في ظل التحديات المتزايدة التي تواجهها الدول في مسيرتها نحو التنمية والازدهار، يبرز مفهوم اللامركزية كإستراتيجية رئيسية لتحقيق التطور المنشود، ولاستكشاف أبعاد هذا المفهوم وتأثيره على تطوير الدولة، أجرى “رسالة السلام” حوارا مع المستشار جمال التهامي، رئيس حزب حقوق الإنسان والمواطنة، الذي يشاركنا رؤيته حول الدور الحاسم لللامركزية في تعزيز الحكم الرشيد ودعم التنمية المستدامة.
التحول نحو اللامركزية: ضرورة ملحة
بدأ المستشار جمال حديثه بالتأكيد على ضرورة تبني اللامركزية كاستراتيجية أساسية للتطوير، موضحاً أن “اللامركزية لا تعني فقط توزيع السلطات الإدارية، ولكنها تمتد لتشمل توزيع الموارد واتخاذ القرارات بما يضمن مشاركة فعالة من جميع المواطنين في عملية التنمية”.
دعم التنمية المحلية
يشدد التهامي على أن اللامركزية تساعد في تحقيق التنمية المحلية بشكل أكثر فعالية، مؤكداً على أن “منح السلطات المحلية المزيد من الصلاحيات يمكنها من تحديد وتلبية احتياجات المجتمعات المحلية بشكل أدق”.
أضاف أن هذا النهج يعزز من مسؤولية ومساءلة المؤسسات المحلية تجاه المواطنين، مما يسهم في تعزيز الشفافية والحكم الرشيد.
تعزيز المشاركة الشعبية
يعتبر المستشار التهامي المشاركة الشعبية أحد أهم أركان اللامركزية، مؤكداً على أن “تمكين المواطنين من المشاركة في صنع القرارات يحفز على الابتكار ويسهم في إيجاد حلول مبتكرة للمشكلات المحلية”. ويرى أن اللامركزية تقرب الحكومة من المواطنين، مما يعزز من ثقتهم بالمؤسسات الحكومية ويشجع على تحمل المزيد من المسؤولية المجتمعية.
التحديات والمعوقات
رغم الفوائد العديدة لللامركزية، ينوه التهامي إلى وجود تحديات تواجه تطبيقها، مثل مقاومة المؤسسات المركزية لفقدان السيطرة، والحاجة إلى تطوير البنية التحتية والكفاءات المحلية. ويؤكد على أهمية “بناء قدرات المؤسسات المحلية وتوفير الموارد اللازمة لها لضمان تحقيق اللامركزية لأهدافها”.
وأضاف تهامي أن النظام الإداري في مصر يتميز بمستوى مركزي قوي، حيث يتم تعيين المحافظين بقرار من رئيس الجمهورية. هذا النهج يعكس ممارسة السلطة الإدارية من المركز، لكن مع تزايد الدعوات نحو تعزيز مبادئ اللامركزية، يتجه النقاش حول ما إذا كان يجب الاستمرار في تعيين المحافظين أم الانتقال إلى انتخابهم فالتحول من نظام التعيين إلى الانتخاب يتطلب تغييرات جذرية في البنية التشريعية والإدارية للدولة، بالإضافة إلى تطوير آليات لضمان نزاهة العملية الانتخابية. هناك أيضًا تحديات تتعلق بضمان قدرة المحافظين المنتخبين على التواصل الفعال مع الحكومة المركزية وتنفيذ السياسات الوطنية بشكل متسق.
وأشار الى انه من ناحية أخرى، يوفر الانتقال إلى انتخاب المحافظين فرصة لتعزيز المشاركة الديمقراطية وتمكين المجتمعات المحلية. ويمكن لهذا النهج أن يساهم في خلق حكومات محلية أكثر استجابة ومسؤولية، مما يعزز الشعور بالملكية والانتماء لدى المواطنين تجاه مجتمعاتهم المحلية.
واختتم المستشار جمال التهامي حديثه بالتأكيد على أن اللامركزية ليست مجرد خيار سياسي، بل ضرورة تنموية لضمان مشاركة أوسع من المواطنين في العملية الديمقراطية وتحقيق التنمية المستدامة، ويدعو إلى ضرورة تبني نهج تشاركي يضمن تحقيق التوازن بين الحكومة المركزية والمحلية، مؤكداً على أن الطريق نحو تطوير الدولة يمر عبر تمكين المجتمعات المحلية وتعزيز دورها في عملية التنمية.