التحذيرات التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية، بشأن عودة فيروس الحصبة القاتل، أثارت المخاوف من جديد حول إمكان تفشي المرض، نتيجة عدم تلقي جرعات التطعيم خلال الثلاثة أعوام الماضية، بسبب جائحة كورونا.
وقال الدكتور باتريك أوكونور، المسئول الطبي في قسم التحصين واللقاحات والبيولوجيا بمنظمة الصحة العالمية، إنه مع تخفيف قيود جائحة كورونا يشهد العالم زيادة في عدد حالات الإصابة بالحصبة، خاصة في إفريقيا والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا.
ووصفت منظمة الصحة العالمية، الوضع بالمقلق بشكل خاص لأن هناك زيادة في عدد الأطفال الذين فاتتهم جرعات الحصبة الروتينية، بسبب اضطرابات خدمات الرعاية الصحية أثناء جائحة كورونا.
وحذرت من خطورة مرض الحصبة، بأنه قبل إدخال لقاح الحصبة في أوائل الستينيات وتعميم التطعيمات آنذاك، كان هناك ما يقدر بنحو مليوني حالة وفاة تُعزى إلى الحصبة كل عام، معظمهم من الأطفال.
وفي عام 2021، لم يحصل ما يقدر بنحو 25 مليون طفل على جرعتهم الأولى من لقاحات الحصبة، مقارنة بـ 20 مليون طفل في عام 2019، وهو العام الذي شهد أكبر حالات تفشي الحصبة يشهدها العالم خلال عقدين من الزمن، لذلك يجب التأكد من تلقيح أولئك الذين فاتهم لقاح الحصبة من أجل منع تكرار ما حدث في عام 2019.
الحصبة فيروس خطير يسبب الوفاة
و«الحصبة» أحد الفيروسات التنفسية، الخطيرة، والذي يشبه في انتقاله من شخص إلى آخر فيروس كورونا؛ وينتشر أيضا عن الرذاذ الجهاز التنفسي وانتقاله عبر الهواء، وينتج عن العدوى طفح جلدي وحمى في الحالات الخفيفة.
لكن الحالات الشديدة يمكن أن تشمل التهاب الدماغ -تورم الدماغ- والعمى والالتهاب الرئوي، وهناك ما يقرب من 9 ملايين حالة في السنة و128000 حالة وفاة.
ولقاح الحصبة، الذي يمكن إعطاؤه بمفرده أو بالاشتراك مع لقاحات أخرى مثل النكاف والحصبة الألمانية لتحصين MMR، فعال للغاية.
ويوجد لدى معظم البلدان جدول بجرعتين، مع إعطاء اللقاح الأول عادة عند عمر 12 شهرا، والجرعة الثانية عندما يكون الطفل في الرابعة من عمره.
ويوفر اللقاح حماية عالية جدا وطويلة الأمد، وهو مثال نموذجي لمصطلح “مرض يمكن الوقاية منه باللقاحات”.
ويوفر جدول الجرعتين حوالي 99% من الحماية ضد عدوى الحصبة.
وفي البلدان النامية؛ حيث يكون امتصاص اللقاح منخفضا، يموت واحد من كل عشرة مصابين بالحصبة، وأما في البلدان المتقدمة، تحدث الوفيات بشكل كبير في الأشخاص غير المحصنين بمعدل واحد من كل 1000 إلى 5000 حالة حصبة.
وتعد الحصبة معدية بشكل لا يصدق، ويُقدّر رقم التكاثر الأساسي (R0) – أي عدد الأشخاص في المتوسط الذين سيصيبهم شخص مصاب في مجموعة سكانية معرضة للإصابة – بما يتراوح بين 12 و18.
ما هو فيروس الحصبة؟
ويُعرف الدكتور مجدي بدران، عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة، أن الحصبة أحد الفيروسات التنفسية شديد العدوى لدرجة أنه إذا أصيب بها شخص واحد، فإن ما يصل إلى 90٪ من الأشخاص القريبين من هذا الشخص غير المحصنين سيصابون أيضًا بالعدوى.
كما يستطيع المصاب نقل العدوى 18 من المخالطين غير المحصنين .
كيف تنتقل الحصبة؟
وكشف بدران عن كيفية نقل فيروس الحصبة عن طريق:
1- القطيرات التنفسية؛ حيث أنها تنتشر بسهولة عن طريق الهواء نتيجة لسعال أو عطس شخص مصاب.
2- التلامس المباشر مع إفرازات الأنف أو الحلق من الأشخاص المصابين بالعدوى.
وتحدث العدوى على مراحل تستمر لمدة أسبوعين إلى 3 أسابيع.
ولفت بدران إلى، فترة الحضانة من عشرة أيام إلى أسبوعين، لا تظهر أي مؤشرات مرض أو أعراض للحصبة خلال هذه الفترة.
ما هي أعراض الإصابة بالحصبة؟
ويستعرض الدكتور مجدي بدران، عضو أعراض الإصابة بالحصبة وتتمثل في:
1- الحمى.
2- السعال الجاف.
3- سيلان الأنف.
4- التهاب الحلق.
5- التهاب الملتحمة.
6- بقع كوبليك، “وهي عبارة عن بقع بيضاء صغيرة مع بؤر بيضاء مائلة للزرقة على خلفية حمراء داخل الفم على البطانة الداخلية للخد”.
7- طفح جلدي يتكون من بقع كبيرة مسطحة، وكثيرًا ما تكون متصلة معًا.
وتابع، يتكون الطفح الجلدي من بقع حمراء صغيرة يكون بعضها بارزًا قليلاً، وتعطي البقع والنتوءات المتجمعة في مجموعات عنقودية متراصة الجلد شكله الأحمر المبقع، موضحًا أن الطفح على الجلد يظهر أولاً، وفي الأيام القليلة التالية، ينتشر الطفح الجلدي أسفل الذراعين، والصدر، والظهر، ثم فوق الفخذين والجزء السفلي من الساقين والقدمين.
و مع الطفح تزداد الحمى بشكل حاد، وغالبًا ما تتراوح درجة الحرارة المرتفعة حينئذ بين 40 إلى 41 درجة مئوية، وقد يستمر الطفح الجلدي المصاحب للحصبة حوالي سبعة أيام، ويتلاشى الطفح الجلدي تدريجيًا بداية من الوجه أولاً وينتهي بالفخذين والقدمين.
وعندما تزول أعراض الإعياء الأخرى، قد يستمر السعال واسمرار الجلد أو تقشيره مكان الإصابة بالطفح الجلدي لمدة عشرة أيام .
من هم الأكثر عُرضة للحصبة؟
وعن الفئات الأكثر عُرضه للحصبة، يقول بدران، تكون الحصبة خطيرة في جميع الفئات العمرية وخاصة للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات، والبالغين الذين تزيد أعمارهم على 20 عامًا هم أكثر عرضة للإصابة بمضاعفاتها، والسفر إلى بلدان يشيع فيها انتشار الحصبة، و نقص “فيتامين أ “، يسبب ظهور أعراض ومضاعفات أكثر حدة للحصبة، لافتًا إلى أن فترة حضانة الفيروس للآخرين لمدة ثمانية أيام تقريبًا، تبدأ قبل أربعة أيام من ظهور الطفح الجلدي وتنتهي بعد أربعة أيام من ظهوره.
ما هي مضاعفات الحصبة؟
وعن مضاعفات الحصبة، يوضحها بدران، تتمثل في”التهابات الأذن الوسطى، والإسهال” أما المضاعفات الخطيرة تتمثل في الالتهاب الرئوي ، مشيرًا إلى من بين كل 1000 طفل يصابون بالحصبة، يموت طفل أو طفلان بسببها.
كما يصاب 5% من الأطفال المصابين بالحصبة بالالتهاب الرئوي، وهو السبب الأكثر شيوعًا للوفاة من الحصبة بين الأطفال الصغار.
كما يضعف فيروس الحصبة جهاز المناعة مما يجعل الطفل أكثر عرضة للإصابة بأمراض معدية أخرى خلال الأشهر التي تلي التعافي من الحصبة مثل”الالتهاب الرئوي، والإسهال”، بل يمكن أن يكون بوابة لانتشار أوبئة أخرى، لأن فيروس الحصبة قد يمسح الذاكرة المناعية المختزنة ضد العدوى بالميكروبات التي سبق العدوى بها.
ما هي مضاعفات الحصبة أثناء الحمل؟
وعن مضاعفات الحصبة خلال الحمل، يذكرها بدران، تكون مضاعفات الحصبة إذا أُصيبت بها المرأة الحامل:
1- الولادة المبكرة.
2- انخفاض وزن الطفل عند الولادة.
3- وفاة الجنين.
ما هي طرق الوقاية من الحصبة؟
نّوه بدران، عن طرق الوقاية من الحصبة يجب اتباع الآتي:
1- تطعيم الأطفال ضد الحصبة يحمي أفراد العائلة والمجتمع صغارًا وكبارًا من الإصابة بالحصبة.
2- التثقيف الصحي المجتمعي لشرح أهمية اللقاحات.
3- سد الفجوات في تغطية التحصين، للأطفال الذين لم يحصلوا على خدمات التحصين أثناء الجائحة.
4- لا ينبغي الاقتصار على التطعيم بلقاحات فيروس كورونا على حساب التطعيم ضد أمرض الطفولة.
5- تطبيق الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية لمنع تفشي الأمراض التي يمكن منعها باللقاحات
6- الاستجابة لحالات التفشي في أي مكان في العالم.
7- وتعزيز أنظمة التحصين ضد الحصبة كجزء من جهود التعافي من جائحة كورونا
8- التأكيد على حقيقة عدم وجود دليل علمي بين لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية والإصابة بالتوحد. في بعض المجتمعات، انتشرت شائعة تربط بين تلك التطعيمات والتوحد ، وهذا غير صحيح .
نقلا عن بوابة الأهرام .