أكد “مُلتقى الساحل الدولي” في نسخته السادسة أهمية التراث الثقافي الساحلي والمغمور بالمياه والذي يُعدّ أحد الكنوز الحضارية التي تروي تاريخ وثقافة المنطقة وذلك من خلال سلسلة من الجلسات النقاشية والأوراق البحثية التي يعقدها و تتناول التحديات والفرص المستقبلية، إضافة إلى تقديم تجارب دولية في مجالات الحماية والتوثيق.
حضر افتتاح الملتقى الذي تنظمه هيئة الشارقة للآثار في جامعة خورفكان، بالتعاون مع المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث وجمعية السلام لحماية التراث البحري في المغرب وجامعة خورفكان، على مدار يومين تحت عنوان “التراث الثقافي الساحلي والمغمور بالمياه – التحديات والآفاق: سواحل إمارة الشارقة نموذجا” سعادة عيسى يوسف مدير عام هيئة الشارقة للآثار والدكتور علي هلال النقبي مدير جامعة خورفكان، والدكتور صباح عبود جاسم مستشار هيئة الشارقة للآثار إلى جانب عدد من المسؤولين.
تضمن حفل الافتتاح عرض فيلم وثائقي تناول المواقع الساحلية في إمارة الشارقة وأهم طرق التجارة البحرية منذ الألف الثالث قبل الميلاد وحتى العصر الحديث.
وقال سعادة عيسى يوسف إن هذا الحدث خطوة مهمة ضمن جهود إمارة الشارقة الرامية لتعزيز مكانتها مركزا عالميا للمعرفة في مجال التراث الثقافي، ويمهد الطريق نحو إرساء شراكات عالمية تضع التراث الثقافي الساحلي والمغمور بالمياه في صدارة الاهتمام الدولي، تجسيدا لرؤية وتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في أن تكون إمارة الشارقة منارة للعلم والتنمية الثقافية، وخلق حوار علمي مبتكر لحماية هذه الكنوز الثقافية.
وأضاف أن المُلتقى، الذي يعقد لأول مرة في غرب آسيا، يعد منصة استراتيجية تجمع بين الرؤية المستقبلية والخبرات العالمية بما يخدم التراث الإنساني ويثري الحراك الثقافي على الساحة الدولية.
وأكد أن هيئة الشارقة للآثار تحرص على إيجاد حلول مستدامة تضمن صون التراث الساحلي والمغمور بالمياه، الذي يمثل جزءا مهما من الهوية الحضارية، والعمل على تقديمه للعالم رمزا يعكس أصالتنا ويعزز التواصل الثقافي.
من جانبه، قال الدكتور علي هلال النقبي إن الملتقى منصة هامة لتعزيز الجهود المبذولة لتمكين الباحثين في مجال العلوم والتكنلوجيا البحرية ويعد بمثابة منتدى علمي متخصص صاعد يواكب متغيرات ومتطلبات العصر الحديث.
وأشار إلى أن جامعة خورفكان أول جامعة على مستوى الدولة، تطرح برنامجا أكاديميا متكاملا، يختص بتدريس العلوم البحرية في ظل الطبيعة الجغرافية الفريدة لمدينة خورفكان التي تقع على شواطئ بحر عُمان، ما يجعلها المكان المثالي لدراسة الأحياء البحرية ضمن مواطن طبيعية فريدة من نوعها، بالتعاون مع جامعة إكستر البريطانية أحد أفضل الجامعات على مستوى العالم.
تضمنت الجلسة الافتتاحية طرح ورقتين علميتين من خبراء دوليين الأولى من البروفيسور روي كاريتا أستاذ فخري بجامعة ماديرا في البرتغال وحملت ورقته عنوان “التراث الثقافي المغمور بالمياه في الشارقة” واستعرض من خلالها حملتين بحثيتين للبعثة البرتغالية للتنقيب تحت الماء في الشارقة تم تنفيذها في نوفمبر 2018 وديسمبر 2021.
وناقش الدكتور جون كيمورا عالم آثار بحرية وأستاذ مشارك في جامعة توكاي في اليابان، التجارة البحرية على طريق الحرير الإسلامي، بما في ذلك اكتشاف حطام سفينة “تشاو تان” في التراث الثقافي المغمور بفيتنام.
وتناولت الدكتورة ليلى كاركتر من الولايات المتحدة الأمريكية، ورقة حول التعلم الآلي باستخدام السونار في الكشف عن حطام السفن تحت الماء.
واستعرض الباحث موسى ويلي من السنغال تنفيذ اتفاقية 2001 لحماية التراث الثقافي المغمور بالمياه في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وأهمية التعاون المحتمل مع الدول العربية لتعزيز هذه الجهود.
وقدمت هيئة الشارقة للآثار عرضا خاصا لتقنيات الواقع الافتراضي، بما يخص المواقع والقطع الأثرية، باستخدام أحدث الأدوات التكنولوجية.
وتضمنت الجلسة الختامية لليوم الأول من أعمال الملتقى ورقتين الأولى من المملكة العربية السعودية، قدمها الدكتور فيصل الجبرين و فارس حمزي ناقشا فيها جهود هيئة التراث في استكشاف التراث الثقافي المغمور على ساحل البحر الأحمر والورقة الثانية كانت من دولة الإمارات العربية المتحدة و قدمها الدكتور هنريك ستال عميد كُلية علوم البحار والأحياء المائية في جامعة خورفكان واستعرضت التعليم البحري وأهمية التكامل بين البحث العلمي وحماية التراث الثقافي الساحلي والمغمور في الشارقة.
يمثل “التراث الساحلي والتراث الثقافي المغمور بالمياه ” جزءا جوهريا من الإرث الحضاري لإمارة الشارقة التي تمتد سواحلها على الخليج العربي غربا وبحر عمان شرقا ما يعكس الموقع الاستراتيجي للإمارة عبر العصور ما أضفى أهمية خاصة على جهود هيئة الشارقة للآثار التي تولي عناية كبيرة لإجراء مسوحات أثرية متقدمة بالتعاون مع مؤسسات علمية عالمية لتوثيق هذا التراث الفريد وحمايته.
وتسعى الهيئة من خلال “مُلتقى الساحل الدولي” إلى توسيع نطاق التعاون والانفتاح على التجارب الإقليمية والدولية في مجال التراث الثقافي المغمور بالمياه، بما يسهم في تعزيز البحث العلمي المتخصص في هذا المجال لدعم علوم المحيطات وإثراء المعرفة وتعزيز الوعي بقيمة هذا التراث جزءا أصيلا من الهوية الإنسانية المشتركة.ذ
نقلاً عن وكالة أنباء الإمارات