استقبل السودانيون عيد الفطر المبارك بمشاعر من الخوف والحزن والألم والغضب، في ظل معاناة كبيرة على جميع الأصعدة بسبب الصراع الدائر في بلادهم بين الجيش وقوات الدعم السريع، وعدم الالتزام بالهدنة الإنسانية، واستمرار القتال لليوم السابع من دون أمل في نهاية سريعة له.
وتجددت الاشتباكات العنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع في مناطق عدة بالعاصمة الخرطوم.
وأفاد شهود عيان بأن قصفاً عنيفاً شهدته مناطق عدة جنوبي الخرطوم فجر أمس، وأن مناطق عدة بمدينتي بحري وأم درمان شهدت اشتباكات بين الطرفين.
وقالت قوات الدعم السريع في بيان، إنه «في هذه اللحظة التي يستعد فيها السودانيون لاستقبال أول يوم من أيام عيد الفطر المبارك، تستفيق أحياء العاصمة الخرطوم على وقع قنابل الطائرات والمدافع الثقيلة».
من جانبها، قالت «لجنة أطباء السودان المركزية» في بيان أمس: «تعرضت مناطق متعددة بالخرطوم فجر عيد الفطر وما زالت للقصف والاشتباكات المتبادلة بين الجيش وقوات الدعم السريع مخلفة دماراً طال المباني والمنشآت والممتلكات العامة».
وناشد البيان، المدنيين بضرورة أخذ الحيطة والحذر والبقاء في منازلهم، والقوات المشتبكة بالتحلي بالمسؤولية والتوقف فوراً عن الاقتتال لحماية أرواح الأبرياء.
ومساء أمس، أعلن الجيش السوداني، موافقته على هدنة لمدة 3 أيام، وذلك بعد ساعات من إعلان قوات الدعم السريع موافقتها على هدنة.
وقال الجيش، في بيان: «وافقت القوات المسلحة على هدنة لمدة 3 أيام اعتباراً من الجمعة لتمكين المدنيين من الاحتفال بعيد الفطر وانسياب الخدمات الإنسانية، وتأمل القوات المسلحة أن تلتزم قوات الدعم السريع بكل متطلبات الهدنة ووقف أي تحركات عسكرية من شأنها عرقلتها».
وفي السياق، قال رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، أمس، إن بلاده «ستتجاوز هذه المحنة وتخرج منها أكثر قوة وتماسكاً». وأفاد البرهان في كلمة بمناسبة عيد الفطر: «تمر على السودان هذا العام مناسبة عيد الفطر المبارك والبلاد أصابها جرح بالغ الخطورة، حيث سقط القتلى والجرحى وتشردت الأسر ودمرت المنشآت والمنازل».وأضاف: «فالخراب والدمار وأصوات الرصاص ما تركت مجالاً لفرح يستحقه أهلنا في كل ربوع البلاد الحبيبة، فإننا لجد حزينين لهذا المآل».
ومضى البرهان قائلاً: «لكن يبقى الأمل الدائم في أننا مع شعبنا العظيم سنتجاوز هذه المحنة ونخرج منها أكثر وحدة وقوة وتماسكاً ويزداد هتافنا جيش واحد شعب واحد».
يأتي ذلك في وقت انطلقت دعوات لرفض الاقتتال، وقد تواصلت مساعي المبادرة الوطنية لوقف العدائيات للأغراض الإنسانية الملحة ومراعاة لظروف عيد الفطر مع قيادة الجيش و«الدعم السريع»، وحصلت على موافقة مبدئية من الطرفين لوقف العدائيات خلال أيام العيد.
وقالت المصادر لـ«الاتحاد» إن هذه توطئة لتقديم مبادرة شاملة تهدف إلى وقف شامل لإطلاق النار، واتخاذ الحوار سبيلاً لمعالجة القضايا والخلافات كافة.
وتقود المبادرة الوطنية شخصيات مؤثرة من قطاعات واتجاهات شتى، يتقدمهم عضو مجلس السيادة مالك عقار، وحاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، ونائب رئيس الحزب الاتحادي جعفر الصادق الميرغني، والدكتور جبريل إبراهيم وزير المالية، والدكتورة مريم الصادق، نائبة رئيس حزب الأمة، وآخرون. كما قالت القوى المدنية الموقعة على «الاتفاق الإطاري» إنها تقدمت بمقترح تفصيلي حول وقف المعارك لكل من قيادتي الجيش وقوات الدعم السريع، وإنها وجدت ترحيباً من الجانبين، وستواصل جهودها أملاً في إسكات صوت البنادق وترجيح كفة الخيارات السلمية التي تبعد السودان عن شبح الانهيار، وتحافظ على وحدة البلد وسيادته وأمنه وحريته.
ودعا بيان مشترك لـ10 من الكيانات النقابية، من بينها نقابة الصحفيين ونقابة المحامين والاتحاد العام للمهندسين واتحاد الكتاب ولجنة المعلمين والهيئة النقابية لأساتذة جامعة الخرطوم، إلى وقف إطلاق النار من الجانبين وتحكيم صوت العقل لمواجهة مخططات الخراب، ومنع زعزعة الاستقرار والعمل من أجل نزع فتيل الأزمة. وطرح بعضهم فكرة العصيان المدني والتظاهر وإقامة الحواجز في الشوارع والميادين العامة، إلا أن الكاتبة الصحفية رباح الصادق المهدي قالت لـ«الاتحاد» إن هذه الأساليب السلمية لن تجدي مع القوة العسكرية.
وأفادت منظمة الصحة العالمية، أمس، بأن الاشتباكات أدت إلى سقوط أكثر من 400 قتيل وأكثر من 3500 جريح.
وقالت مارغريت هاريس، المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، في مؤتمر صحافي دوري في جنيف، إنه «قتل 413 شخصاً وأصيب 3551 بجروح».
بدوره، قال المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف» جيمس إلدر، الذي شارك في المؤتمر الصحافي، إن «9 أطفال على الأقل قتلوا في المعارك وأصيب أكثر من 50 طفلاً بجروح».
المصدر: جريدة الاتحاد الاماراتية