الزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام وتعد الزكاة من الصدقة، فهي تزيد من التكافل والتراحم في المجتمع، فقد جعل الله تعالى الزكاة لمنفعة المسلمين جميعًا، تزيد الزكاة من المحبة والرحمة في قلوب المسلمين.
من أهم فوائد الزكاة أنها تعمل على المساواة الاقتصادية بين أفراد المجتمع، فهي تخفف من الفقر في المجتمع، وتساعد على المساواة الاقتصادية. وتحسن الأوضاع المالية للفقراء والمحتاجين وتساعدهم على تلبية أهم احتياجاتهم المعيشية.
وفي هذا الاطار كتب المفكر العربي الكبير على محمد الشرفاء، تحت عنوان ” الزكاة صمام أمان الأوطان ” في كتابه ” الزكاة .. صدقة وقرض حسن “، لم تكن فريضة الزكاة التي شرعها الله في كتابه العزيز إلا منطقة التقاء بين الأغنياء والفقراء، فيه عقد شراكة بين الفقير والغني، فيه يعطي من منحه الله المال لمن هو في أشد الحاجة إليه، على إعتبار أن هذا المال هو مال الله، وقد جعل الله الأغنياء وسائط ووسائل توصيله لمستحقيه، كما في قوله تعالي: ﴿ وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ …﴾ (النور: ۳۳) .
واضاف ان الله تعالي قال : ﴿ … وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ … ﴾ (الحديد: ٧).
فالزكاة في الخطاب الإلهي من هذا المدخل تكون طوقا للنجاة من الفقر، حين يُعطي من معه لمن ليس عنده ما تقوم به حياته وتستقر، حين تكون الزكاة هي القاعدة الصلبة لقيام المجتمع القوي المتعافي من أمراض الحقد والتحاسد والضغينة، فتسوده روح التكافل والتعاضد والتلاحم بين أفراده.
وأشار المفكر العربى الكبير على محمد الشرفاء الى أن الزكاة لم تكن فريضة خصيصة أو حصرية لرسالة الإسلام فحسب، بل إن الزكاة كانت فريضة رئيسية أيضًا فيما قبل رسالة الإسلام، كونها الضمانة الهامة والمحورية في بقاء الأمم سالمة آمنة متعافية من داء الفقر والعوز والضعف، كما أشارت الآيات في شأن أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ وَكَانُوا لَنَا عابدين﴾ َ (الأنبياء: ٢٣).
وفي ذات السياق اكمل الكاتب حدثيه حول الزكاة قائلا في كتابه “بيد أن الخطاب الإلهي في القرآن أضاف بعدا هاما وملمحا رئيسيا في مقاصد الزكاة عند المسلمين، إذ جعل من الزكاة المدخل الآمن للحفاظ على الأوطان، حين يقوم المسلمون بتأديتها على وجهها الصحيح لا المغلوط المشوه المغرض، ما يؤدي إلى نهوض المجتمعات واختفاء ظاهرتي الفقر والحرمان.
وأوضح الكاتب أن “من سوء طالعنا وما ابتلينا به من فقه وفقهاء صرفوا الأمة عن وجهتها في هذا الصدد، حين جعلوا نصاب الزكاة على النحو الذي فيه الزكاة كفريضة لا تقوم بما أراده الله لها أن تقوم به في إشاعة روح التكافل الاجتماعي، حين قرروا نسبة للزكاة 2.5% وجعلوها مقدسة لا مساس بها، وهي في الأصل نسبة غير صحيحة ولا هي عادلة، بل وليست تلك النسبة بالتي تؤدي الغرض المرجو من تلك الفريضة الإلهية.
كما اكد المفكر على محمد الشرفاء على أن الزكاة شراكة بين الفقير والغني للحفاظ على الأوطان، ونسبة 2.5 غير صحيحة، ذلك أن الزكاة ليست قضية معايير ونسب مالية أو كميات عينية، وإنما الزكاة جعلها الله فرضا على كل مسلم لتحقيق الأمن الاجتماعي والاكتفاء الذاتي داخل المجتمعات لسد الفجوة بين الفقراء والأغنياء، حيث يترتب على ذلك قيام مجتمع سالم لا جائع فيه ولا سائل، ولا مريض لا يجد الدواء.
وأوضح الكاتب أن الزكاة تأتي هنا لتزكية مال الغني المقتدر وتطهره، فيبارك الله له فيه ويضاعف له ما أنفق من صافي أرباحه ومكاسبه حسب النسبة المقررة في التشريع الإلهي وهي 20% تمشيا مع قوله تعالى ﴿واعلموا أَنَّمَا غنمتم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لله خمُسَه وَللرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرى واليتامى والمَسَكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ ءامنتُم بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يومَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمَعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرُ ﴾ (الأنفال: ٤١ ) وتلك النسبة التي قررها التشريع الإلهي يتم استقطاعها وانفاقها لصالح الزكاة، الصدقة، تمشيا مع قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ ۖ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلَّا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾ (البقرة: ٢٦٧) .
وللحديث بقية ..