تجددت الاشتباكات في العاصمة السودانية الخرطوم، أمس، وسط تدهور الوضع الإنساني والاقتصادي في البلاد، مصحوباً بانسداد الأفق السياسي، وغياب أي أفق لتهدئة النزاع الذي دخل أسبوعه الثامن، فيما يواصل الهلال الأحمر السوداني حصر ضحايا الحرب المسعورة.
المدنيون تحت القصف
وتفصيلاً، هزّ القصف الجوي والمدفعي الخرطوم، حيث أفاد شهود بتسجيل قصف بالطيران الحربي للجيش النظامي على مناطق جنوبي العاصمة، ردّت عليه نيران المضادات الأرضية من مناطق تسيطر عليها قوات الدعم السريع، وتحدث آخرون عن سماع أصوات «قصف مدفعي» في ضاحية أم درمان شمالي الخرطوم، وسقوط قذائف، ما أدى إلى «إصابات بين المدنيين».
وأوردت قناة «آر تي عربية» الروسية في تقرير لمراسلها بالخرطوم، أن الاشتباكات تجددت بشكل عنيف صباحاً بمنطقة أم درمان القديمة، حيث شهدت انفجارات عنيفة واستخداماً للأسلحة الثقيلة، وتبادلاً كثيفاً لإطلاق النار بين الطرفين.
ولفت المراسل إلى أن منطقة الاشتباك تشمل مجموعة من المواقع الاستراتيجية بما فيها الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون السوداني الرسمي، إلى جانب مباني رئاسة شرطة محلية أم درمان ومقر المحلية نفسها، كما أنها تعد منطقة متاخمة لعدد من المستشفيات والأحياء الحيوية المكتظة بالسكان وقربها من جسر «شمبات»، الذي تسيطر عليه قوات الدعم السريع.
وألمح المراسل إلى سماع دوي انفجارات متتالية وسط وجنوبي العاصمة، وتم تسجيل حركة تحليق لطيران الاستطلاع التابع للجيش السوداني في منطقة أم درمان.
اشتراطات الوساطة
وعلى المستوى السياسي، اشترطت الوساطة السعودية الأمريكية، الراعية لمحادثات أطراف القتال، استئناف عملية التفاوض بينهما بمدى توفر عوامل جدية الطرفين، وامتثالهما ببنود وقف إطلاق النار، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية لضحايا الحرب.
تدهور مستمر
وعلى المستوى الإنساني، يشهد الوضع المعيشي تدهوراً مستمراً بسبب نقص المواد الغذائية والاحتياجات الضرورية مع ندرة حادّة في الخبز، فيما لا يزال هناك ضعف في الخدمة الطبية والرعاية الصحية للمرضى، لاسيما أصحاب الأمراض المزمنة، الذين نفدت لديهم الأدوية اليومية، إلى جانب معاناة مرضى السرطان، وغسيل الكلى، التي تتفاقم يوماً بعد يوم.
وقال الهلال الأحمر السوداني في بيان، إنه منذ اندلاع المعارك، دفن متطوعون 102 جثة مجهولة الهوية في مقبرة الشقيلاب بالعاصمة، و78 في دارفور. وأضاف الهلال الأحمر، الذي يتلقى الدعم من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إن متطوعيه عانوا للتنقل في الشوارع لانتشال الجثث «بسبب القيود الأمنية».
كما أفاد سائقو حافلات تربط بين الخرطوم وولايات أخرى أن «السلطات تمنع منذ الأمس دخول العاصمة».
إجماع
في الأثناء، دعا مجلس الأمن الدولي، طرفي الصراع في السودان، إلى وقف الأعمال القتالية. وجاء في بيان صحافي، وافق عليه المجلس المكون من 15 عضواً في نيويورك، أن المجلس يعبر عن «القلق البالغ» إزاء الاشتباكات، وأدان جميع الهجمات على المدنيين وموظفي الأمم المتحدة والوكالات الإنسانية.
وذكر البيان أن المجلس «شدد على ضرورة قيام الجانبين بوقف الأعمال القتالية على الفور وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية ووضع ترتيب دائم لوقف إطلاق النار واستئناف العملية نحو التوصل إلى تسوية سياسية دائمة وشاملة وديمقراطية في السودان».
وقال البيان إن المجلس وافق على تمديد تفويض بعثة الأمم المتحدة المتكاملة للمساعدة الانتقالية في السودان، ولكن لمدة ستة أشهر فقط.
المصدر: جريدة البيان الاماراتية