أكد الدكتور أيمن سمير خبير العلاقات الدولية أنه لأول مرة يتحدث الرئيس الصينى بشكل واضح وصريح حول فكرة دعم الصين لحصول فلسطين على العضوية الكاملة فى الأمم المتحدة، وذلك خلال انعقاد القمة العربية الصينية التى عقدت بالرياض .
وأوضح أن عضوية الصين فى الوقت الحالى تصنف كمراقب وليست بصفة العضوية الكاملة أو الدولة الكاملة، لافتا إلى أن الرئيس الصينى فى كلمته بالقمة أكد على استعداد الصين لدعم توجه الرئيس الفلسطينى والحكومة الفلسطينية لمجلس الأمن وطلب العضوية الكاملة، وهذا تطور كبير جدا باعتبار أن الصين دولة دائمة العضوية فى مجلس الأمن .
وتابع : ” الصين دعمت حل الدولتين وضرورة قيام دولة فلسطينية على حدود ٤ يونيو ١٩٦٧ وتكون عاصمتها القدس الشرقية .
وأوضح أن الصين رفضت فكرة التوسع فى المستوطنات ، مؤكدة أن المستوطنات تضر بالعملية السياسية والعملية السلمية بين فلسطين وإسرائيل، لكن أيضا أكدت دعمها لمنظمة الأنوا وهى منظمة تقوم بخدمة وتقديم الدعم للاجئين الفلسطينين فى المخيمات الفلسطينية الموجودة فى الدول التى تقع على حدود فلسطين ، سواء فى الأردن أو سوريا أو لبنان ، بالإضافة لقطاع غزة.
ولفت إلى أن القمة أكدت على أن القضية الفلسطينية مازالت هى القضية المحورية والمركزية للشعوب العربية أولا، وأن حلها هو الطريق الصحيح لاستتباب الأمن والسلام والازدهار فى منطقة الشرق الأوسط .
وحول موقف الولايات المتحدة الأمريكية من هذه القمة قتل د. ايمن سمير أن أمريكا رغم انها تقول علانية أنها لا تخير أصدقائها بينها وبين الصين أو أى دولة أخرى ، ومن حق أى دولة ذات سيادة أن تختار الاصدقاء والحلفاء، لكن من الواضح أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت غاضبة من انعقاد القمة .
وارجع خبير العلاقات الدولية غضب أمريكا إلى سببين ، الاول هو أن غالبية كلمات القادة العرب بما فيهم كلمة الرئيس السيسى تحدثت عن عالم متعدد الأقطاب ، والولايات المتحدة تريد أن تظل هيمنتها هى الهيمنة الوحيدة فى العالم ، واستمرار سياسة القطب الواحد .
أضاف أن مطالبة الدول العربية بأن يقود العالم عدد من الأقطاب ، كالولايات المتحدة الأمريكية، والصين، وروسيا، والهند، والبرازيل، وغيرها من الدول الكبيرة، فهذا لا يصب فى صالح الولايات المتحدة الأمريكية .
والسبب الثانى الذى أغضب الولايات المتحدة الأمريكية من القمة العربية الصينية هو أن الصين عقدت هذه القمة مع دول يفترض أنهم حلفاء للولايات المتحدة الأمريكية ، لافتا إلى أن اليوم تشعر الولايات المتحدة الأمريكية أن جزء من اهتمامات هذه الدول يتجه نحو الصين والقوى الآسيوية الجديدة ، وليست ناحية الغرب وناحية الولايات المتحدة ، وهو ما يقلق الولايات المتحدة .
وأشار د. ايمن سمير خبير العلاقات الدولية إلى أن طبيعة المخرجات التى خرجت من القمم الثلاث ” القمة السعودية الصينية – القمة الخليجية الصينية – القمة العربية الصينية ” تشترط عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى ، واحترام ثقافة وخصوصية وهوية كل مجتمع ، وهذا البند بالتأكيد كان موجه للولايات المتحدة الأمريكية لأنها هى من تتدخل فى الشئون الداخلية للدول، وهى من تحاول أن تفرض أنظمة حكم على الدول العربية مثلما حاولت فرض الإخوان فى ٢٠١١ ، والان تتدخل فى الشأن الداخلى العربى تحت ملف حقوق الإنسان ومحاولة استرجاع الفوضى والتخريب مرة أخرى فى المنطقة .
وتوقع أن ترد الولايات المتحدة الأمريكية على القمة العربية الصينية بمجموعة من الإجراءات ، الإجراء الاول قد تقوم بسحب منظومات الدفاع الصاروخية الأمريكية مثل منظومات البترويد فى منطقة الخليج لأن منطقة الخليج بها ٣٠ ألف جندى أمريكى فى الوقت الحالى قد تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بسحب جزء من الجنود أو من الأسلحة بحجة نقلهم إلى أوروبا بسبب الحرب الروسية الأوكرانية ، لافتا إلى أن هذا الأمر حدث بالفعل حيث بدأت تطلب منظومات دفاعية سبق أن باعتها لدول خليجية من قبل .
وقال د. ايمن سمير الولايات المتحدة الأمريكية قد تقوم أيضا بإثارة ملفات تتعلق بحقوق الإنسان وخلق مشاكل للدول العربية ، بالإضافة لتخلى الولايات المتحدة عن نزع السلاح النووى لإيران أو عمل اتفاق حول الاتفاق النووى مع إيران ، وكأنها تترك مشاكل الخليج مع إيران للدول نفسها كنوع من الضغط على الدول الخليجية .
وأوضح أن الدول العربية بعد القمة العربية الصينية تحاول أن تعمل بخطوط متوازية وليس خطوط متوالية، بمعنى أن تسير فى خط العلاقات العربية الصينية وفى نفس الوقت تسير مع خط العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية ، لأن الصين هى الشريك التجارى الاول حاليا للدول العربية ، وتركز على العلاقات الأمنية والعسكرية مع الولايات المتحدة الأمريكية ، وكلا العلاقتان تسير جنبا إلى جنب فى شكل متوازى وليس فى شكل متوالى .
وحول العلاقات المصرية الصينية ، كشف خبير العلاقات الدولية أن العلاقات المصرية الصينية قديمة وربما هى اقدم علاقة ما بين الصين وأى دولة أخرى ، لافتا إلى أن أول كتاب صدر فى الصين منذ آلاف السنين لم تذكر فيه إلا دولة مصر وتحديدا ميناء السويس، وايضا الملكة كليوباترا ملكة مصر كانت ترتدى الحرير الصينى ، وهى أول حكومة خارج حكومة الصين تعمل أنوال لصناعة الحرير والخيوط الصينية حتى تنسج ملابسها من الحرير الصينى، وهو ما يؤكد أنه كان هناك نوعا من التعاون الاقتصادى بين البلدين منذ آلاف السنين، ومؤخرا كانت مصر هى أول دولة عربية وافريقية وشرق أوسطية تعترف بحكومة الصين ، لأن عندما قامت الثورة الشيوعية فى الصين عام ١٩٤٩ كل دول العالم بما فيهم الولايات المتحدة الأمريكية رفضت الاعتراف بها ، إلا أن مصر اعترفت بها عام ١٩٥٦ .
وقال، عندما قامت الثورة الثقافية فى الصين وتعرضت الصين لأزمة اقتصادية داخلية ، سحبت الصين كل سفرائها من منطقة الشرق الأوسط ولم تبقى الا على سفيرها فى القاهرة .
وتابع: ” بعد ثورة ٣٠ يونيو دعمت الصين الثورة فى مصر واعتبرتها ثورة شعبية ودافعت عن حق الشعب المصرى فى اختيار حكومته ولم تسير فى ركب الولايات المتحدة الأمريكية والرئيس أوباما وقتها فى معارضة الحكومة المصرية ، لافتا إلى أن هناك أكثر من ١٠٠ شركة صينية تعمل فى مصر ، وحجم التبادل التجارى بين مصر والصين فى أول ٩ شهور من هذا العام سجلت ١٤ مليار دولار ، بالإضافة للمشروعات الصينية فى المنطقة الصناعية فى محور قناة السويس .