اتفق بحث بمعهد التخطيط القومي اجمالا مع رؤية المفكر العربي على محمد الشرفاء الحمادي في الفصل الثامن من كتاب ”ومضات على الطريق” بعنوان ” المؤامرة والإرهاب وصفتان صهيونيتان غرضهما السيطرة والتحكم” حيث تقول الدكتورة هبة جمال مدرس العلوم السياسية بمعهد التخطيط القومي في بحثها المعنون ” الرؤية الصهيونية للقومية العربية” : بين الفكر والمخطط ان مخططات الكيان الصهيوني انطلقت من الرؤية الفكرية للصهيونية بتياراتها المختلفة حول الأغيار، وخاصة العرب والقومية العربية، فتمثلت رؤية الصهيونية للقومية العربية في الاحتقار والدونية والتغييب، واستحداث مسميات جديدة بديلة كـ “الأمة اليهودية” و” القومية اليهودية” ومؤخرا “الهوية الإبراهيمية”، فاستطاعت إسرائيل منذ مؤتمر بازل الأول 1879 التخطيط لإقامة الدولة الصهيونية وتزييف الواقع والتاريخ محاولة للقضاء على القومية العربية، لتقوم إسرائيل ككيان استيطاني إحلالي يحل محل السكان الأصليين الذين يجب أن يتواجدوا، واستطاعت الترويج بأن الأرض الفلسطينية هى أرض مقدسة بدون شعب.
وتضيف الباحثة أن الصهيونية استطاعت بذلك تزوير الحقائق مدعية بوجود قومية يهودية مقابل نفي القومية العربية، والتصدي لها وإجهاضها؛ باستحداث ما يسمى بالقومية اليهودية عبر الادعاء بخلق رابط يجمع اليهود ككل يتم عبر دعم المكون الثقافي والروحي اليهودي والديني.
حيث تشير الدكتورة هبة جمال الى أنه من وجهة نظر تيار الصهيونية الدينية، يتم استخدام المكون اليهودي لتحقيق حلم الاستيطان عبر تقديم كل الدعم المالي والسياسي والاقتصادي في نقل المكون البشري اليهودي إلى أرض فلسطين، وفقا لتيار الصهيونية التوطينية، وتقوية المناخ النفسي والوعي القومي لليهود لتصبح إسرائيل بمثابة المركز الروحي لليهودية، لإنتاج شخصية يهودية فخورة بقوميتها تتخطى الحدود.
هذا مقابل التقليل من الرابط العربي، بل وتغييب العربي ذاته ووصفة بالدونية والحقارة والغباء والكسل، فالعربي في الصهيونية غائب ويجب أن يغيب.
وتضيف أن أرض فلسطين هي أرض بلا شعب كمقولة روجوا لها للادعاء بأحقيتهم في الاستيلاء عليها كشعب بالأرض، واعتبر اليهود رفض العربي للاستيطان الصهيوني بأنه معاداة للسامية واستطاعوا استصدار قوانين بدول العالم المختلفة؛ كفرنسا والولايات المتحدة وألمانيا تحاسب معاداة السامية، ويروجون أن المقاومة ضد بطش إسرائيل مذبحة يرتكبها معاداة السامية كتعبير عن العداء الأبدي الذي يبديه الأغيار نحو اليهود. واستكمال للإجابة عن تساؤلات الدراسة توصلت الورقة لمخططات امتدادا للرؤية الصهيونية للقومية العربية، تعكس مفهوم التغييب والنفى عبر عدد من خطط تسعى لتنفيذها للقضاء على المكون العربي والدعاء بزيف رابطة القومية العربية.
كما تشير الدراسة الى أن مشروع الصهيوني الأمريكي برنارد لويس عام 1980، الذي كان مقدمة مهمة لرسم الفكر الصهيوني تجاه تأجيج قضية الأقليات بالدول العربية والتي نجحت في السودان، وفشلت ظاهريا في إقليم كردستان العراق، رغم المكاسب الاقتصادية التي حققتها إسرائيل، ودعم الأقليات كسلاح لتفتيت الدول العربية إلى دويلات أصغر، ضعيفة متحاربة تظهر خلالها إسرائيل كدولة كبيرة مستقرة في المنطقة معتمدة على الثراء الديني والطائفي كدولة الأقليات الأولى في العالم.
هذا وقد نوعت أساليب الدعم كبداية للاقتراب من الأقليات بداية بالدعم الإنساني والإغاثي، وصولا للتدريب العسكري والتسليح والاشتراك بقوى بشرية خلال الحرب ضد سلطة الدولة القومية العربية كحالة انفصال جنوب السودان.
وتوضح الدراسة أن الصهيونية استخدمت استراتيجيتين خلال اقترابها من الأقليات في الوطن العربي؛ استراتيجية شد الأطراف، ثم بترها، ثم تبنت استراتيجية البتر وليس الشد لتشجيع الانفصال كمشروع عوديد بينون عام 1982 ،ونجحت في دعم انفصال جنوب السودان وفشلت في انفصال كردستان، ولكنها تحصل على 75 % من بترول الإقليم.
كما تشير الدراسة الى مبادرة الشرق الأوسط الجديد لشيمون بيريز عام 1993 كأحد المشروعات المطروحة لتغيير شكل المنطقة العربية بطرح مشروع الشرق الأوسط الجديد، وما تلاه من مشروعات مماثلة من قبل الجانب الأمريكي كالشرق الأوسط الكبير، كمشروعات تهدف للقضاء على القومية العربية والرابط العربي بضم دول مغايرة في تصنيف جغرافي وسياسي واقتصادي واحد لتغير الهوية عبر سياق شرق أوسطي أكبر.