القرآن هو المرجعية الوحيدة للتشريع في آياته، ويتم تكيف القواعد القانونية وفقاً لآياته التي تدعو للرحمة والعدل والإحسان والسلام وإحترام حقوق الإنسان، وليس التشريع يعتمد على مصادر الفقهاء.
لكل عصر ظروفه ومتطلباته تحتاج الى قراءة مدركة وواعية لمقاصد الآيات لمنفعة الإنسان ومصلحته، يتحقق بها الأمن والسلام، بعيداً عن تفسيرات شيوخ الدين ومن تسموا بالعلماء تطبيقا للقاعدة الإلهية مايلي ( تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون) البقرة (١٣٤).
فالله وضع في القرآن الكريم عناصر أساسية للتشريع الذي يحقق العدالة النزيهة في تنظيم العلاقة بين المسلم وبين رب العالمين وضمان إستقرار القوانين المستمدة من التشريع الإلهي ليتحقق الأمن والسلام والحياة الطيبة لكل المجتمعات الإنسانية دون ظلم أو طغيان أو عدوان، ويكون جميع أفراد المجتمع متساويين أمام القانون، والله خاطب رسوله عليه السلام مبيناً له مهمته بتبليغ آيات الذكر الحكيم في قوله سبحانه :
( وما علمناه الشعر وما ينبغي له أن هو الا ذكر وقرآن مبين / لينذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين ) يس (٦٠/٧٠)، تلك الآية تذكر الناس بأن القرآن يخاطب الأحياء في كل عصر في حاضرهم ليستنبطوا من آياته ما يتفق مع متطلبات عصرهم لتحقيق العدالة والسلام الإجتماعي دون الإعتماد على تشريعات الأمم السابقة، حيث لكل عصر معطياته لا تتوافق تشريعات العصور الماضية مع معطيات العصور التي تليها، ولذلك فالله سبحانه وضع حكماً ثابتاً حتى قيام الساعة حتى لا تكون للناس على الله حجة حين قال في كتابه المبين ( تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) رفع الله بهذه الآية الحرج على الناس والإلتزام بما إستنبطه المشرعون في العصور الماضية حتى لا يكونوا أسرى فتاوى سبقت بمئات السنين قصر إدراكها وفهمها لحقائق التشريع الإلهي في القرآن ومقاصد حكمة الله لخلقه لتنظيم العلاقات الإجتماعية المبنية على العدل والمساواة بين كافة خلق الله صغيرا كان أم كبيرا، حاكماً أو محكوماً، غنياً أو فقيرا، فلا يوجد تفريق أمام التشريعات والقوانين ميزة تُمنح لبعض الناس مهما بلغ شأنهم في المجتمع.
وعليه وعلى أساس القواعد الإلهية التي ذكرتها الآيتان أعلاه إقتضت حكمة الله أن يكلف في كل عصر المفكرين والقانونيين لإعداد تشريعات جديدة بعيدة عن تشريعات الأمم السابقة ليؤكد القرآن أنه صالح لكل زمان ومكان، فلا إلزام على المجتمعات الإنسانية تقييد تشريعاتها بتشريعات الأمم السابقة
أو الإلتزام بأحوال مضت تختلف كلية عن أحوال حاضر الإنسان، لذلك أشدد على أن يتولى المثقفين والمفكرين والعلماء في مختلف التخصصات الحياتية للإنسان البدء في إعداد تشريعات جديدة تتوافق مع حاضر الإنسانية وليست مقيدة بأفكار السابقين، لأن الله سبحانه يأمر من يدعو الى طريق الحق المستقيم أن يتذكر قوله تعالى :
( قالوا إنا وحدنا آباءنا على أُمة وإنا على آثارهم مهتدون) الزخرف ( ٢٢)
فعلى المسلمين أن يسلموا بما أمر الله سبحانه ويلتزموا بالقواعد التشريعية التي أنزلها الله على رسوله عليه السلام في آياته ويتحررون مما كان عليه آباءهم فهم ليسوا قيداً على تطور الإنسان وتبدل الزمان.