أشاد اللواء عادل العمدة المستشار بالأكاديمية العسكرية المصرية، بمقال الكاتب والمفكر العربي علي محمد الشرفاء ” شهادة للتاريخ حول دعم الشيخ زايد لمصر في حرب أكتوبر المجيدة”، مشيرا إلى أن مصر انتصرت في حرب السادس من أكتوبر عام 1973 بدعم كبير من العرب حتى ظلت هذه الحرب رمزا للفخر والعزة للمصريين والعرب ككل.
وأوضح العمدة أن مواقف مؤسس دولة الإمارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، تترجم التلاحم العربي في هذه الحرب، وظلت كلماته تتناقلها الأجيال جيلا بعد جيل، حين قال إن البترول العربي ليس أغلى من الدم العربي.
وأشار المستشار بالأكاديمية العسكرية إلى أن المصريون لن ينسوا أبدا مواقف دولة الإمارات العربية المتحدة في دعم مصر بداية من حرب أكتوبر عام 1973، مروراً بالكثير من المحطات التي مثلت علامات بارزة في تاريخ علاقة الإخاء والتعاون المشترك بين البلدين.
ووصف اللواء عادل العمدة، المستشار بالأكاديمية العسكرية، نصر أكتوبر بالملحمة البطولية الرائعة، متابعا، مر عليها 51 عاما، وما زالت وستظل تُدرس كأحد أبرز الحروب العسكرية المضيئة في العصر الحديث بما تمتلكه من مقومات وما حققته من إنجازات، لم ولن تظهر على الساحة من قبل، على رأسها التخطيط الاستراتيجي.
وأضاف العمدة أن التخطيط الاستراتيجي لحرب أكتوبر مر بعدة مراحل أهمها إعداد كلا من السياسة الخارجية، والاقتصاد وأجهزة الدولة المختلفة، فضلا عن إعداد وتجهيز القوات المسلحة ومسرح العمليات الإعداد التكنولوجي، إلى جانب تهيئة وتجهيز الشعب نفسه.
ووجه المستشار بالأكاديمية العسكرية ، تحية شكر وإجلال لشهداء نصر أكتوبر وأسرهم والزعيم الراحل محمد أنور السادات الذي قدم روحه في سبيل تحقيق أسمى وأعظم انتصار قدمته مصر للعالم أجمع، وستظل الأجيال تتحاكى بهذا الحدث العظيم.
وإلى نص مقال الكاتب والمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي: ” شهادة للتاريخ حول دعم الشيخ زايد لمصر في حرب أكتوبر المجيدة”
أقسم الشعب المصري أن يحمي وطنه، ولن يخاف غير الله إلهًا واحدًا، ولن يسجد للوثن، فكم قدم الأرواح والدماء، وكم ضحى الشهيد بعمره وحياته فداء لوطنه حتى يزيل من أرضه كل العفن، وليس هذا فحسب، بل وليعلِّم الأجيال المتعاقبة معنى مواجهة المحن.
خط بارليف
لذا، انطلق الأبطال البواسل من الثكنات والخنادق، وخلفهم شعب لا يخشى الفتن، فكانت النتيجة أن أسقطوا كل الحواجز، فاخترقوا خط بارليف الحصين بالماء، وكان سلاحهم في كل هذا النصر العظيم، هو الإيمان، فهدموا قلاع الجيش الذي لا يقهر بالقنابل والصواريخ التي دكت معاقلهم دكًّا.
الله أكبر
هذا وقد سمع الأعداء النداء الذي زلزل الميدان، وهو شعار (الله أكبر فوق كل من يطغى ويتكبر)، (الله أكبر على كل من غرته نفسه المريضة لتقوده إلى الظلم)، فأثمر هذا الشعار ثمارًا عظيمة، ليهلك الله سبحانه وتعالى هؤلاء الأعداء انتقامًا لما ارتكبوه من المظالم، كاستباحتهم أرض المسالم، ونهبهم ثروات أصحاب الحقوق بلا مقاوم، فنادى قائد الشعب المصري العظيم (هبوا لنستعيد أرضنا).. أرض الأنبياء، فلن نسالم حتى نسترجع كل الحقوق، وسنظل نحارب، ونقاوم، فلن نقبل على حقنا أن نساوم، أرواحنا تفدي أرضنا ودماؤنا تروي التراب بلا ثمن.
ستسقطون وتهزمون
ستظل مصر عصية رغم الزمن، رغم المحن، رغم الفتن، وستدوس أقدامها كل من خان الوطن، وباع ضميره، لحساب أعداء الحياة، وبخنجره المسموم قد طعن، ولهؤلاء الأعداء نقول: يا حفنة من البشر ستسقطون، ستهزمون، ستغرقون ومصيركم إلى سقر وبئس المقر، وستبقى مصر ترفع راية العز والمجد، والفخار، ويخضر الشجر، وتسقط أوراقكم في الخريف تذروها الرياح إلى البحر.
أكتوبر علامة وشرارة
يوم السادس من أكتوبر (1973)، كان ملحمة يصنعها شعب مصر وجيشه وأمنه، وقيادة تسعى إلى النصر ويستجيب القدر، أكتوبر علامة وشرارة استدعى الشعب فيها ذخائر عزم وشجاعة وتضحية من أجداده الذين صنعوا الحضارة حتى أشرقت أنوارها وأضاءت فجر الضمير عدالة وكرامة وأضفت على الإنسانية علمًا واحترامًا، ولَم يزل يذكر التاريخ مجدًا لن يزول مخلدًا تاريخه وأمجاده لتكون مبعث فخر واعتزازًا للأجيال القادمة.
الشيخ زايد والسادات
وأذكر عندما زار البطل أنور السادات –رحمه الله– مفجِّر حرب أكتوبر الإمارات في لقائه مع الشيخ زايد –رحمه الله-، وكنت حاضرًا ذلك اللقاء بعد حرب أكتوبر مباشرة، يقول الشيخ زايد –رحمه الله–: لم نكن نحارب إسرائيل وحدها، ولكننا في الحقيقة كنا نحارب أمريكا بكل قدراتها العسكرية، ورأينا كيف كانت تحمل الطائرات سي 130 الدبابات وتنزلها للجيش الإسرائيلي مُحمَّلة بكل عتادها المتطور وتذهب مباشرة لميدان المعركة، بالإضافة إلى تزويد أمريكا لإسرائيل بالمعلومات الهامة عن مواقع الجيش المصري من الأقمار الصناعية.
شهادة للتاريخ
هنا أكتب شهادتي للتاريخ، حيث إنني كنت مديرًا لديوان الرئاسة في عهد الشيخ زايد –رحمه الله- ورأيت المشهد بكل الوضوح، فلقد كان الوحيد من القادة العرب المتحمس بكل الإخلاص ولديه الاستعداد باتخاذ أي موقف مهما بلغت خطورته في دعم الشعب المصري وقيادته، إيمانًا صادقًا منه بوحدة المصير العربي المشترك.
قطع البترول
ولذلك كان مبادرًا كأول رئيس عربي يتخذ خطوة جريئة وشجاعة بإعلانه قطع البترول عن أمريكا والدول الغربية، وكان له الأثر الكبير في الضغط على القوى العظمى باتخاذهم القرار (242) في مجلس الأمن الذي أوقف الحرب وقضى بانسحاب إسرائيل إلى ما قبل حدود 1967.
شاهد عيان
وكنت شاهد عيان على تلك اللحظة الفارقة في حياة الأمة العربية، حيث كنت أنا من قمت بإيصال المرحوم الشيخ زايد للتحدث مع الدكتور مانع العتيبة وزير البترول في ذلك الوقت، وأبلغه بإعلان قراره التاريخي أثناء اجتماع مؤتمر الأوبك وزراء البترول العرب في مؤتمرهم في الكويت، حيث اتخذوا قرارًا بوقف ضخ البترول بما نسبته خمسة في المائة، وعندما أبلغت المرحوم الشيخ زايد بالقرار طلب مني فورًا إيصاله بالتليفون لوزير البترول.
البترول العربي
وحينها قال قولته المشهورة التي ستظل تتردد في التاريخ (إن البترول العربي ليس أغلى من الدم العربي)، وشهادتي لله والتاريخ لتعرف الأجيال العربية كم حاول الخبثاء إخفاء تلك الحقيقة، وللتاريخ أشهد بأن المرحوم كان يمثل بحق ومصداقية نادرة إيمانًا تغلغل في العقل والقلب، ومواقف شجاعة تجاه الحقوق العربية وقيادة مخلصة لا تخاف غير الله وحده من يملك السماوات والأرض وهو القادر على كل شيء وهو السميع العليم.
دعم مصر
وقبل ذلك قام الشيخ زايد –رحمه الله- بأخذ قرض من بنك (ميد لند) البريطاني بمبلغ يتجاوز خمسة وعشرين مليون جنيه إنجليزي لدعم القوات الجوية المصرية أثناء حرب أكتوبر، وقد شهد بذلك الرئيس حسنى مبارك -رحمه الله- أثناء لقائي به في بيته في مصر الجديدة بعد وفاة الرئيس أنور السادات -رحمه الله- حيث نقلت له تعزية الشيخ زايد.
شكر وتقدير
وحينها قال لي: “لا أعرف كيف أنقل مشاعر التقدير والشكر للشيخ زايد، حيث جاء دعمه المالي في وقت نحن أحوج إليه لشراء بعض قطع الغيار للطائرات الحربية”، بوصفه قائد القوات الجوية أثناء حرب أكتوبر.
مواقف زايد
وظلت مواقف الشيخ زايد نابعة من إخلاص وإيمان بوحدة المصير العربي، فكان الوحيد من بين كل القادة العرب متميزًا في مواقفه المُدركة لأهمية جمهورية مصر العربية ودورها التاريخي في مواجهة أي عدوان على الأمة العربية، ويعتبرها وقواتها وشعبها رصيدًا قوميًّا للأمن القومي العربي.
سنظل أوفياء
لكل ما سبق، وما سيأتي ستظل الإمارات كما أسَّسها الشيخ زايد –رحمه الله- وبكل قيادتها من أبناء الشيخ زايد -حفظهم الله- وفيَّة لمبادئها التي غرسها في قلوب أبنائه.
إنها لمنصورة
حفظ الله مصر وسدد خُطى قادتها العظماء الذين حققوا النصر وأيد فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي بالنصر والنجاح على أعداء مصر في الداخل والخارج.. وإنها لمنصورة إن شاء الله على قُوى البغي والعدوان، وسحق الشراذم من الإرهابيين ومن يقف خلفهم من الخونة والعملاء وأعوان الشيطان.