ربما كانت شخصية الحاكم بأمر الله واحدة من أغرب شخصيات حكام مصر على مر التاريخ، فله أحكام عجيبة فرضها على جموع الناس وله مواقف متناقضة لم تحدد إطاراً واضحاً لشخصيته التي احتار فيها المؤرخون، وحتى يومنا هذا يتندر المصريون على أي شخص يصدر قرارات غريبة وغير منطقية ويتعنت في تنفيذها ويصفونه بأنه “الحاكم بأمر الله”.
ومن بين أغرب النوادر التي تتواتر عن غرائب الأمور التي فرضها على المصريين آنذاك هي منعه أكل الملوخية والجرجير وبيع السمك من دون قشر، وقال بعض المؤرخين إنه ادعى الألوهية لكن آخرين نفوا عنه ذلك، وقال بعض إنه مصاب بجنون العظمة.
ويجد الناس اختلافات كبيرة ومتناقضات عدة عند الحديث عن سيرة الحاكم بأمر الله وتوصيف شخصيته، لكن الشيء الذي أجمع الناس واتفقوا عليه هو أنه واحد من أغرب الشخصيات التي حكمت مصر، وأن مسجده واحد من أجمل مباني القاهرة التاريخية.
شخصية الحاكم بأمر الله شديدة التناقضات، فهو ولد في مصر عكس أبيه الذي جاء لمصر صبياً في أوائل الشباب، فعاش الحاكم بأمر الله حياته كاملة بين المصريين وعرف طباعهم، وتولى تربيته معلمه أبو الفتوح برجوان الذي تنسب له حتى الآن حارة برجوان الشهيرة في القاهرة وتعاظم نفوذه في ذلك الوقت خصوصاً بعد تولي الحاكم بأمر لله الحكم في سن صغير، إذ حكم وعمره 11 سنة، لكن الحاكم بأمر الله قتل معلمه في مؤامرة دبرها له.
يشبه الحاكم بأمر الله عند سرد سيرته بما تحمله من أحداث وغرائب وطرائف أبطال الحكايات الشعبية المتداولة، أو ربما حكايات مثل ألف ليلة وليلة، وربما يشبه شخصية جحا ونوادره خصوصاً لما عرف عنه من امتطائه الحمار مع شكل وطبيعة الأزياء الفاطمية، فهو شخصية درامية وثرية في كل مراحل حياته، ويمكن القول إن جامعه يشبهه في ذلك بما مر عليه من أحداث .
وبجوار جامع الحاكم من الجهة الغربية مدفن بناه الحاكم لنفسه ولم يدفن فيه، وعرف في ما بعد بمدفن الساعي، وهو بناء متسع تعلوه قبة ومبخرة مرتفعة، وفيه شواهد على أسماء الموتى المدفونين هناك.
ومن بين غرائب الحاكم بأمر الله أيضاً قصة موته الغامض ونهاية حياته الدرامية، فقد ورد أنه خرج ليلاً ممتطياً حماره كما اشتهر عنه ولم يعد، وعندما شرع الجند في البحث عنه لم يجدوا سوى عباءته الملطخة بالدماء، ولم يعرف مكان لجثمانه أو أثر لقبره، وقد مات الحاكم بأمر الله في الـ 36 من عمره بعد أن حكم مصر 25 عاماً، وعلى مر العصور بقي سبب مقتله لغزاً وبقي القاتل غير معروف، وقد ذكر بعض المؤرخين أن أخته ست الملك هي التي أوعزت بقتله، ولكن لم يوجد على ذلك دليل قاطع، لتبقي نهاية الحاكم بأمر الله غريبة ومثيرة للجدل مثل صاحبها.