قالت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي ومحافظ مصر لدى مجموعة البنك الدولي، إن مصر ترتبط بعلاقات تاريخية وثيقة مع البنك الدولي يتم البناء عليها عاما تلو الآخر، حيث تعتبر إحدى الدول المؤسسة للبنك منذ عام 1945، وعلى مدار عقود تطورت علاقات التعاون الإنمائي بين مصر ومجموعة البنك الدولي وتنامت حتى أصبح البنك الدولي أحد أهم شركاء التنمية متعددي الأطراف لدى مصر، فضلا عن مساهمته بشكل دائم وفعال في دعم الأولويات الوطنية التنموية في مختلف المجالات.
جاء ذلك خلال كلمتها التي ألقتها في حفل إطلاق إطار الشراكة الاستراتيجية بين مصر والبنك الدولي 2023-2027، والذي شهده السيد الدكتور مصطفى مدبولي، دولة رئيس مجلس الوزراء، وشارك في الحدث وزراء البترول والثروة المعدنية، والمالية، والتخطيط والتنمية الاقتصادية، والنقل، والتموين والتجارة الداخلية، والبيئة، والتضامن الاجتماعي، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والموارد المائية والري، والتجارة والصناعة، والقوى العاملة، والتنمية المحلية، والبترول والثروة المعدنية، والصحة والسكان، والعدل.
إلى جانب مسئولي البنك الدولي السيد فريد بلحاج، نائب رئيس البنك الدولي لشئون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والسيد ستيفان كوبريليه مدير الاستراتيجية والعمليات بمكتب نائب رئيس البنك الدولي شئون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والسيدة مارينا ويس، المدير الإقليمي لمصر واليمن وجيبوتي بالبنك الدولي، والسيد شيخ عمر سيلا، المدير الإقليمي لمنطقة شمال أفريقيا والقرن الأفريقي بمؤسسة التمويل الدولية، والسيد نادر محمد، المدير الإقليمي للنمو العادل والتمويل والمؤسسات بالبنك الدولي، فضلا عن 200 من ممثلي الجهات الوطنية المعنية وأعضاء مجلسي النواب والشيوخ ورؤساء الهيئات الاقتصادية ومنظمات المجتمع المدني.
وأوضحت وزيرة التعاون الدولي، أن البنك الدولي منذ بداية علاقته مع مصر ساهم في تمويل أكثر من 175 مشروعا بالمحافظات المصرية المختلفة بقيم تتخطى 25 مليار دولار، لافتة إلى أن العلاقات المشتركة لا تقتصر فقط على التعاون الإنمائي، لكن هناك القامات والخبرات المصرية التي أثرت عمل البنك الدولي منذ تأسيسه لدعم جهود التنمية على المستويين الدولي والإقليمي، وشغلوا مناصب رفيعة المستوى بالبنك والجهات التابعة له، وشاركوا بشكل مباشر في تطوير مجموعة البنك الدولي من الناحية المؤسسية والتنفيذية، ولعل أبرز تلك الأسماء هو المفكر المصري والفقيه القانوني والاقتصادي العلامة الدكتور إبراهيم شحاتة، والذي تقلد منصب النائب الأول لرئيس البنك الدولي من عام 1983 وحتى عام 1998.
وأوضحت “المشاط”، أن الجهود المُشتركة بين مصر ومجموعة البنك الدولي تمضي قدمًا حتى اليوم، حيث تُشارك مصر بفعالية في صياغة خارطة الطريق إلى المستقبل لتحفيز وتطوير نشاط مجموعة البنك الدولي لبناء القدرة على الصمود و دعم جهود التنمية والنمو من أجل وضع حلول أكثر فاعلية لإنهاء الفقر المدقع، وتعزيز الرخاء المشترك من خلال تعزيز التنمية المستدامة والمرنة والشاملة، وبما يتماشي مع رسالة البنك الرئيسية، وتتزامن تلك الجهود مع تعيين السيد / أجاي بانجا، الرئيس الجديد لمجموعة البنك الدولي.
ووجهت وزيرة التعاون الدولي، تهنئة للرئيس الجديد لمجموعة البنك الدولي، مؤكدة دعم مصر لمهمته الجديدة، مع أهمية التأكيد علي ضرورة تعزيز دور مجموعة البنك الدولي لمعالجة التحديات المتنامية والمتسارعة التي تواجه الدول متوسطة الدخل و تخفيف الأعباء علي الدول النامية والأقل نمواً .
*إطار الشراكة الاستراتيجية بين مصر والبنك الدولي*
ونوهت وزيرة التعاون الدولي، بأن إطار الشراكة الاستراتيجية مع مجموعة البنك الدولي، يمثل قيمة جديدة لإرساء سبل التعاون التنموي خلال الخمس سنوات المقبلة، بالتوافق مع الأولويات الوطنية الممثلة في رؤية مصر 2030، وبرنامج عمل الحكومة (مصر تنطلق)، والبرنامج الوطني للإصلاح الهيكلي، واستراتيجية تغير المناخ 2050، برنامج تنمية الأسرة المصرية والاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية، إلى جانب المبادرات الرئاسية وعلى رأسها مبادرة “حياة كريمة”، لتحقيق التنمية المستدامة والشاملة والقادرة على الصمود أمام الأزمات والتحديات المختلفة، وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين، بما في ذلك المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء، وتسريع وتيرة التعافي والبناء بشكل أفضل بعد وباء كوفيد-19، والتغلب على تداعيات الأزمة الروسية-الأوكرانية وغيرها من التحديات المتعاقبة.
ونوهت بأن إطار الشراكة الجديد يضع المواطن محور الاهتمام عبر السعي لتحقيق 3 أهداف رئيسية هي (أولاً) زيادة فرص العمل اللائقة بالقطاع الخاص من خلال خلق ودعم بيئة تمكينية للاستثمارات التي يقودها القطاع، مما ينعكس بشكل إيجابي على توافر الفرص المناسبة والمستدامة لقوى عاملة تنافسية وممكنة وقادرة على التأقلم مع متطلبات الثورة الصناعية الرابعة. (ثانياً)، تعزيز الاستثمار في القدرات البشرية وتحسين مخرجات رأس المال البشري في جميع المحافظات من خلال دعم وتوفير خدمات مميزة دون تمييز بالقطاعات المختلفة، مثل الصحة، والتعليم، والنقل، والإسكان، بالإضافة إلى إتاحة برامج حماية اجتماعية فعالة وشاملة ومنصفة؛ (ثالثًا)، يسعى إطار الشراكة إلى تعزيز القدرة على الصمود في مواجهة الصدمات من خلال تحسين إدارة الاقتصاد الكلي وتعزيز قدرات التكيف مع التغيرات المناخية، موضحة أن الإطار يشتمل على محورين مترابطين لدعم تلك الأهداف وهما تمكين المرأة والفتيات وتعزيز الحوكمة التشاركية والشفافية.
*مشاركة الأطراف ذات الصلة*
وأكدت “المشاط”، أن وزارة التعاون الدولي كانت حريصة أثناء الإعداد للإطار الجديد، على تعزيز مشاركة الجهات الوطنية المختلفة بالإضافة إلى الأطراف ذات الصلة من القطاع الخاص، والمجتمع المدني، والأكاديميين وأصحاب الفكر، في بلورة وإعداد الاستراتيجية القطرية بالتعاون مع الفريق الفني لمجموعة البنك الدولي، وكان ذلك بهدف تعظيم الملكية الوطنية والمسئولية المشتركة لجميع الأطراف، كما أنه تم الأخذ في الاعتبار نتائج وتوصيات أعمال التقييم والمتابعة للبرامج والمشروعات التي تم تنفيذها في اطار الاستراتيجية السابقة ، وكل ذلك إعمالا بمباديء الشراكة العالمية من أجل التعاون الإنمائي الفعال GPEDC والتي تستند الي المحاور التالية: ملكية الدولة وأولوياتها، التركيز علي النتائج، الشراكات الشاملة، الشفافية والمساءلة المتبادلة .
*الشراكات الجارية*
واستعرضت وزيرة التعاون الدولي، محفظة التعاون الإنمائي الجارية مع مجموعة البنك الدولي، والتي تضم 15مشروعا في مختلف القطاعات منها التعليم، والصحة، والنقل، والتكافل الاجتماعي، والبترول، والإسكان، والصرف الصحي، والامن الغذائي، والتنمية المحلية، والبيئة، بقيمة إجمالية تبلغ حوالي 7 مليار دولار، إلى جانب 23 مشروعًا للدعم الفني والاستشاري وبناء القدرات.
وتطرقت إلى بعض الأمثلة للمشروعات المنفذة والتي كان لها أثرًا بالغًا في جهود التنمية، من بينها مشروع توصيل الغاز الطبيعي للمنازل والذي ساهم مباشرة في مد شبكة الغاز الطبيعي لأكثر من ١١ محافظة علي مستوي الجمهورية واستفادت منه أكثر من ١٥ مليون وحدة سكنية، إلى جانب برنامج تعزيز شبكة الحماية الاجتماعية (تكافل وكرامة)، ومشروع الإسكان الاجتماعي ، ومشروع تطوير خدمات الصرف الصحي بالمناطق الريفية ، ومشروع تعزيز سلامة السكك الحديدية وتحسين مستوى الخدمة، بالإضافة إلى مشروع دعم التنمية المحلية في صعيد مصر ، وبرنامج تطوير النظام الصحي في مصر ، وبرنامج تمويل إطار سياسات التنمية ، ومشروع نظام التأمين الصحي الشامل، وغيرها من المشروعات.
*تعزيز مشاركة القطاع الخاص*
وتناولت كلمة وزيرة التعاون الدولي، التركيز على الدور الذي تقوم به مجموعة البنك الدولي، لتنمية القطاع الخاص وتعزيز دوره في الاقتصاد، وخلق بيئة تحفيزية تمكنه من المشاركة الفعالة في سياق تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة، مضيفة أن المحفظة الاستثمارية لمؤسسة التمويل الدولية IFC، وهي ذراع البنك الدولي لتمويل القطاع الخاص، تبلغ حوالي 1.3 مليار دولار في العديد من القطاعات ذات الأولوية، مثل الطاقة المتجددة، والإنشاءات، والقطاع المالي، والصناعة، والتعليم، والصحة.
كما بلغت محفظة ضمانات الوكالة الدولية لضمان الاستثمار (ميجا) للقطاع الخاص نحو480 مليون دولار ومن بينها ما تم مؤخرا من ضمانات لدعم استثمارات شركة سكاتك العالمية لتنفيذ عدة مشروعات الطاقة المتجددة في مصر.
وتابعت: في سياق حرص وزارة التعاون الدولي على تحقيق الأهداف الوطنية الخاصة بخلق ودعم مجتمع العلم والمعرفة، شاركت الوزارة، بالتعاون مع كافة الجهات الوطنية المعنية، في إطلاق مجموعة البنك الدولي للعديد من التقارير التشخيصية مثل التقرير التشخيصي الخاص بالاقتصاد المصري SCD ، تقرير تشخيص القطاع الخاص في مصر عام 2020، وتقرير مراجعة الإنفاق العام في مصر لقطاعات التنمية البشرية عام 2022 ، كما قام البنك الدولي بإطلاق التقرير الديموغرافي بالتعاون مع الحكومة المصرية عام 2022.
*التعاون المشترك خلال مؤتمر المناخ COP27*
وانتقلت وزيرة التعاون الدولي، للحديث حول الشراكات مع البنك الدولي خلال مؤتمر المناخ، منوهة بأنه خلال رئاسة مصر لمؤتمر المناخ COP27 بمدينة شرم الشيخ، تم اطلاق تقرير المناخ والتنمية الخاص بمصر (CCDR)، حيث يشير التقرير إلى سلسلة من الإجراءات على مستوى السياسات وتوفير فرص الاستثمار التي يمكن، إذا تم تنفيذها في غضون 5 سنوات، أن تؤدي إلى زيادة كفاءة استخدام الموارد الطبيعية، والحد من آثار تغير المناخ، وتعزيز قدرة مصر على المنافسة في الأسواق العالمية.
كما أن مجموعة البنك الدولي تساهم بجانب شركاء التنمية في دعم عدد من المبادرات الرئاسية التي تم اطلاقها علي المستوي الدولي مثل دليل شرم الشيخ للتمويل العادل بهدف ضمان التوازن بين المسئولية التاريخية الخاصة بالتعهدات لزيادة التمويلات الموجههة لعمل المناخ ، وضمان الوصول العادل الي التمويلات التي تراعي مطالب واحتياجات الدول، إلى جانب المشاركة والتعاون في إطار المنصة الوطنية المصرية لبرنامج نُوَفِّي ، كأول منصة تتبناها الحكومة المصرية في سياق تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050 وتلقي هذه المبادرة الرئاسية دعما دوليا لدورها الفعال في جذب التمويلات الإنمائية وأدوات التمويل المختلط المحفزة لمشاركة القطاع الخاص في مشروعات عمل المناخ.
وشددت وزيرة التعاون الدولي ومحافظ مصر لدى مجموعة البنك الدولي، على توافق استراتيجية التعاون الانمائي بين جمهورية مصر العربية ومجموعة البنك الدولي مع الأهداف والأولويات الوطنية، والحرص على البناء على ما تم تحقيقه من إنجازات خلال الفترة الماضية انطلاقًا من الإصلاحات الاقتصادية والمشروعات القومية التي تم تنفيذها منذ عام 2016، بالإضافة إلى ما أقرته الحكومة من إصلاحات هيكلية وتشريعية حفزت دور القطاع الخاص في التنمية ومكنت مؤسسات التمويل الدولية من المساهمة بدور أكبر في تمويل القطاع الخاص ونتج عنها تنمية الاقتصاد الوطني وتعزيز النمو الشامل والمستدام.
كما أن وزارة التعاون الدولي تحرص دائما على أن يتم صياغة الاستراتيجيات بين مصر وشركاء التنمية الثنائيين ومتعددي الأطراف وفقًا لمنهجًا تشاركيًا وشفافًا يعكس قيم التكامل والملكية الوطنية والمسئولية المشتركة، موضحة أن قيمة التعاون الدولي والتمويل الإنمائي تتمثل فيما تبقيه من أثر واضح العيان لما يؤَسّس ويبذل من جهود لبناء الانسان، وإعمار الأرض، والاستثمار لتحقيق حياة تكفل العيش بكرامة .