قال الدكتور جهاد الحرازين، أستاذ القانون الدولي الفلسطيني، أن القرار رقم 2 4 2 والذي يقضى بانسحاب اسرائيل من الأراضي العربية التي قامت باحتلالها قبل ٥ يونيو عام ١٩٦٧ هذا القرار الدولى الذى على أساسه بنيت عمليات السلام، بالإضافة إلى القرار رقم ٣٣٨ التى تذهب باتجاه مبدأ الأرض مقابل السلام، هذه القرارات واجبة التنفيذ حتى الآن، لكننا نعلم جيدا أن دولة الاحتلال تدير ظهرها لكافة قرارات الشرعية الدولية.
أضاف أن هناك أكثر من ٨٦ قرار لمجلس الأمن بالإضافة إلى أكثر من ٧٦٥ قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة، كل ذلك نتيجة حالة من الغطرسة التى تمارس من قبل دولة الاحتلال، ولكن قرارات الأمم المتحدة لا تسقط بالتقادم لأنها قرارات يتم بناء عليها مراكز قانونية كما بنى على قرار ١٨١ الذى أدى إلى إنشاء دولة الاحتلال ولم ينفذ منه الشق الآخر المتعلق بإقامة دولة فلسطين، ولكن لازال هناك مطالبات بتنفيذ هذه القرارات منها القرار ١٩٤، لذلك نحن نستند بالأساس حتى فى كافة المرجعيات المتعلقة بعملية السلام على القرارين ٢٤٢، و٣٣٨، والتى تشكل أرضية صلبة وحقيقية لتحقيق السلام فى المنطقة، ولذلك كانت الدعوة لتنفيذ هذه القرارات.
واكد الحرازين أن القرار قابل للتنفيذ، ولذلك استندت المبادرة العربية للسلام على أن تنسحب إسرائيل من الأراضى العربية المحتلة عام ١٩٦٧ وسيكون هناك تحقيق سلام وعلاقات طبيعية ما بين دولة الاحتلال وباقى الدول العربية فى المنطقة، حتى أن منظمة التعاون الإسلامي تبنت هذه المبادرة العربية، وكذلك مجلس الأمن قد تبنى المبادرة، ولكن لازالت هناك لدى الاحتلال ولدى الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة حالة من الرفض فيما يتعلق بهذا السياق للمبادرة العربية التى قدمت عام ٢٠٠٢، وحتى الآن لم ترد إسرائيل سواء بالايجاب أو بالرفض على هذه المبادرة ولم تبد وجهة نظرها فيها رغم أنها تقدم حلولا لكل المشكلات .
وتابع استاذ القانون الدولى الفلسطينى ” جميع الدول العربية تطالب بتطبيق قرار ٢٤٢ وضرورة التزام إسرائيل باحترام الشرعية الدولية، لذلك نجد حتى فى يومنا هذا العالم العربى يدعوا الى تحقيق السلام فى المنطقة والى تطبيق قرارات الشرعية الدولية، ولذلك وجدنا أن كافة المطالبات سواء فى مجلس الأمن أو فى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وحتى على صعيد اللقاءات والمؤتمرات الإقليمية أو الدولية تكون حاضرة المواقف العربية المطالبة بضرورة إلزام إسرائيل بتطبيق قرارات الشرعية الدولية وانهاء احتلالها، وشهدنا خلال المرحلة الأخيرة بعد السابع من أكتوبر كيف بدأ العالم بأثره يتحدث عن ضرورة تطبيق قرارات الشرعية الدولية وتحقيق السلام بالمنطقة وحل الدولتين، لافتا إلى أن هذا الأمر يتطلب أن يكون هناك موقفا وإلزاما من قبل المجتمع الدولى لدولة الاحتلال للالتزام بقرارات الشرعية الدولية ، وعدم التعامل معها كدولة فوق القانون .
وأشار د. جهاد الحرازين استاذ القانون الدولى الفلسطينى الى الفيتو الأمريكى الحاضر دائما لتشكيل غطاء سياسى وقانونى بالمنظمات الدولية لدولة الاحتلال، حتى أن الولايات المتحدة الأمريكية فى مبادرة السلام التى كانت تطرح كانت تستند إلى قرار مجلس الأمن ٢٤٢، ٣٣٨، ولكن دولة الاحتلال هى التى لازالت تماطل فى هذا الأمر وهذا يتطلب موقف حقيقى من قبل الإجماع الدولى حتى يتم إلزام كافة الدول وليس فقط دولة الاحتلال حيث نعلم جيدا بأن الدولة التى لك تنفذ اى من قرارات مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة هى إسرائيل .
وحول إمكانية انسحاب الدول العربية من عضوية مجلس الأمن لحين إعادة هيكلته وبحيث يصبح القرار بأغلبية التصويت والغاء ما يسمى الفيتو، يرى الحرازين أن هذا الأمر غير مناسب لأن المنطقة العربية هى جزء من اطار المنظومة الدولية والانسحاب يعتبر حالة من الانعزال من قبل الدول العربية عن ما يحدث فى العالم، لأن المنطقة العربية هى أكثر المناطق تأثيرا وتأثرا فى العالم لما تملكه من مواقع متميزة وممرات ملاحية تتحكم فى العلاقات التجارية بين دول العالم، وكذلك ما تملكه من ثروات نفطية ومعدنية، الأمر الذى يدعو لأن تكون الدول الغربية جزء من منظومة المجتمع الدولى ولا تكون منعزلة عنها، لافتا إلى أن العضوية فى مجلس الأمن هى عضوية غير دائمة ويتم استبدال الدول كل عام لتكون ممثلة لمجموعات، سواء المجموعة العربية أو الإسلامية أو الأفريقية أو أمريكا اللاتينية، بمعنى أن هناك تقسيما، ولكن هناك ٥ دول دائمة العضوية فى مجلس الأمن هى من تملك حق الفيتو.
أضاف أن إعادة هيكلة مجلس الأمن وتصحيح نظام الفيتو فهذا الأمر يحتاج إلى قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة باكثر من ثلثى الاعضاء للموافقة على تعديل ميثاق الأمم المتحدة بشرط أن يكون ضمن الدول الموافقة دول دائمة العضوية، خاصة إذا أردنا الحديث فيما يتعلق بقضية الفيتو الذى يستخدم كحق اعتراض من قبل الدول دائمة العضوية، والتى فى معظم الأحيان فإن الفيتو يقف أمام إرادة المجتمع الدولى، حيث تقف إرادة دولة واحدة أمام إرادة المجتمع الدولى باثره، مما يجعل مجلس الأمن عاجزا عن أداء مهمته التى وجد من أجلها، وخاصة ما يتعلق بالمهام الرئيسية له والمتمثلة بحفظ الأمن والسلم الدوليين، لذلك هذا الأمر يحتاج إلى دراسة من الدول الأعضاء وخاصة الاكثر تمثيلا فى الأمم المتحدة مثل مجموعة ٧٧، ودول عدم الانحياز، لذلك لابد من التنسيق لان يكون هناك موقفا حقيقيا من قبل الدول الأعضاء المتضررة من حق الفيتو الذى يستخدم فى كثير من القرارات التى لا تعجب اى من الدول الخمس دائمة العضوية.
وطالب الحرازين بضرورة اصلاح نظام الأمم المتحدة خاصة ما يتعلق بمجلس الأمن، بما يفضى فى النهاية أن تكون هناك للمجتمع الدولي قدرة تعبيرية، لمسنا خلال المرحلة الأخيرة أن الولايات المتحدة الأمريكية استخدمت حق الفيتو ٣ مرات ضد ٣ مشاريع متعلقة بوقف إطلاق النار فى غزة، بعد حرب إبادة يشنها الاحتلال الإسرائيلى على الشعب الفلسطينى، ولذلك لابد من ضرورة الإصلاح وهو ما طالبت به السعودية ومصر والإمارات والعديد من الدول العربية، وحتى بعض دول أمريكا اللاتينية والدول الأفريقية، طالبت بتعديل نظام مجلس الأمن، حتى بعض الدول الأوروبية تطالب، ولكن يبقى هذا الأمر مناط به موافقة الدول الخمس دائمة العضوية.
واكد أن دعوة مصر والدول العربية الأعضاء فى منظمة بريكس لعقد مؤتمر دولى لإعادة هيكلة مجلس الأمن أمر ايجابى بلا شك، ولكن هل تستطيع هذه الدول التأثير على القرار الأمريكي والقرار الإسرائيلى نحو تحقيق السلام، ومن جانب آخر الضغط لتعديل ميثاق الأمم المتحدة والضغط على الدول دائمة العضوية اعتقد قد يكون هذا الأمر خارج عن السياق، ولكن هناك مجموعة من الخطوات التى يمكن الاعتماد عليها خاصة ما يتعلق بالاقتصاد والتجارة، هذه الخطوات من الممكن أن تشكل لوبى ضغط من قبل مجموعة البريكس ومنظمة التعاون الإسلامي ودول الاتحاد الأفريقى ودول أمريكا اللاتينية، ومجموعة دول عدم الانحياز، للمطالبة بضرورة تعديل ميثاق الأمم المتحدة خاصة ما يتعلق بمجلس الأمن، خاصة هناك أكثر من منطقة فى العالم مهيئة للانفجار فى اى وقت.