طوَّر فريق من الأطباء والعلماء والمهندسين، في مستشفى “ماونت سيناي” الأميركية، خوارزمية تعلم عميق؛ للتعرف على الأوضاع الحركية للرضع في وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة، تعتمد على تحليل مقاطع الفيديو لرصد حركات الرضع بدقة، وتحديد مؤشرات عصبية مهمة.
وبحسب الدراسة، المنشورة في دورية eClinicalMedicine، التابعة لمجلة The Lancet، يمكن أن يكون هذا النظام بمثابة أداة غير جراحية، وواسعة النطاق، للمراقبة العصبية المستمرة في وحدات العناية المركزة، حيث يوفر رؤى فورية وحيوية لحالة الرضع الصحية، لم تكن ممكنة من قبل.
العناية المركزة للرضع
يحتاج أكثر من 300 ألف رضيع إلى وحدات العناية المركزة سنوياً في الولايات المتحدة، ويقول مؤلفو الدراسة إن الوعي لدى الرضع من أهم مؤشرات الفحص العصبي، إذ يعكس سلامة الجهاز العصبي المركزي ككل، فرغم أن تدهور الوضع العصبي يمكن أن يحدث فجأة، ويؤدي إلى عواقب وخيمة، إلا أن الرصد العصبي المستمر، مثل الذي يحدث للوظائف القلبية والتنفسية، كان غائباً بشكل كبير في وحدات العناية المركزة لحديثي الولادة، رغم العمل المستمر لعقود على تطبيق تقنيات تخطيط كهربية الدماغ، ووحدات العناية المركزة العصبية المتخصصة.
وفي العادة، يُجرى الفحص العصبي بشكل متقطع، مما قد يؤدي إلى فقدان التغيرات العصبية التدريجية التي يمكن أن تشير إلى مشكلات خطيرة.
استند فريق “ماونت سيناي” إلى فرضية أن استخدام الرؤية الحاسوبية لرصد حركات الرضيع يمكن أن يكون أداةً للتنبؤ بالتغيرات العصبية في وحدات العناية المركزة.
تعقب المعالم التشريحية
تعتمد تقنية “Pose AI” على تعقب المعالم التشريحية من بيانات الفيديو، والتي أحدثت ثورة في مجالات مثل الرياضة والروبوتات، ودرَّب الفريق خوارزمية الذكاء الاصطناعي على نحو 17 مليون ثانية من تسجيلات الفيديو لـ 115 رضيعاً في وحدة العناية المركزة في مستشفى “ماونت سيناي” الذين كانوا يخضعون لتخطيط كهربية الدماغ المستمر.
ونجحت التقنية في تعقب المعالم الحركية بدقة، وتوقع حالتين مهمتين؛ التخدير والاختلال الدماغي، بدقة عالية.
وقال المؤلف الرئيسي للدراسة، فيليكس ريختر، أستاذ طب حديثي الولادة في قسم طب الأطفال في “ماونت سيناي” إن الدراسة تؤكد أن تطبيق خوارزمية ذكاء اصطناعي على الكاميرات التي تراقب الرضع باستمرار في وحدة العناية المركزة “وسيلة فعالة للكشف المبكر عن التغيرات العصبية، مما يمكن أن يسمح بتدخلات أسرع ونتائج أفضل”.
وأبدى الفريق البحثي دهشته من أداء “Pose AI” الذي أثبت فعاليته تحت ظروف إضاءة مختلفة، سواء أثناء النهار، أو الليل أو في حالات الرضع الخاضعين للعلاج الضوئي، ومن زوايا تصوير مختلفة، كما لاحظ الفريق أن “مؤشر الحركة” الذي تنتجه التقنية يرتبط بالعمر الحملي، وعمر الرضيع بعد الولادة.
الذكاء الاصطناعي والرعاية السريرية
ويقول الباحثون إن هذه التقنية لا تهدف إلى استبدال التقييمات التي يجريها الأطباء والممرضون، بل تعمل على دعمها من خلال توفير قراءات مستمرة يمكن أن يُستفاد منها في سياق معين.
ويسعى الفريق لتطوير نظام تراقب فيه الكاميرات الرضع باستمرار في وحدات العناية المركزة، ويعمل فيه الذكاء الاصطناعي على إنتاج شريط لرصد الحالة العصبية، مماثل لتسجيلات معدل ضربات القلب والتنفس، مع التنبيه عند حدوث تغيرات في مستويات التخدير أو اختلالات دماغية.
ورغم النتائج الإيجابية، أشار الفريق إلى بعض القيود التي واجهتهم في الدراسة، إذ تم تدريب النماذج على بيانات مجمعة من مؤسسة واحدة، مما يعني ضرورة تقييم الخوارزمية على بيانات من مؤسسات أخرى وكاميرات مختلفة.
ويعتزم الفريق البحثي اختبار هذه التقنية في وحدات عناية مركزة أخرى، وتطوير تجارب سريرية لتقييم تأثيرها على الرعاية الصحية، كما يخطط الفريق لتوسيع نطاق استخدام التقنية لتشمل حالات عصبية أخرى وتطبيقها على فئات عمرية مختلفة، بما في ذلك البالغين.
ويقول الباحثون إن الأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي يمكن أن تُحدث فرقاً في الرعاية السريرية، إذ تسهم في تقليل مدة الإقامة، وتقليل عدد حالات إعادة الإدخال إلى المستشفى، وتساعد في تشخيص السرطان وتحديد العلاج المستهدف، وتقديم الرعاية في الوقت الفعلي بناءً على البيانات الفسيولوجية الناتجة عن الأجهزة القابلة للارتداء.
نقلاً عن الشرق