بعد سبع سنوات من طباعة أول نسخة من الجزء الأول “ومضات على الطريق” للمفكر العربي الكبير على محمد الشرفاء الحمادى، والذي تناول في الفصل الرابع من الباب الثالث مشروع وخارطة طريق مشروع القرية المصرية، نشرت الباحثة الدكتورة هويدا علي الباحثة بالمركز القومي للبحوث الجنائية مقالا بحثيا في مجلة آفاق استراتيجية بعنوان “مشروع تطوير القرية المصرية – آفاق وتحديات هيكلية” تناول الدور الاقتصادي للقرية المصرية في تطوير المجتمع حيث نص البحث علي التالي: –
اهتمت كثير من الجهود التنموية عبر عقود عديدة بالريـف المصـري، وربمـا أقربهـا للذاكـرة مشـروع شـروق للتنميـة الريفيـة وتطويـر الألف قريـة الأكثر فقـرا، وذلـك قبـل ثـورة 25 ينايـر 2011، وعلى الرغم من تلـك الجهـود، ظلـت معدلات الفقر تزداد وبالأخص فـي ريـف الوجـه القبلي، وهو الإقليم الأكثر فقرا في مصـر. وتؤكـد المؤشـرات التنمويـة فـي مصـر علـى التفـاوت القائـم بيـن الحضـر والريـف، وبالأخص ريـف الوجـه القبلـي، فوفقا لمسـح الدخل والإنفاق والاستهلاك 2019-2020 يعـد ريـف الوجـه القبلـي هـو الإقليم الأفقر فـي مصـر، حيـث تصـل نسـبة الفقـر فيـه إلـى 15.48 ،%يليـه الريف عموما بنسـبة 78.34 ،% وفـى مراتـب تاليـة تأتـى باقـي الأقاليم الجغرافيـة، حيـث تصـل نسـبة الفقـر فـي الحضـر إلـى 95.22 ،% والحقيقـة أنـه رغـم الاختلاف الطفيف في تقديرات الفقـر عبـر السـنوات، فـإن الاتجاه لـم يتغيـر، فريف الوجـه القبلـي رغـم الانخفاض الطفيـف فـي نسـبة ُ الفقـر فيـه مقارنـة بسـنوات سـابقة، فإنـه يعـد الأفقر علـى مـدار هـذه السـنوات، ولتوضيـح عـبء الفجـوة التنمويـة الجغرافيـة لغيـر صالـح ريـف الوجـه القبلـي، يتعيـن التأكيـد وفقا للمسـح نفسـه السـابق الإشارة إليـه أن 48 %مـن سـكان ريـف الوجـه القبلـي لايسـتطيعون الوفـاء باحتياجاتهـم الأساسية مـن الغـذاء وغيـر الغـذاء، ولايزال ثلثـا الفقـراء يقطنـون فـي الريـف، و43 %منهـم يعيشـون فـي ريـف الوجـه القبلـي بينمـا يقطـن فيه حوالـى 26 %مـن السـكان. ومما لا شـك فيه أن السـؤال الذي يطرح نفسـه، لمـاذا علـى مـدار سـنوات طويلـة لـم تـؤد الجهـود المتعـددة لتنميـة الريـف، وبالأخص ريـف الوجـه القبلـي، إلـى إحـداث تحـول تنمـوي جوهـري فـي أوضـاع هـذا الإقليم، فالانخفاض الطفيـف فـي معدلات الفقـر فـي هـذا الإقليم يلقـي بظلاله علـى مـدى نجاعـة الجهـود التنمويـة التـي تتـم فيـه، يسـعى هـذا المقـال إلقاء الضـوء علـى ملامح البرنامج القومي لتطوير الريف المصري، وتحليل الإشكاليات الهيكليـة فـي تنميـة الريـف المصـري والتـي تقتضـي حلول غيـر اعتياديـة.
حظـي الريـف المصـري باهتمـام رئاسـي منـذ عـام 2019 عندمـا تـم تدشـين المبـادرة الرئاسـية “حيـاة كريمة”، وهي مبادرة هدفها تحقيق هدف العدالة المكانيـة، وهـو هـدف مـن الأهداف الرئيسـة لرؤية ُ ً مثـل هـذه المبـادرة نموذجا للشـراكة مصـر 2030 بيـن الـوزارات والمؤسسـات الحكوميـة المعنيـة، والقطـاع الخـاص والمجتمـع المدنـي، تتمثـل فـي الـوزارات والمؤسسـات الحكوميـة المعنيـة فـي وزارات التضامـن الاجتماعي والتخطيط والتنمية الاقتصادية والقـوى العاملـة والتنميـة المحليـة والماليـة، بالإضافة إلـى جهـاز تنمية المشـروعات المتوسـطة والصغيـرة ومتناهيـة الصغـر وغيرها مـن المؤسسـات الحكوميـة، كمـا يشـارك فيهـا عـدد مـن الجمعيـات الأهلية، فضلا عـن القطـاع المصرفـي وبيـت الـزكاة والصدقـات المصـري وبعـض الجامعـات الخاصـة. تتحـدد أهـداف المبـادرة فـي أربعـة أهـداف اسـتراتيجية، وهـي، بنـاء الإنسان، وتحسـين جودة حيـاة المواطنيـن، وتحسـين مسـتوى معيشـة المواطنيـن الأكثر احتياجـا، وتوفيـر فـرص عمـل اللائق ومنتـج، كانـت أهـداف التنميـة المسـتدامة وبالتحديـد الهـدف األول، وهـو القضـاء علـى الفقـر بـكل صـوره وفـى كل مـكان، والهـدف العاشـر الخـاص بالحـد مـن التفـاوت داخـل البلـدان وفيمـا بينهـا هـي الأهداف الملهمـة للمبـادرة، ومـع ذلـك فقـد تماسـت كل تدخلات المبـادرة مـع مجمـل أهـداف التنميـة المسـتدامة، وربمـا قيمـة هـذه المبـادرة هـي قيامهـا بتصميـم تدخلات قصديـة لتحقيـق أهـداف محـددة فـي المناطـق الأكثر احتياجـا، ولهـذا السـبب تـم إعـداد صيغـة تمويليـة لتوزيـع الاستثمارات علـى القـرى المسـتهدفة تأخـذ فـي الاعتبار متغيريـن أساسـيين: وهمـا عـدد السـكان ومعـدل الفقـر فـي كل قريـة بغيـة الوصـول إلـى سـقف تمويلي استرشـادي يؤخذ في الاعتبار عنـد تحديـد أولويات التمويل في كل قرية. اسـتهدفت المبـادرة في مرحلتهـا الأولى 143 قرية فـي 11 محافظـة، بواقـع 8.1 مليـون فـي 46 مركـز مسـتفيد، بلغـت نسـبة الفقـر فـي المحافظـات المسـتهدفة 76 ،%وبلغـت جملـة الاعتمادات الموجهـة لقـرى المرحلة الأولى 5.5 مليارات جنيه وقـد أسـفر تقييـم المرحلـة الأولى من حيـاة كريمة )2019 – 2021 )وفقـا لمـا قـام بـه الجهـاز المركـزي للتعبئـة العامـة والإحصاء عـن عـدد مـن النتائـج: أولهـا، انخفـاض معـدل الفقـر بحوالـي 14 نقطـة مئوية، ثانيها، تحسن مؤشر جودة الحياة )معدل إتاحـة الخدمـات الأساسية( بحوالـي 18 نقطـة، وثالثهـا، تحسـن فـي معـدل التغطيـة بالخدمـات الصحيـة بحوالـي 24 نقطـة، ورابعهـا، تحسـن فـي معـدل التغطيـة بالخدمـات التعليميـة بحوالـي 12 نقطـة، وأخيـرا تحسـن فـي معـدل التغطيـة بالصـرف الصحـي بحوالـي 46 نقطـة مئويـة. مـع بـزوغ عـام 2021، تـم إعلان البرنامـج القومـي لتطويـر الريـف المصـري، يغطـي البرنامـج الريـف المصـري ككل، بإجمالـي عـدد قـرى 4500 قريـة، و30888 مـن التوابـع والعـزب، فـي حوالـي 26 محافظـة، بعـدد سـكان يقـارب 57 %مـن سـكان مصـر، وتـم تحديـد أهـداف البرنامـج فـي التالـي: البنيـة التحتيـة الأساسية) شـبكات الميـاه والصـرف الصحـي، شـبكات الغـاز، الكهربـاء الاتصالات والإنترنت (. الخدمـات العامـة والاجتماعية) المـدارس، المستشـفيات والوحـدات الصحيـة، مكاتـب الخدمـات، الوحـدات الزراعيـة والبيطرية، مراكز الخدمـات الأمنية، المراكـز التكنولوجيـة، مراكـز الشـباب.. (. الحماية الاجتماعية وتوفير فرص العمل) برامج الحمايـة الاجتماعية والتمكيـن الاقتصادي، تنميـة الحـرف اليدويـة والمهـن وتوفيـر فـرص عمـل، المشـروعات الصغيـرة والمتوسـطة (. التطويـر المؤسسـي والمشـاركة المجتمعيـة وتنمية المهارات) من خلال إشراك المواطنين فـي تنفيـذ وتشـغيل وضمـان اسـتدامة هـذه المشـروعات، تنميـة مهـارات أهـل الريـف، والعمـل علـى زيـادة الوعـي والثقافـة..
( ممـا لا شـك فيـه، أن شـمول البرنامـج للأهداف الأربعة السـابق الإشارة إليهـا يشـير إلـى النظـرة التكامليـة فـي التنميـة، وكذلـك السـعي لضمـان اسـتدامة التدخلات التنمويـة، وممـا لا شـك فيـه أن توافـر الإرادة السياسـية مـن المتغيـرات المهمـة لضمـان نجـاح مسـاعي تطويـر الريـف المصـري، بيـد أن الضمـان الكامـل لذلـك يحتـاج إلـى إعـادة النظـر فـي بعـض المشكلات الهيكليـة والتـي تحتـاج معالجـات غيـر اعتياديـة.
ان الفـرار مـن الدوائـر المفرغـة التـي طالمـا عانينـا منها سنوات طويلة، يقتضي طرح نموذج تنموي أكثـر رحابـة، ينطلـق مـن الحـق فـي العمـل اللائق، وهو حق إذا تمت كفالته يتيح للمواطن مساحات فضفاضـة للتمتـع هـو وأسـرته بحقوق أخرى مثل التعليـم والصحـة وغيرهمـا، إن الانطلاق مـن الحـق فـي العمـل اللائق يقتضـي مداخـل مختلفـة للتعامـل مـع مشـكلة الفقـر ذات بعـد كلي، لا تركز علـى المواطـن بصفتـه فـردا، ولكـن تسـتهدف إحـداث نقلـة اقتصاديـة واجتماعيـة تحديثيـة فـي المناطـق المسـتهدفة تقـوم علـى أسـاس التالي:
تحديــث وتطويــر قطــاع الزراعــة: يعــد قطــاع الزراعــة هــو القطــاع الاقتصادي الرئيــس فــي الريــف، ويعانــي مــن مشكلات جمــة ناتجــة عــن تقليديــة هــذا القطــاع بصفــة عامــة وعــدم الاهتمام بتحديثــه علــى المســتوى القومــي، ممــا أدى إلــى انخفــاض إنتاجيتــه، فمعدلات نمــو الإنتاج الزراعــي انخفضــت مــن 43.4،% 91 – 2000 إلــى 23.2 ،%2011 – 2016 ،كمــا يعانــى مــن كثيـر مـن القيـود المتعلقـة بالقـدرة التنافسـية للمنتجــات الزراعيــة إقليميــا ودوليــا وتدنــى كفــاءة النظــم الزراعيــة وانخفــاض كفــاءة اســتخدام الميــاه وارتفــاع الفاقــد فــي الأغذية وسلاسل القيمــة، فمــا يقــرب مــن 15 %مــن المحاصيـل يتـم فقدانـه فـي الحصـاد والتخزيـن والنقــل، كل هــذا جعــل هــذا القطــاع طــاردا للعمالــة، وممــا ال شــك فيــه أنــه رغــم تقليديــة قطــاع الزراعــة فــي مصــر بصفــة عامــة، فــإن التحــدي أكثــر صعوبــة فــي ريــف الصعيــد؛ بسـبب عـدم تنـوع قطاعـات الإنتاج وانخفـاض قــدرة هــذا الإقليم علــى جــذب اســتثمارات فــي قطاعــات أخــرى، يســود فــي ريــف مصــر الحيازات الصغيــرة، فثالثــة أربــاع الحيازات أقـل مـن هكتـار، يشـتد الأمر حـدة فـي الصعيـد، حيــث تقــل مســاحة الحيازات عــن ريــف الوجــه البحـري، فضـا عـن ارتبـاط ريـف الوجـه القبلـي بزراعــات قصــب الســكر، وهــى زراعــات تعانــى
مــن انخفــاض قيمتهــا مــن ناحيــة ويصعــب التخلــي عنهــا لأســباب فنيــة مــن ناحيــة أخــرى، وبنـاء علـى ذلـك، فـإن أولـى خطوات الخـروج من الدوائــر المفرغــة فــي هــذا الصــدد هــو العمــل علــى تحديــث قطــاع الزراعــة فــي الريــف تحديثــا شاملا، بمــا يــؤدى إلــى تحويلــه مــن قطــاع تقليــدي منخفــض الإنتاجية إلــى قطــاع حديــث ذي قيمــة مضافــة أعلــى، جــاذب للعمالــة مــع مظلـة حماءيه جيدة تشـمل تأمينات اجتماعية، ًـا لحقـوق العمـل، ً ًّ ـا صحي ً ـا شـاملا وضمان وتأمين ممــا يضفــي عليــه الطابــع الرســمي، يســتلزم ذلــك ضــخ مزيــد مــن الاستثمارات العامــة والخاصـة فـي هـذا القطـاع والعمـل علـى تغييـر منهجيـة إداراتـه مـن خـال التوسـع فـي الزراعـة التعاقديــة وتطبيــق تقنيــات الميكنــة الحديثــة، والتــي تــؤدي إلــى رفــع الإنتاجية وتوفيــر فــرص عمــل جديــدة فــي صيانــة الالة وتشــغيلها وإنتــاج مســتلزماتها.
تشـجيع التصنيـع الزراعـي فـي الريـف والـذي ً يحقـق عـددا مـن الأمور: أولهـا، مزيـد مـن رفـع القيمـة المضافـة للقطـاع الزراعـي، ثانيهـا، توفيـر مزيـد مـن فـرص العمـل المسـتدام وشـبه المسـتدام خاصـة للنسـاء، ثالثهـا، الحفـاظ علـى المحاصيـل الزراعيـة مـن الهـدر، رابعهـا، توفيـر الغـذاء، وأخيـرا، خلـق قيـم عمـل حداثيـة قائمـة علـى الانتظام فـي مواقـع العمـل والالتزام بالمواعيـد وتعلـم معاييـر العمـل الحديثـة ممـا يصـب فـي صالـح تغييـر المنظومـة الثقافيـة الحاكمـة للريـف، والتـي تسـهم فـي تغييـر كثيـر مـن القيـم الثقافيـة التقليديـة ومـن أهمهـا الحـد مـن الإنجاب.
ذلـك إعـادة النظـر فـي قوانيـن التعـاون بشـكل جــذري، ممــا يجعلهــا قــادرة علــى توفيــر أطــر مؤسســية مرنــة وناجحــة للإنتاج والتســويق.
مـــد مظلة الحمايـــة الاجتماعية وبالأخص التأمينـــات الاجتماعية والتأميـــن الصحـــي الشـــامل إلـــى العامليـــن فـــي قطـــاع الزراعـــة، بحيـــث يتحـــول هـــذا القطـــاع مـــن قطـــاع غيـــر رســـمي إلـــى قطـــاع رســـمي، والحقيقـــة أن الفرصــة قائمــة، حيــث يتيــح قانــون التأمينــات الاجتماعية الجديـــد فرصـــة لتغطيـــة العمالـــة غيـــر المنتظمـــة.
إتاحة مسـاحة للمواطنين للمشـاركة في إدارة الخدمـات الأساسية ومتابعتهـا ومراقبتهـا مـن خلال تنشـيط مجالس الأمناء فـي المدارس ومجالس إدارات الوحدات الصحية، وهي تضم ممثليـن عـن المجتمعـات المحليـة، مـع ابتـداع أشـكال تنظيمية أخرى، مثل، منتديات متابعة أداء الخدمـات العامـة، وهـي أشـكال موجـودة فـي كثيـر مـن البلـدات الآسيوية وهدفهـا ليس فقـط المتابعـة، ولكـن المسـاهمة فـي تذليـل أي عقبـات تحـول دون كفـاءة الأداء. وأخيـــرا، يظـــل التحـــول نحـــو اللامركزية الإدارية والماليـــة وفقـــا لمـــا ورد فـــي دســـتور 2014 إطـــارا أساســـيا للإصلاح الإداري والمؤسســـي، ممـــا يسـتلزم إصـدار قانـون الإدارة المحليـة والشـروع فـــي إجـــراء الانتخابات المحليـــة، وربمـــا يتعيـــن الإشارة ختامـا إلـى أن أحـد أسـباب فشـل تجربـة تنميــة الألف قريــة الأكثر فقــرا فــي العقــد األول مـــن هـــذه الألفية كان الإصرار علـــى تنفيذهـــا بشـــكل مركـــزي وتهميـــش دور المؤسســـات المحليـة فـي ذلـك بـكل مسـتوياتها سـواء كانـت تنفيذيـــة أو منتخبـــة.
وهو ما يتفق مع ما جاء فى الفصل الرابع من الباب الثالث من كتاب ” ومضات على الطريق ” الجزء الأول للمفكر العربى على محمد الشرفاء بعنوان ” مشروع وخارطة طريق – مشروع القرية المصرية ” والذى ينص على ،،
تَمُرُ جمهورية مصر العربية الغالية على كل مواطن عربي شريف- بمنعطف تاريخي؛ تبني على أساسه مستقبل الشعب المصري للأجيال القادمة؛ وهو الأمر الذي يحقق له حرية الإرادة في اتخاذ قراره السياسي، واقتداره في حماية أمنه واستقلاله، والعمل على تعميق مفهوم الوحدة الوطنية، وحشد إمكانياته لتحقيق العيش الكريم للمواطن؛ من سكن ودخل مادي يفي باحتياجات أسرته. وذلك لن يتحقق إلا برؤية مستنيرة تستوعب متطلبات الشعب المصري، وبخطة تنموية تستطيع تسخير قدرات المواطنين المصريين في مشاريع التنمية ومن هذا المنطلق؛ فلقد عايشت الشعب المصري في أفراحه وانتصاراته و من موقع مواطن عربي امتزجت آماله وأحلامه مع الشعب المصري خلال فترة دراستي في الكلية الحربية التي تخرجت منها في فبراير سنة 1966، ومن موقعي؛ كمدير ديوان الرئاسة في دولة الإمارات العربية المتحدة من سنة 1973 حتى 1995؛ تشرفت خلالها بتكليف من المرحوم الشيخ زايد بن سلطان آل نهیان – رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة- أن أتولى وضع آلية . الأسس بناء علاقة مميزة مع جمهورية مصر العربية.
وكذلك السعي لعودتها إلى العالم العربي بعد قرار المقاطعة إثر توقيع اتفاقية كامب ديفيد، وبفضل من الله -تعالى- وبصيرة من المرحوم الشيخ زايد، وإدراك واع من منه بأهمية الدور الاستراتيجي لمصر في الأمن القومي العربي؛ لكي يتحقق ما يرجوه لمصر من عودة كريمة لأشقائها العرب ؛ فإنني قمت بدراسة متواضعة في شأن التنمية الشاملة، وانتهيت بتقديم اقتراحين المشروعين يمكنهما تحقيق هذه التنمية، وهما: . مشروع القرية المصرية. 2 . مشروع التأهيل القومي.
أولاً: إن مشروع القرية المصرية يستطيع استيعاب ساكني العشوائيات. بالإضافة إلى إيجاد فرص عمل للعاطلين من مختلف المستويات والطبقات، محققا لهم عملاً دائما، ومكنا لأسرهم، وعائدا ماليا مناسبا بالإضافة إلى تقديم خدمات التعليم والصحة والتدريب والمحافظة على الأراضي الصالحة للزراعة ضمن برنامج يشترك فيه القادرون من الأفراد والأسر الذين سيكونون أعضاء في مشروع القرية المصرية إن أقل مساحة يتم استغلالها لن تقل عن خمس آلاف وخمس مائة فدان ضمن خطة زراعية تستطيع استصلاح آلاف القرى المصرية في مختلف المحافظات فتكون قادرة على تأمين القمح والذرة في التخفيف عن ميزانية الاستيراد الخارجي وصولا بها إلى فائض تصديري بحيث تصبح كل أسرة مالكة لمسكن لا تقل مساحته عن 120 م2 إضافة إلى تملكها عدد سهمين أي ما يعادل مساحة فدانين من الأرض وما ينتج تتوارثه الأسرة جيلا بعد جيل وبهذا الأسلوب تتم المحافظة على عدم تفتيت الملكية وتحقق لكل أسرة عائد شهري لا يقل عن 1500 جنيها مصريا تقريبا أي أن هذا المشروع يحقق ما يأتي: –
1- تأمين سكن مناسب لكل أسرة مساحته 120 م2 على مساحة أرض مساحتها 300 م2 تستطيع الأسرة اقتناء بعض الحيوانات الأليفة والطيور لتربيتها فيها وسيتم البناء على مساحة 500 فدان مع مباني الخدمات العامة كالمدارس والمساجد والكنائس ومراكز التدريب
2- تأمين دخل مناسب لكل أسرة لا يقل عن 1500 جنيه يتحقق الاكتفاء الذاتي والغذائي من القمح والذرة يتم الحفاظ على المساحات الأراضي بدون تفتيت للملكية توظيف قدرات الوزارات المختصة في عمل تعاونية مشترك
3- تكوين احتياطي من الجنود للقوات المسلحة؛ حيث يتضمن المشروع تدريباً عسكريًا؛ وذلك عند الحاجة للدفاع عن الوطن. لقد فشلت مشروعات سابقة منذ أيام المرحوم الرئيس السادات؛ وذلك عندما تم توزيع أراضي زراعية على الخريجين؛ وهم لا يملكون الخبرة الزراعية، ولا القدرة المالية، ويومها توزعت تلك المساحات الزراعية على شكل قطع صغيرة ليست اقتصادية.
4- لذا يجب المحافظة على مساحات الأراضي القابلة للزراعة، وعدم توزيعها عشوائيا؛ لأن هذا الأسلوب لن يحقق أية مصلحة للمواطنين، وتضيع . الأراضي بيد أفراد لا يعرفون كيفية الإفادة منها، وهذا أمر خطير يتعارض مع المصلحة العامة، ويفتح بابا للنزاعات؛ حيث إن كل مواطن سيطالب بحقه في تملك أرض زراعية ولن تستطيع المساحات الموجودة في جمهورية مصر العربية أن تفي بطلبات جميع المواطنين؛ لذا فإنني اقترح
أولاً: تمليك الأرض بمنح كل أسرة ( سهمين) بما يعادل محصول (فدائين).
ثانياً: أما مشروع التأهيل القومي فهو يستهدف إعادة تأهيل المواطنين؛! تدفعهم ظروفهم المعيشية الصعبة إلى أن يصبحوا خارجين على القانون، فير هقون ميزانية الدولة في ملاحقتهم، واعتقالهم، وإعاشتهم في السجون. إن هذا المشروع يستوعبهم بإعادة تأهيلهم؛ ليكونوا مواطنين صالحين، وذلك بمنح أسرهم (مهمين)، أي ما يعادل محصول (فدانين). حيث إنهم سيقومون بالعمل في المشروع الزراعي الذي شرحناء في مشروع القرية المصرية، وتمنح أمرهم مكنا بعد. ت من التأهيل حسب حسن السير والسلوك، ويمكن التوسع في تعميم هذا المشروع في كل المحافظات وبذلك لن يبقى في السجون إلا أصحاب الجنايات الكبرى؛
أ. تقليل نسبة الجرائم في المجتمع.
ب. إعادة الإفادة من قدرات المواطنين بعد تأهيلهم في خدمة المجتمع.
ت. توفير ميزانية الدولة التي يتم صرفها على إعاشة المساجين، وحراستهم.
ث. تكوين احتياطي للقوات المسلحة.
ج. تحقيق استقرار وأمن للمواطنين. لذا فإنني اقترح البدء في تنفيذ مشروع القرية المصرية في سيناء؛ وذلك بإنشاء عشرين قرية تتفق مع متطلبات الأمن القومي المصري. هذه مقترحات متواضعة أضعها بين يدي معاليكم لكي يتم تدارسها مع الخبراء، والاختصاصيين لخدمة شعب مصر. داعيا المولى عز وجل – أن يعينكم على تحمل مسئولياتكم، وأن يأخذ بيديكم التحقيق ما تتمناه مصر وشعبها العظيم .