لست متخصصا فى الإقتصاد ..
لكنى أرى أهمية توسيع وتعزيز وزيادة دور الدولة فى الإقتصاد .. خاصة فى المجالات الحيوية .. التى تمثل ركائز أساسية فى حياة المجتمع .. كصناعة الحديد والصلب .. وصناعة الأسمنت .. وصناعة السيارات .. وبعض الصناعات الغذائية الضرورية لحياة الناس ..
ربما تستخف من القول بأن الدولة مسئولة مسئولية أساسية عن توفير الفول والطعمية للناس بالأسعار المناسبة وبالجودة اللائقة بطعام الآدميين .. فول يزرع فى أرض مصر .. والحديث فى هذه النقطة يطول .. أنا لا أتحدث عن لحوم .. او جبنة شيدر .. أو حتى علبة زبادى .. لأن معظم الطبقة المتوسطة فى المجتمع أصبحت غير قادرة على شراء هذه الأنواع من الأطعمة ..
لابد أن تنتبه الحكومة إلى أن سعر سندوتش “الفول والطعمية” .. خط أحمر .. يمكن أن يؤثر على الأمن العام ..
الملاحظ الآن .. أن الفول الذى يأكله المصريون .. هو فى كثير من الحالات عبارة عن “حبة الفول الميتة” .. أى التى لم تكتمل النضج .. والمفروض أنها تستخدم كعلف للماشية .. لكن بائع الفول يشتريها لرخص ثمنها، ثم يخلطها ببعض الحبوب وكسر الخبز الردئ ويبيعها للناس .. كذلك تصنع منها الطعمية بعد خلطها بهذه المواد ..
حبة الفول المنتفخة الممتلئة النضج .. لم تعد متوفرة .. لأننا نستورد كميات كبيرة من الفول من الخارج .. والمستورد يفضل استيراد الأصناف الرديئة .. لأنها أقل سعرا وأكثر ربحا له .. هذا المستورد هو (القطاع الخاص) الذى يطالب بزيادة حصته فى الإقتصاد ..
لذلك ذكرت عاليه .. ضرورة زراعة الفول فى ارض مصر .. لأن تربتها تنتج أجود أنواع الفول فى العالم ..
وأى إدعاء من الحكومة غير ماذكرته يكذبه الواقع ..
وإذا كان ثمن سندوتش الفول أو الطعمية .. المعمول من فول هو أصلا يستخدم كعلف للماشية .. هذا السندوتش اصبح يباع الآن ب ٥ جنيهات .. على عربية الفول بالشارع .. لتأكله واقفا على قدميك .. وبأضعاف هذا السعر فى المطاعم .. فلابد ان تنتبه الحكومة أنها تسير نحو الخط الأحمر .. !!
———————-
أهمية امتلاك الدولة لصناعة الحديد والصلب .. وصناعة الأسمنت .. لضمان توفيرها للناس بأسعار معتدلة .. لا يقل أهمية عن رغيف العيش وسندوتش الفول .. لتشجيع الناس على البناء .. وشرح القصة يطول ..
المواطن المصرى .. أتحدث عن الأغلبية التى تشكل الطبقة المتوسطة والفقيرة .. يبيع مصاغ زوجته ، وبناته ، وقيراط أرض ورثه فى القرية .. من أجل بناء بيت صغير على مساحة فى حدود مائة متر تقريبا .. يجعل الطابق الأرضى فى هذا البيت الصغير .. عبارة عن مدخل وبجواره ٣ محلات .. هذه المحال الثلاثة هى فرص عمل وباب رزق لأولاده .. محل بقالة ومحل جزارة ومحل خردوات .. تغنى اولاده عن البحث عن فرص عمل فى المؤسسات الحكومية .. لا يحصل عليها الناس غالبا إلا ب “الواسطة” التى لا يقدر عليها ابناء الطبقة الفقيرة او المتوسطة ..
لذلك .. فإن توفير الحديد والأسمنت للناس بأسعار معتدلة .. هو ضرورة من ضرورات استمرار الحياة بكرامة ..!
———————-
فى مجال صناعة السيارات ..فضلت الدولة الحصول على الجمارك على السيارات المستوردة او التى يتم تجميعها فى مصر بعد استيراد مكوناتها من الخارج .. لأن فلوس الجمارك سهلة وكثيرة وتدخل فى الموازنة العامة ..
بذلك أصبح الشعب المصرى يدفع من أمواله كل عام .. مبالغ طائلة .. عشرات المليارات من الدولارات .. لتشغيل مصانع السيارات فى كوريا الجنوبية والصين واليابان وفرنسا وألمانيا وتركيا والمغرب .. وتشغيل الأيدى العاملة فى هذه الدول .. فى المقابل انتهت صناعة السيارات فى مصر .. للأسف .. !!
تذكروا أن أخر سعر كانت تباع به السيارة نصر ١٢٨ لم يزذ عن ٣٥ ألف جنيه .. صناعة مصرية فى مصنع مصرى بأيد مصرية .. كان ابناء الطبقة المتوسطة يستطيعون شرائها بسهولة ..!!
فكم يبلغ الآن سعر سيارة الركوب المماثلة للسيارة نصر ١٢٨ ..؟
————————–
بالنسبة لشعار تشجيع الإستثمار الأجنبى .. الذى تتحدث عنه الحكومة دائما .. كأنه تعليمات نزلت بها الملائكة من السماء .. ومن يخالفها فقد كفر ..!!
لابد ان يدرك كل عاقل أن المستثمر الأجنبى لا يأتى إلى مصر لتحسين الوضع الإقتصادى بها ، ورفع مستوى معيشة المصريين ، ونشر الرفاهية والرخاء فى ربوع مصر .. وإنما جاء لتحقيق مكاسب مالية له .. وإحيانا جاء لإقامة مصنع رفضت سلطات بلاده إقامته على أرضها لأنه ينشر السموم ويلوث البيئة .. مثل مصنع أسود الكربون المقام بالقرب من مدينة الأسكندرية لمستثمر هندى .. رفضت الهند السماح له بإقامة المصنع على أرضها .. فجاء هذا المستثمر إلى مصر فى التسعينيات من القرن الماضى .. وبدأ فى الإنتاج .. ثم قام بتوسعة المصنع المبنى على ارض زراعية .. وأخذ ينشر السموم فى مصر منذ أكثر من ربع قرن ..
د. مهاتير محمد .. الذى التقيت به عدة مرات .. وتشرفت بدعمه لى فى تأليف كتابى : ” د. مهاتير قال لى : اليهود يحكمون العالم” .. وتلقيت منه رسائل خطية .. كان يطلق على المستثمرين الأجانب تعبير : “المفترسون الأجانب” .. وكان يسخر كثيرا من فكرة “العولمة” .. ويرد بعنف على المروجين لها .. كان يرى دائما أن التنمية يجب أن تعتمد فى الأساس على العنصر البشرى ، والموارد الذاتية للدولة ..
أنا أتفق مع هذا الرأى تماما .. لا أشجع الإستثمار الأجتبى .. وأرى ان مدخرات المصريين فى البنوك المصرية .. وتحويلاتهم لنا من الخارج .. ودخل مصر من السياحة ومن قناة السويس .. هى كافية جدا لتحقيق التنمية التى نتمناها لشعبنا .. ولسنا فى حاجة ابدا للمستثمرين الأجانب ..
اطردوا المستثمرين الأجانب من مصر ..
كما طرد الرئيس السادات المستشارين العسكريين الروس سنة ١٩٧٢ ..
ننتصر فى معركة التنمية .. كما سبق وانتصرنا فى معركة اكتوبر ١٩٧٣ ..
مع وافر التحية والإحترام .. وكل عام وسيادتكم بألف خير .
السيد هانى
نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية
الكاتب المتخصص فى الشئون الدولية
عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية