الزكاة حق للفقير فرضه الله في مال الغني، لذلك ينبغي الاعتناء بأدائه للفقير بالصورة التي تحفظ له كرامته وتلبي حاجته، ولقد شرع الله سبحانه وتعالى لنا سبلاً نزكي بها أنفسنا، فيقول الله سبحانه وتعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)، «سورة النور: الآية 56»، ويقول عز وجل: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا…)، «سورة التوبة: الآية 103»، وقد شرعت الزكاة وجعلت فريضة من فرائض الله عز وجل، وركناً من أركان الإسلام، أوجبها الله تعالى لتحقيق معانٍ جليلة، وقيم أخلاقية رفيعة، فمن أداها طيبة بها نفسه، فقد ذاق طعم الإيمان، قال صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من فعلهن، فقد ذاق طعم الإيمان: من عبد الله عز وجل وحده بأنه لا إله إلا هو، وأعطى زكاة ماله، طيبة بها نفسه في كل عام…»، (سنن أبي داود، 1582).
وقال جل جلاله: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)، «سورة البقرة الآية 277».
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً رضي الله عنه إلى اليمن، فقال: «ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم»، (متفق عليه).
والزكاة نسبة محددة من المال تقدر بـ (2.5%) يخرجها المسلم الغني، وهو الذي يملك ملكاً تاماً زائداً عن حاجاته الأساسية نصاباً يقدر بنحو (85) جراماً من الذهب أو ما يعادلها، ويمضي على ملكه للنصاب عام قمري كامل، ولها تفاصيل وشروط يجب على المسلم سؤال أهل العلم عنها.
وحددت الآية الكريمة مصارف الزكاة في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾، «سورة التوبة: الآية 60».
كما نص الفقهاء أن المُزَكِّيَ لا يدفع زكاته إلى أصله وإن علا، أو إلى فرعه وإن سفل، أو إلى زوجته، وذلك لأن المنافع بينهم متصلة، وواجبٌ عليه نفقتهم، فلا يتحقق التمليك على الكمال، ويجوز له أن يدفع الزكاة إلى سوى هؤلاء من قرابته كالإخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات وأولاد كلٍّ إذا كانوا من الفقراء، بل الدفع إليهم أولى، لما فيه من الصلة مع الصدقة.
ويجوز صرف الزكاة لمن يملك أقل من النصاب وإن كان صحيحاً قادراً على الكسب، أمَّا من يملك نصاباً من أي مال كان فاضلاً عن حاجته الأصلية، وهي مسكنه وأثاثه وثيابه وخادمه إن كان من أهل ذلك ومركبه، فلا يجوز صرف الزكاة إليه.
ومن فوائد الزكاة: أنها تطهر النفس وتزكيها، قال الله سبحانه وتعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا…)، «سورة التوبة: الآية 103)، والزكاة سبب للبركة من الله تعالى، قال عز وجل: (… وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)، «سورة سبأ: الآية 39»، وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله: أنفق يا ابن آدم أنفق عليك»، (متفق عليه)، وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما نقصت صدقة من مال»، (صحيح مسلم، 2588).
والزكاة سبب لرحمة الله تعالى في الدنيا والآخرة، قال جلا جلاله: (… وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ)، «سورة الأعراف: الآية 156»، والزكاة تطفئ الخطايا، قال صلى الله عليه وسلم: «والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار»، (سنن الترمذي، 2616).
كما أن الزكاة سبب لدخول الجنة، والنجاة من حر يوم القيامة، قال صلى الله عليه وسلم: «كل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس»، (المستدرك على الصحيحين للحاكم، 1517).
وكما تبين فإن فوائد إخراج الزكاة أنها برهان على إيمان صاحبها وطهر نفسه، الزكاة تقرب الإنسان من ربه وتزيد من إيمانه، وتمحو الخطايا وترفع الدرجات، وفي الزكاة تطهير لباذلها من البخل والشح، وسبب لتنمية المال وتكثير بركته، الزكاة تحقق التكافل الاجتماعي بين الأفراد.
ويتم توزيع الزكاة على مستحقيها وفق مصارفها التي حددها القرآن الكريم بقوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)، «سورة التوبة: الآية 60».
وأنشأت دولة الإمارات العربية المتحدة مؤسسة صندوق الزكاة لتقوم بتسهيل أداء هذا الركن من أركان الإسلام، تأخذ الزكاة من الأغنياء وتقوم بتوزيعها على المصارف الشرعية المحددة.
جريدة الاتحاد الاماراتية