نشر موقع ” بيان ” الحلقة الثامنة من كتاب ” ومضات على الطريق ” للمفكر العربى على محمد الشرفاء الحمادى ، حيث استعرض الكاتب فى حلقات سابقة شرح تفصيلى للكتاب. الى نص المقال.
في الحلقة الثامنة من كتاب “ومضات علي الطريق العربي ” للمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، وهو عبارة عن دراسات ومشاريع وحلول لواقع المستقبل العربي في القرن الواحد والعشرين يطالب الكاتب في الجزء الثاني من الفصل الخامس الذي جاء بعنوان القمة العربية ومواجهة المستقبل ” وكان ذلك قبيل انعقاد قمة الدوحة الدول العربية ورؤساءها وحكامها وقادتها بوضع خطة مستقبلية، تستوعب كافة الطاقات الاقتصادية، وتوظفها توظيفا علميا سليما، وبنظرة شمولية، وحيادية إلى كافة قطاعات المجتمع، ومنوها إلي أننا انشغلنا في صراعات هامشية، وقضايا ثانوية لا تخدم مصالح شعوبنا، ولا مصالح أوطاننا؛ إنما – في حقيقة الأمر – تخدم مصالح القوى الأخرى.
مطالبا بإنشاء حلف عسكري عربي، يمكن بواسطته تفادي الكوارث التي أصابت العراق والكويت، وهذا الحلف ضرورة قومية لتوظيف كافة القدرات العسكرية المتوفرة في الدول العربية، ويكون صمام أمان يحمي حقوق الأمة العربية، ويضع لها مكانة في العالم يحسب لها حسابها، ويكون لها تأثيرها الايجابي؛ ووضع المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي مجموعة من التوصيات والمقترحات في ثنايا كتابه للقادة العرب للأخذ بها وإلي تفاصيل ما سطر الكاتب
القمة العربية ومواجهة المستقبل
رابعا: السوق العربية المشتركة:
1 تشكيل شركة عربية برأس مال لا يقل عن 5 مليارات دولار؛ تسهم فيها الحكومات العربية بنسبة %50، ورجال الأعمال في الدول العربية بنسبة %50.
- تكون مهمة الشركة كما يأتي:
أ. تنمية التبادل التجاري بين الدول العربية.
ب. بحث إمكانيات تأسيس المشروعات المشتركة في مختلف أوجه النشاط الاقتصادي، وتسهيل تدفق الأموال العربية.
ت. المساعدة في البحث عن أسواق جديدة لتصريف المنتجات المصنعة في الدول العربية.
ث. إعداد الدراسات، وتوفير البيانات، والمعلومات اللازمة المتعلقة بالأمور التجارية، والصناعية، والزراعية، والاستثمارية.
ج. تذليل الصعوبات الناجمة عن انتقال البضائع بين الدول العربية.
ح. دراسة فرص الاستثمار في الدول العربية، وتوجيه فوائض الأموال العربية للاستثمار في مشاريع البنية التحتية على نظام (البوت)؛ وهو الأمر الذي يحقق مردودا أعلى من مردود الاستثمار في خارج العالم العربي، بالإضافة إلى حل مشاكل البنية التحتية للدول العربية.
- تشكيل لجنة لإعداد مشروع إنشاء الشركة العربية للتسويق، يمثل فيها القطاع الحكومي والقطاع الخاص، وأن يتم إنشاء أربعة فروع لها، على أن يكون المركز الرئيسي مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية، وذلك لما للمملكة من مكانة اقتصادية وجغرافية مرموقة تؤهلها لذلك. أما الفروع فتكون في تونس في المغرب العربي، والقاهرة، وبيروت في المشرق العربي، ودبي في مجلس التعاون الخليجي.
هنا يتضح أنه لابد من وضع خطة مستقبلية، تستوعب كافة الطاقات الاقتصادية، وتوظفها توظيفا علميا سليما، و پنظرة شمولية، وحيادية إلى كافة قطاعات المجتمع، والذي في النهاية إما أن يكون مجتمعا فعالا لكل منهم دوره في التنمية، وإما أن يتحول إلى طاقات معطلة مهددة، ويتراجع التفكير الشمولي؛ ليصبح تفكيرا محدودا ضيقا، يكون محيطه دائرة الفرد، والأسرة فحسب، وهو الأمر الذي يؤدي إلى تفتت الجهد المشترك لمواجهة متطلبات التطور، وعندها تبدأ الكارثة.
فالغرب و غيرهم من الأمم يبحثون عن مصالحهم، مستخدمين كافة السبل والوسائل لتحقيقها، ونحن العرب من حقنا أيضا استخدام كافة السبل والوسائل بما نملك من ثروة و خبرة و علم؛ يجب أن تستثمر في تحقيق أهدافنا الوطنية فلسنا أقل من الدول المتقدمة؛ لكننا -وللأسف الشديد انشغلنا في صراعات هامشية، وقضايا ثانوية لا تخدم مصالح شعوبنا، ولا مصالح أوطاننا؛ إنما – في حقيقة الأمر – تخدم مصالح القوى الأخرى.
بينما نجد أن كافة المحاولات التي تبذلها الحكومات العربية مع بعضها بعقد اتفاقيات ثنائية تبقى في إطار التمنيات بدون أن يكون لها تأثير فعال على الواقع، إنما هي إطار عام للتعاون، يحتاج إلى آلية ذات فائدة تعود عليها من جراء جهدها، ونتائج مادية ملموسة تدفعها دائما إلى البحث عن أسس جديدة لزيادة مواردها، وذلك يشكل حافزا مهما لها للبحث الدءوب من أساليب مختلفة، وخطوات متتابعة؛ لتحقيق أهدافها في النمو.
إن ما يخيفني من معركة السلام، أن تستطيع إسرائيل بما لها من كفاءات وقدرات على المناورة والتخطيط – أن تقوم بتوظيف فائض الأموال العربية الخدمة مصالحها، وهو الأمر الذي يمكنها من السيطرة الاقتصادية، كما كان لها السيطرة العسكرية في السابق، و حينذاك ستكون لها الأمور ميسرة؛ حيث ستأخذ أشكالا مختلفة، ووسائل في ظاهرها البراءة، وفي باطنها السيطرة والاستغلال لأننا لم نصحو بعد، ولم ندرك أهمية التعاون، والتنسيق في تشکیل مستقبل العالم العربي.
خامسا: إنشاء الحلق العسكري العربي:
إن الأحداث والأخطار التي مرت على الوطن العربي، تمت مواجهتها على نحو منفرد، و حسب قدرات وإمكانيات كل دولة. كما أن ما واجهته الأمة العربية من تجاوزات خطيرة من قبل بعض الدول العربية – كما حدث أثناء غزو الكويت – كان يمكن تفادي نتائجها، وما ترتب عليها من تدمير دولة العراق، و قتل مئات الآلاف من أبنائه، و تشريد الملايين من مواطنيه لو تمكن العرب من إنشاء حلف عسكري عربي، يمكن بواسطته تفادي الكوارث التي أصابت العراق والكويت، و نتمكنت الدول العربية من حماية استقلالها وسيادتها.
ومن هذا المنطلق أصبح إنشاء هذا الحلف ضرورة قومية لتوظيف كافة القدرات العسكرية المتوفرة في الدول العربية، ويكون صمام أمان يحمي حقوق الأمة العربية، ويضع لها مكانة في العالم يحسب لها حسابها، ويكون لها تأثيرها الايجابي؛ حيث تتغير نظرة الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك الغرب وإسرائيل ؛ حينما يشعرون بأن الأمة العربية قادرة على الفعل، والحركة السريعة لحماية مصالحها؛ ومن ثم ستعيد تلك الدول تقييمها للوطن العربي، و ستتعامل مع دوله الند للند؛ وليس مجرد دول متشرذمة؛ كل منها يبحث بأنانية عن مصالحه، وليس لديه مانع بأن يضحي بأخيه في سبيل مصلحته.
لذا، ومن أجل مواجهة المستقبل، ومن أجل تحقيق أماني الأمة العربية وتأمين الثروات التي منحها الله لها؛ يتطلب الأمر إنشاء الحلف العسكري العربي، وتزويده بكل مقومات النجاح، ولكي يتحقق هذا الأمل يجب أن يتم تشكيل لجنة عليا لإعداد استراتيجية للمشروع تشكل من:
- رؤساء الأركان، والخبراء العسكريين من جمهورية مصر العربية والجمهورية السورية، والمملكة المغربية، والجمهورية اليمنية. ويعين الأمين العام للجامعة العربية خبيرا عسكريا يكون مقررا للجنة؛ وعلى اللجنة الرجوع إلى كافة قرارات القمم العربية السابقة؛ وأهمها اتفاقية الدفاع المشترك، ودراستها بدقة.
- تحدد اللجنة كيفية تخصيص التشكيلات العسكرية من كل دولة حسب قدراتها الدفاعية؛ لتكون البنية الأساسية للحلف، كما يتم تحديد مقر الحلف في إحدى الدول العربية.
- وضع النظم والإجراءات الكفيلة بتفعيل معاهدة الدفاع العربي المشترك والموقعة من قبل الدول العربية.
- تحقيق الاتصال بالقيادات العسكرية في الدول العربية، والقيام بالتنسيق فيما بينها، والتواصل المستمر؛ وذلك لتبادل الخبرات بين الدول.
- ترتيب التعاون بين القوات المسلحة في الدول العربية مع بعضهم؛ بواسطة إجراء المناورات السنوية ضمن برنامج معد لذلك، لكي يتمكن كل فريق من التعرف على نوعية السلاح عند الفريق الآخر، وتوحيد المصطلحات العسكرية، إلى أن يتم التوصل إلى تحقيق وحدة كاملة في النظم، والمعلومات، و أساليب القتال، و خوض المعارك.
لذا تتطلب المصلحة الوطنية، والقومية في الظروف الراهنة والحرجة – أن ترتفع كل القيادات فوق جراح الماضي، وأن تضع مصالح الأمة العربية، وشعوبها فوق كل الاعتبارات؛ لتحقيق مصالحة عربية -عربية، وأن تتناول كل دولة تنازلا متباد” للأخرى لدفن الماضي البغيض، ووأد الخلافات أيا كانت ؛ حتى لا تستغلها قوی البغي في النفاذ من هذه الثغرات؛ لمحاولة إملاء مفاهیم، ومعتقدات جديدة للسيطرة على أفكارناء ليسهل لها ترويضنا، والسيطرة على ثرواتنا، واستباحة أراضينا، واستعباد شعوبنا، وتوجيه مناهج التعليم، لقطع الصلة مع ديننا، وتراثنا، وقيمنا، وتاريخنا؛ بهدف أن يتماشى ذلك، وينسجم مع تخطيطهم الشرير؛ حتی تتحقق لهم السيطرة على العالم العربي.
إن الأمة العربية على ثقة بوعلی قیادتها، وإدراكهم لمسئولياتهم التاريخية لمواجهة المستقبل، مستعينين بالله – سبحانه وتعالى – وهما مر على الوطن العربي من كوارث ومصائب، كان سپها غياب نظام عربي موحد الصف والهدف، قادرا على مواجهة الأخطار؛ فلنجعل الماضي حافزا لمواجهة المستقبل، وأن تتم الإفادة من دروسه لتفادي الأخطاء وتجاوز المحن؛ لتضيء القيادات العربية نور الأمل لدى الشعوب العربية، وتضع حدا للابتزاز، والتشكيك في سلامة النوايا.
و الله تعالی پوفق المخلصين في تحقيق آمال الأمة العربية؛ مستعينين بقوله جل جلاله: «وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ» (التوبة/١٠٥).
صدق الله العظيم