( قال الله سبحانه ؛ ( إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ )، وقال أيضا ( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) وأمر المسلمين بقول صريح ومحدد ليطيعوه إن كانوا مؤمنين حقاً ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ ).
وحذر الله المسلمين من التفرق الى مذاهب وطوائف ومرجعيات متعددة ضيعت المسلمين اكثر من أربعة عشر قرنا في حروب ودماء بسبب المذاهب التى ما أنزل الله بها من سلطان، مخاطباً الرسول بقوله سبحانه ( إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ) الانعام (١٥٩).
ثم يشبه الله الذين فرقوا دينهم الى أحزاب وفرق كل حزب بما لديهم فرحون بالمشركين في قوله سبحانه (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون الروم ( ٣١ / ٣٣ ) ؟يستعلون على الناس ويأخذهم الغرور بأن يقنعوا أنفسهم بأنهم أهل الحق ومرجع الحقيقة لرسالة الإسلام، وهم الفرقة الناجية ليحدث التنافس والخلاف والصراع بين المسلمين ويهلكون بعضهم بعضاً بسفك الدماء وتخريب البيوت وتشريد النساء والأطفال، وهم يظنون أنهم يحسنون صنعاً، فهل ينقص المسلمين مزيداً من المذاهب التى فرقتهم ونشرت الفتن بينهم وقطعت بينهم سبل التراحم والتعاون والوحدة بالإعتصام بحبل الله وبكتابه المبين القرآن الكريم ليخرج علينا أحد شيوخ الدين يبشرنا بأنه يعكف على إنشاء مذهباً جديدا للمسلمين لينفث فى عقيدتهمً سموما جديدة وفتنة تضيف الى ما وضعه أصحاب المذاهب حتى نسى المسلمين ربهم وأتبعوا مذاهباً متفرقة، وتنافس على الأتباع، وصراع على الدنيا، ليستمر المسلمين فى هجر الذكر الحكيم، لتحل محله هلوسات أئمة المذاهب ليؤلفوا تشريعات من عند أنفسهم دون خشية من الله وإتباعاً لهديه، ودون إعتبار للشريعة الإلهية والمنهاج الرباني فى آياته .
ألم يكفى المسلمين من تعدد المذاهب والفتاوى وبين أيدينا كتاب ينطق بالحق ويهدى الى النور بعد ما أدى الرسول عليه السلام الأمانة العظيمة وبلغ الناس فى حجة الوداع بقوله :
( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا )
المائدة (٣)، ألا يكفي المسلمين نتائج الفرقة والتمزق والتفرق والتحزب والتنافس على مصالح الدنيا ؟! فماذا سيفعلون عندما يقفوا أمام الواحد القهار يوم الحساب ؟!
وماذا ستكون إجابتهم على سؤال ربهم بقوله ؛ ( وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَٰؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ/ قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَٰكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّىٰ نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا ) الفرقان ( ١٨/١٧).
وقول الله سبحانه مخاطبا رسوله عليه السلام : ( تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ) الجاثية (٦) .
وحينما يتحدث عن أحاديث الآحاد فما بال الآحاديث الاخرى، وهل أمر الله رسوله بأن يؤلف أحاديث من عنده لتكون مرجعية للتشريع للمسلمين ؟! أم حدد الله لرسوله الأمين مهمته فى حمل الكتاب المبين وتبليغ آياته وفروض عباداته وتشريعاته ومنهاجه ليتلوا على الناس آياته فقط فى قوله سبحانه ؛
( كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ ) الاعراف (١).
ألم يكلف الله رسوله فى مهمته المقدسة بقوله التقيد الكامل بما أنزل اليه من آيات القرأن الكريم في قوله سبحانه ؛
( فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ /وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) الزخرف (٤٤/٤٣). فما الذى أوحى الله لرسوله ؟ أليس القرآن واتباعه، كما أمر الله المسلمين إن كانون مؤمنين بالله ورسوله فى قوله سبحانه ؛
( اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ ) الاعراف (٣) حتى أن الله لم يقل فى كتابه إتبعوا مايقوله لكم محمد عبده ورسوله بل أمر الله رسوله بقوله :
(فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ) ق (٤٥) بل خاطب الله الناس معرفاً لرسوله عليه السلام ومحددا مهمته بقوله (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا/ وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا / وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا ) الاحزاب (٤٦/ ٤٧)
فهل ياترى أنزل الله على أحد من عباده ديناً جديدا ؟!
يتطلب مذهباً جديداً ليفتتن الناس به ويزيدهم رهقا وبؤساً وشقاء، واذا حدث للمسلمين، هل تاهوا عن كتاب ربهم بعدما هجروه، هل أضلتهم الشياطين عن الطريق المستقيم ؟هل نسوا أن الرسول الذى أنزل الله عليه القرآن أنه كان خاتم الرسل والأنبياء؟ هل البحث فى إعلاء الذات تقودهم الشهوات وغرائز السلطة والتقرب للسلطان بأن ينسوا الذكر الحكيم؟ والحقيقة المطلقة كما قال الله سبحانه ( نسوا الله فأنساهم أنفسهم ) ومن ينسى الله يتوه فى الظلمات ولا يستطيع رؤية النور بعد ما فقد البصر والبصيرة .
والسلام على من تبقى من المؤمنين الذين عاهدوا الله بقولهم (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ )