أن تشريع الله سبحانه وتعالى لم يكن خاصية لأحد سواه رب العالمين، فالتشريع هو خصيصة إلهية، إذ لا يجوز لأحدأن يشرع من تلقاء نفسه ، حتى الرسول صلى الله عليه وسلم، إلا أن يتكلم بما ينزله الله عليه من آيات كريمة .
هكذا يوضح لنا المفكر العربي الكبير علي محمد الشرفاء الحمادي في كتابه ” الزكاة .. صدقة وقرض حسن ” .
حيث يرى الكاتب أنه هنا تبرز خصوصية النبي، فلم يكن النبي علية الصلاة والسلام ينطق عن هواه أبدا: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ فالنبي ما كان إلا مبلغا عن ربه ما أراده الله تعالي تشريعا لعباده.
وفق قوله تعالي :
﴿ مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ﴾
﴿ إِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾
﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ﴾
﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ﴾
﴿فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾
﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ﴾
فالرسول صلى الله عليه وسلم كان خير من أرسله الله للناس كافة لمهمة توصيل الخطاب الإلهي .
وأضاف المفكر على محمد الشرفاء في معرض كتابه أن الزكاة لم تكن تشريعا من الرسول صلي الله عليه وسلم، بل أمرا بالتشريع من الله سبحانه،
قال تعالي:
﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا﴾
﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ﴾
وأضاف انه هنا لا ينحصر هدف الزكاة في صلاح المجتمعات وإعمارها فحسب، بل يتجاوز هدف الزكاة لما هو أبعد من ذلك، حين يكون هدفها ضمن ما أهداف عليا هو تربية النفس وإعلاء وتيرة السمو الانساني والروحي لدى المسلم، حين تكون آثار الزكاة وقائية علاجية للجوانب الروحية لما قد ينتاب الانسان من الانزلاق في درك المادية القاتلة والأنانية وحب الذات، فقد يرتد إلى أسفل سافلين فينسى دوره ويضيع أمانته ويكون أول عوامل الانحطاط هو الغلو في حب المال، ذلك الحب الفطري المعقول الذي يعتبر من نعم الله على الإنسان حتى تعمر الأرض، قال سبحانه﴿ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ﴾
لكن الغلو يدفع الإنسان إلى الاكتساب وعدم الانفاق على المحرومين، وبهذا يتحول من إنسان سوي متزن منسجم مع فطرة الاعتدال، إلى إنسان مادي لا يستشعر آلام المحرومين والفقراء .