وفي ذلك قد تندرج نسخ «تسونامي» التي تضرب مناطق مختلفة في الأرض، ولسنا بحاجة إلى التذكير بالمعطيات والتحذيرات من العواقب الوخيمة التي نشأت وستنشأ عن ازدياد سخونة كوكبنا، بسبب ما أحدثه البشر أنفسهم من عبث في البيئة التي أمّنت لهم العيش عبر أجيال متعاقبة.
كوارث الطبيعة من حولنا قمينة بأن تجعلنا نقف أمام ما سندعوه «جنون البشر»، فحين تغضب الطبيعة فإنها لا تفرّق بينهم، ليست معنية بأي لغة يتكلمون، ولا أي ديانة يتبعون، ولا لأي أمة ينتمون، ولا بأي فريق من فرقاء الصراعات العبثية الجارية بينهم. وهل من دليل أبلغ من أن الزلزال الأخير الذي طال أجزاء من سوريا، لم يفرّق بين الساكنين في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، ولا تلك الخاضعة لسيطرة معارضيه؟ ففي لحظات أصبحت تحت ركام المباني التي هدّها الزلزال جثث قتلى ومصابين من مختلف الأهواء، ولعل أغلبيتهم لا شأن لهم بالصراع الدموي الدائر، لكنها الأقدار التي جعلت المنطقة التي ولدوا ونشأوا وعاشوا فيها أصبحت تحت سيطرة هذا الفريق أو ذاك.
وللأسف، فإنه حتى في كارثة مروّعة بحجم الزلزال الأخير تدخل الحسابات البغيضة للسياسة حتى في صور تقديم الدعم الإنساني الضروري للضحايا، حيث عزفت دول كثيرة عن تقديم الدعم للضحايا في سوريا تحت ذرائع السياسة الواهية، التي لا تتسق مع السوية الإنسانية التي تقتضي نصرة الإنسان لأخيه الإنسان في أوقات المحن.
سؤال مكرّر قيل مرات عديدة عند حلول أي كارثة ككارثة الزلزال: أما آن للبشر أن يتعظوا، ويكفوا عن حماقاتهم، ويوجّهوا جهودهم للتنمية والبناء وتأمين الوقاية من كوارث قادمة تهدّد كامل الحياة على الأرض، بدل أن يغرقوا في دوامة الحروب والصراعات والمكائد، فيوجهوا الموارد نحو ما هو خيّر وبنّاء، بدل الغرق في لجج الحروب التي لم تكن يوماً نزهة، وإنما هي لعنة.
نقلا عن الخليج .