المملكة المتحدة، والنرويج، وباكستان، وبنجلاديش.
الاستهلاك العالي للحوم الحمراء
وأظهرت النتائج أن السلالتين المنتجتين للكوليباكتين تنتشران بشكل أكبر في البلدان الصناعية، حيث ترتفع معدلات الإصابة بسرطانات القولون، والمثانة، والبروستاتا.
ولا يعرف الباحثون على وجه الدقة سبب انتشار تلك السلالات في البلدان الصناعية الكبرى، إلا أنهم يتوقعون أن الاستهلاك العالي للحوم الحمراء والمصنَّعة يزيد من تعرض القناة الهضمية للبكتيريا المنتجة للكوليباكتين، مما يخلق بيئة ملائمة لنموها.
استخدام المضادات الحيوية
كما يؤدي الاستخدام المكثف، وغير المنضبط، للمضادات الحيوية إلى قتل بعض السلالات البكتيرية المفيدة التي قد تكون قادرة على منافسة هذه السلالات، ما يمنحها ميزة للبقاء والانتشار.
على النقيض، كانت السلالات أقل شيوعاً في الدول ذات الموارد الأقل، مثل باكستان وبنجلاديش، حيث تنخفض معدلات الإصابة بهذه السرطانات.
وأوضح الباحثون أن استهداف هاتين السلالتين قد تكون له فوائد صحية كبيرة، وتشمل الخيارات المحتملة: تطوير لقاحات، أو منتجات علاجية تساعد في إزاحة هذه السلالات من الأمعاء البشرية، مما يقلل من تعرض السكان للكوليباكتين ويخفض خطر السرطان.
كما أن القضاء على هذه السلالات قد يقلل من عبء الالتهابات المرتبطة بها، مما يقلل من الحاجة إلى استخدام المضادات الحيوية، ويخفف من مخاطر مقاومة المضادات الحيوية.
ويرى الباحثون أن هذه الدراسة تقدم نظرة جديدة حول العلاقة بين الميكروبيوم البشري، والصحة العامة.
ويقول الباحثون إن فهم الكيفية التي تؤثر بها سلالات الإشريكية القولونية المختلفة على البشر يمنحنا صورة أوضح عن الأمراض، ويتيح لنا استكشاف طرق جديدة للوقاية والعلاج.
ويقول الباحثون إن التوسع في الأبحاث الجينية، وتعزيز التعاون بين خبراء السرطان والميكروبيوم قد يؤدي إلى ابتكارات صحية كبرى في المستقبل.
نقلاً عن الشرق