مسجد جمع بين قوة البناء وعظمة ورقه زخارفه فهو درة وفخر العمارة الإسلامية القديمة، هو مسجد السلطان حسن، الذى يقع فى منطقة القلعة، والذى يرصد مرحلة نضوج العمارة المملوكية، أنشأه السلطان الناصر حسن بن الناصر محمد بن قلاوون خلال الفترة من (757هـ/1356م) إلى (764هـ/1363م) خلال حقبة حكم المماليك البحرية لمصر.
كانت بداية إنشاء المسجد على قطعة أرض تعرف باسم”سوق الخيل”فى ميدان الرميلة، وهى المنطقة التى تقع فى الوقت الحالى بميدان صلاح الدين والسيدة عائشة، وكان السلطان الناصر محمد بن قلاوون قد بنى عليها قصراً ضخماً ليسكنه أحد أمرائه المقربين، وهو الأمير المملوكى يلبغا اليحياوى، الذى كان يشغل منصب نائب السلطنة على الشام، ولكن تم هدم القصر عندما قرر السلطان حسن فى بناء الجامع سنة 1356م.
تكلف إنشاء الجامع أموالاً كثيرة حيث خصص له السلطان حسن ميزانية ضخمة، وهذا ملاحظ من ضخامة الجامع ودقة الصناعة، التى أبهرت العالم.
يعتمد تصميم مسجد السلطان حسن الذى يبلغ مساحته 7906 متر مربع، حيث يبلغ أقصى طول 150 متر، وأقصى عرض 68 متر، على التخطيط المتعامد، يتوسطه صحن مفتوح محاط بأربعة إيوانات، كل منها مغطى بقبو، وأعمق هذه الإيوانات الذى يقع فى اتجاه القبلة، ويضم المحراب والمنبر، وتوجد فى وسط الصحن نافورة تعلوها قبة بنيت على ثمانية أعمدة، ويضم الصحن أربعة أبواب تفتح على أربعة مدارس، تمثل المذاهب الأربعة التى كان أكبرها المذهب الحنفى، وتضم كل مدرسة صحنا وإيوانا مفتوحا، وفى وسط الصحن نافورة، وتطل على الصحن طبقات من الحجرات بعضها فوق بعض، وتقع غرفة الدفن خلف حائط القبلة، وللمدرسة مئذنتان تقعان عند الواجهة الشرقية، ويقع المدخل الرئيسى عند الركن الغربى للواجهة الشمالية، ويظهر نمط المدرسة التأثير (السلجوقى) على العمارة المصرية.
وأنشئ المسجد على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد، وتعد كل مدرسة مسجداً صغيراً، وكل منها مخصصة لتدريس مذهب من المذاهب الإسلامية الأربعة “الشافعى، المالكى، الحنبلى، والحنفى”، أكبر هذه المدارس الحنفية إذ تبلغ مساحتها 898 متر، وخصص لكل مذهب شيخاً ومائة طالب، وثلاثة معيدون، وحدد لكل منهم راتباً حسب وظيفته، وعين مدرساً لتفسير القرآن، كما عين مدرسا للحديث النبوى.
ولضمان انتظام العمل بالمدرسة عين السلطان حسن اثنين لمراقبة الحضور والغياب، أحدهما بالليل والآخر بالنهار، وأعد مكتبة وعين لها أميناً، وألحق بالمدرسة مكتبين لتعليم الأيتام القرآن والخط، وقرر لهم الكسوة والطعام، فكان إذا أتم اليتيم القرآن حفظاً يعطى 50 درهماً، ويمنح مؤدبه مثلها ومكافأة له.
باب المسجد الحالى ليس بابه الأصلى، حيث كان بابه الأصلى مغطى بالمعدن والنحاس، وسرقه السلطان المؤيد شيخ ووضعه على باب مسجده فى منطقة باب زويلة وما زال موجودا حتى الآن يحمل اسم السلطان حسن.
وعندما تمر من أمام مسجد السلطان حسن تجد نفسك منجذب نحو أكبر مئذنة والتى ترتفع نحو 81 مترًا أعلى المسجد، لتكون أطول المآذن فى مصر، استمرالعمل فى بناء المسجد حتى مقتل السلطان على أيدى بعض أمراء المماليك، عندما كان فى رحلة صيد سنة (762 هـ / 1360 م)، وألقوا به في النيل ولم يعرف له قبر.
نظرًا لموقع الجامع أمام قلعة الجبل، جعل المماليك يتخذونه حصنًا لهم، حال حدوث خلاف بينهم، فيصعدون إلى أعلى المبنى ويضربون القلعة، وعندما تكررت تلك الأحداث عدة مرات أمر السلطان الظاهر برقوق سنة (793هـ/1391م) بهدم السلم الموصل إلى سطح المدرسة وسد ما وراء الباب النحاسى الكبير، وفتح أحد شبابيك المدرسة للوصول إلى الداخل.
ولكن تم إعادة بناء الدرج مرة أخرى فى عام (825هـ/1422م)، وتم تركيب باب مكان الباب الذى أخذه المؤيد شيخ، وعندما عاود الأمراء مهاجمة القلعة من المدرسة أمر السلطان أبو سعيد جقمق بهدم السلالم الموصلة إلى المنارات سنة (842هـ/1438م).
وفى سنة (858هـ/1454م) عهد السلطان أبو النصر إينال إلى المهندسين بفحص المنارة القبلية، فتبين لهم سلامتها، ولكن وجد أن رصاص القبة به ثغرات، وهلالها به اعوجاج من كثرة إصابتها خلال الحروب، فرفع وبقيت القبة بدونه.
وفى سنة (902هـ/1497م) تم محاصرة القلعة وتبادل المماليك الضربات من وإلى المدرسة، ونهبت بسط المدرسة وقناديلها ورخامها.
وفى سنة (903هـ/1497م) جدد الأمير طومانباى الدوادار الثانى جدران المدرسة وأصلح ما تلف منها، وأقيمت الخطبة بها بعد أن كانت معطلة نحو 10 أشهر.
وفى سنة (906هـ/1500م) هدم الأشرف جان بلاط جزءاً بسيطاً خلف محراب القبة بصعوبة ثم أوقف الهدم، وعندما ولى ملك مصر الملك العادل طومان باى أمر بترميم جميع ما تهدم من جدران فى مدة محاصرة القلعة، ثم سد الباب الكبير مرة ثانية لمدة 51 سنة منذ سنة
(1149هـ/1736م) وحتى سنة (1200هـ/1785م) حيث أصلح المسجد سليم أغا وفتح بابه وأزال الدكاكين من أسفله، وبنى له سلالم ومصطبة جديدة.
ولاتزال صورة مسجد السلطان حسن مطبوعة على العملة المصرية فئة 100 جنيه، كنوع من الترويج السياحى للمعالم الأثرية المصرية.