يتفق كتاب “فقه الثورة .. مراجعات في الفقه السياسي الإسلامي” للكاتب والعالم أحمد عبد السلام الريسوني عضو مؤسس ورئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، رئيس رابطة المستقبل الإسلامي بالمغرب. مع كتابات المفكر العربي على محمد الشرفاء الحمادي في مفهوم تقديس التراث وهدم الإسلام، وهو ما تناوله الكاتب فى كتابه حين قال ” تحدث كثيرون عن الفكر الديني السائد كأحد أسباب ذلك التراجع، بتقديسه وتنزيهه للتراث وتعامله بتفسير تآمري مع محاولات إخضاعه للنقد بنصوصه وشخوصه وأحداثه، وباحتكاره لفهم ذلك التراث وتقديم رواية واحدة عنه يصوَّر من يخالفها كمخالف للدين الذي عرفه الأولون” .
ويقول الكاتب في منهج التقديس “هذا لا يشكل خطراً على فهم الماضي فقط بل على التعامل مع قضايا الحاضر وبلوغ المستقبل، وهو ما يدفعنا للتساؤل: كيف يمكن أن يكون الإسلام صالحاً لكل زمان ومكان، كما نعتقد، ثم نتقيد بآراء واجتهادات زمان ومكان محددين؟
ويعتبر الكاتب احمد الريسوني أن المسلمين منذ لحظة وفاة الرسول دخلوا في صراع سياسي طويل قبل أن يبلوروا أية نظريات فقهية وبالتالي لم تكن نظريات ورؤى واجتهادات وممارسات المسلمين الأوائل ثمرة لأخلاقيات النص الديني ولا من صنع المجتهدين، وإنما مجرد تاريخ بشري دنيوي.
وأشار الفقيه المغربي أحمد الريسوني إلى إشكالية هامة في دراسة التراث، وهي المزج بين التاريخ والشرع، حيث يقول إن تاريخ المسلمين وممارساتهم اختلطت بالمرجعية والثقافة الإسلامية، ونتج عن ذلك الخلط أن معظم ما تضمنته كتب السياسة الشرعية تم تقديمه للجمهور على أنه “سياسة إسلامية”، في حين أن نصيب التاريخ وتأثيره فيها قد يكون أكبر من نصيب الشرع وأدلته، وبالتالي الإنتاج النظري والفقهي في قضايا مثل الخلافة والملك، أهل الحل والعقد، صلاحيات الإمام وحقوقه وطاعته، الشورى والبيعة، خلع الإمام وانخلاعه، نظام القضاء والحسبة، تدبير المالية العامة، ولاية العهد وإمامة المتغلب، هو تراث تاريخي لا يعكس سوى اشتباك العلماء والمفكرين مع قضايا واقعهم.
ويلفت أيضا إلى أزمة علاقة الإسلام بالحكم الناتجة عن التقيّد بكتابات الأقدمين، التي تعبّر، برأيه، عن واقع عصور من كتبوها، لا واقع المسلمين اليوم، ويقول إن “الذين لا يقبلون من الآراء والأفكار إلا ما يجدونه في كتاب قديم، يحكمون على الأمة بالبقاء حيث كانت منذ قرون، يتقدم الآخرون وتتخلف هي، والذين ينكرون الاجتهاد يخطئون الصحابة والتابعين الذين قبلوا كل جديد مفيد، ولو لم يكن لهم سابقة ولا عهد به”. عبر تقديس التراث الديني، يتم هدم الإسلام باسم الإسلام وهو الأمر الذي يطرح الكاتب به سؤالا كبيرا يتعلق بكيف يمكن أن يكون الإسلام صالحاً لكل زمان ومكان؟ كما نعتقد، ثم نتقيد بآراء واجتهادات زمان ومكان محددين؟ من أين أتى التقديس إذاً؟