إذا عالجت الزكاة داء الشح في نفس الغني المنفق، فهي أيضا تعالج داء الحقد والحسد في نفس الفقير الآخذ من هذه الأموال.
هكذا يري الكاتب والمفكر العربي الكبير علي محمد الشرفاء الحمادي في كتابه” الزكاة .. صدقة وقرض حسن” حين كتب
” تأتي فريضة الزكاة هنا كمخلص للإنسان من جموحه صوب حب المال وطلب الاستحواذ عليه بكل السبل والوسائل، سواء أكانت في الحلال أم في الحرام، وتأتي هنا الزكاة تزكية للنفوس وتطهيرا لها كما في قوله تعالي (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا) فالزكاة كما الجسر الذي يعبر بالمسلم من دنس عبودية المال وكنزه، الى العطاء والبذل ومن ثم تطهير النفس كي لا يكون المال هو كل همه وفي لب فؤاده.
وأكمل الكاتب في معرض كتابه ” تأتي الزكاة لتجعل المال مكانة في غير القلب والأعماق فيسهل على المرء بذله في سخاء وكرم كي لا يصاب المسلم بأخطر داء قد حذرنا منه الله سبحانه وتعالي، داء الشح وهو أشد وأكثر ما يصيب هؤلاء الأغنياء، أولئك الذين حذرهم الله من خطورة الشح بقوله تعالي (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
وأوضح ” الشرفاء” أن الشُح يجلب على المسلم سخط الله وغضبه، فضلا عن عداوة الناس ممن ينظرون الى ما حازه من نعيم لم يؤد حقه الذي فرضه الله عليه، تأتي الزكاة والصدقات هنا علاجاً جذريا، لأنها تعوده دوام البذل حتى لو كان مُكرهًا خائفاً من عذاب الله، فلا يزال العبد يجاهد نفسه حتى يسلسل له قيادها، ويلين له زمامها، فلا يمسك في موطن البذل ولا يحجم في مواضع الاقدام .
وفي ذات الإطار يؤكد المفكر على محمد الشرفاء أنه إذا عالجت الزكاة داء الشح في نفس الغني، فهي أيضا تعالج داء الحقد والحسد في نفس الفقير الآخذ من هذه الأموال، هذا الداء الذي يجعل صاحبه ينظر الى كل غني نظرة ملؤها الغيظ، نظرة حسد أن أعطاه الله وحرمه، نظرة الامتعاض لماذا لم يعطى له بعض الحق لعله يقيم صلبه ويرقع ثوبه ويطعم ولده، واذا استشرى هذا المرض ” الحقد والحسد” في المجتمع أفضي الى تدميره .