كتب اليوم السبت الدكتور اسامة الغزالي حرب في عاموده اليومي بصحيفة الاهرام منتقدا بشدة ، وله كل الحق ، ما خرج به الاعلامي ابراهيم عيسي امس علي القناة التليفزيونية التي يقدم برنامجه منها، ليقول في ذكري عيد النصر ( ١٩٥٦ ) انه لم يكن نصرا وانما كان هزيمة عسكرية ساحقة ماحقة ، وهذه هي اوصافه التي درج علي اطلاقها جرافا وبلا تحفظ او تدبر لما تعنيه من معاني سلبية ومسيئة لمن يقصدهم بها ، ولا يكتفي بذلك وانما يقول ان ما تبع هذه الهزيمة العسكرية من كذب وتضليل وتدليس وعدم مصارحة المصريين بحقيقة ما حدث وقتها من تنازلات لاسرائيل بفتح خليج العقبة للملاحة امامهم ، هي التي مهدت لهزيمة يونيو ١٩٦٧ ، الخ… وقد وبخه الدكتور اسامة الغزالي حرب علي مغالطاته وافتراءاته وقال ان ما حققته مصر في مقاومتها للعدوان العسكري الفرنسي البريطاني عليها كان نصرا سياسبا كبيرا وكان موضع تقدير العالم كله…..
وهنا اقول لهذا النوع المضلل والكاذب من الاعلاميين ، ارحموا تاريخ بلدكم وارحموا شعبكم من هذا السيل المتواصل من تشكيكه في تاريخه ، ومن استخفافكم بمنجزاته ، ومن تحقيركم لنضاله الوطني الذي بهر به كل دول العالم التي كانت تناضل من اجل حريتها واستقلالها، وكان ملهما للعديد من الثورات الوطنية التحررية في مناطق شاسعة من العالم ، وهذه كلها حقائق راسخة ومعروفة ولا تحتاج الي شهادتي او الي شهادة غيري عنها ، وانما اقولها فقط للرد بها علي هذا السيل المستمر من الافتراءات والاكاذيب والسموم التي يبثها هذا النوع غير المسئول من الاعلام والاعلاميين…..
واتساءل كيف كان يمكن لعبد الناصر ولمصر كلها ان تنتصر عسكريا علي اثنتين من اكبر القوي العسكرية في العالم وقتها ومن ورائهما حلف الناتو بكامل عتاده وقواته وتجهيزاته ، وشريكهما الامريكي الذي ناصب مصر العداء الشديد منذ اللحظة التي اعلن الرئيس عبدالناصر فيها تاميم شركة قناة السويس ، واعقبها في الحال حشد الاساطيل وتحريكها من قواعدها في البحر الابيض المتوسط في مظاهرة بحرية حاشدة ، وكيف ننسي تآمرهما مع اسرائيل في اتفاقية سيفر في باريس قبل الغزو بشهرين لتقوم بدور راس الحربة في خطة غزوهما عسكريا لمنطقة قناة السويس بالهجوم علي سيناء واحتلالها لاشغال مصر وارباكها وبعثرة جيشها كمقدمة لاسقاط الرئيس عبدالناصر ونظامه وانها تهديده وخطره علي مصالحهم في الشرق الاوسط… كان هناك سيناريو غزو مخطط ومكتمل الاركان في وقت كانت مصر تقدر بالكاد علي الدفاع عن نفسها ولما يمضي علي استلامها للاسلحة السوفيتية الجديدة بضعة شهور ولم تكن قد تدربت عليها، وكذلك بعد ان كانت قد تسلمت لتوها قاعدة قناة السويس العسكرية بعد جلاء البريطانيين عنها… فعن اي انتصار عسكري مصري وسط هذا كله نتحدث ولان نقول ان ما حدث كان هزيمة عسكرية ساحقة ماحقة….. يا للخزي والعار ان تكون هذه هي شهادتنا عن تاريخنا وتقييمنا لنضال المصريين الابطال ممن افتدونا بدمائهم وارواحهم وقتها وماتوا لنعيش بعدهم مرفوعة هاماتنا الي عنان السماء.. ثم يجيئ ابراهيم عيسي وامثاله ليخسفوا بهم الارض وليجللوا صفحة نضالهم بالسواد…
مرة ثانية وعاشرة اقول ارحموا مصر وشعبها من هذا النوع الخبيث والكاذب والمضلل من الاعلام والاعلاميين ، وتوقفوا عن تزييف التاريخ لاجيال لم يكن من حسن حظها ان عاشت معنا هذه الفترة المجيدة والعظيمة من تاريخ مصر.. مصر النضال والتحرر والوطنية والشموخ والكبرياء في اروع صوره وباجلي معانيه..