في تقرير صدر حديثًا عن الأمم المتحدة حول التطرف في إفريقيا حاول معدو التقرير الإجابة على السؤال الذي يشغل بال الكثيرون وهو لماذا يتنامى الالتحاق في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء بالجماعات الدينية المتطرفة التي تعتنق العنف؟.
وقد وجد التقرير عدة عوامل تتحكم في توجه الأفراد إلى الانضمام إلى جماعات العنف في تلك المنطقة جاء على رأسها الحصول على أموال وذلك في ظل عوامل الفقر والبطالة والأحوال المعيشية السيئة، أما العامل الثاني فهو التعرض لإيذاء بدنى ونفسي من قبل قوات السلطات، وأخيرًا يأتي عامل الدين في المرتبة الأخيرة.
ترتيب هذه العوامل يشير إلى أن الفقر والبطالة والأحوال المعيشية السيئة تتفوق على العامل الديني للانضمام إلى تلك الجماعات المتطرفة على النقيض مما هو شائع تجاه أسباب الانضمام إلى جماعات التطرف في منطقة جنوب الصحراء وهو ما أكده مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أخيم شتاينر في استعراضه للتقرير في قوله إن اليأس الناجم عن نقص الدخل وفرص العمل وضيق سُبل العيش “يدفع الناس بشكل أساسي إلى اغتنام الفرصة التي تقدم إليهم من جماعات التطرف في المنطقة”.
وفى تلك الحالة نجد عوامل تغذي بعضها فوجود التطرف والجماعات المتطرفة يؤدي إلى زيادة حدة الأعباء على السلطات في تلك المجتمعات التي تواجه تحديات اقتصادية وأمنية كبيرة ولا تستطيع فرض سلطة القانون وتحقيق سيادتها على أراضيها وتوفير استقرار في الحياة المعيشية، ومن ناحية أخرى فان هذه الجماعات تقاوم وجود تلك السلطات القوية والقادرة على فرض القانون، فتعمل على مقاومة فرض القانون ومقاومة السلطات وبما يعنى المزيد من الاضطراب وعدم الاستقرار والذي بالتبعية يؤدي إلى أعباء اقتصادية تُلقى على كاهل المواطنين والذين ينخرطون في تلك الجماعات لتوفير مصدر للأموال وتأمين أنفسهم من المخاطر الامنية التي تمثلها تلك الجماعات.
ولعل الدلالة الأبرز على استفحال تلك الظاهرة في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء ووفق ما ورد في التقرير فإن أعداد الوفيات في جميع أنحاء العالم بسبب الإرهاب تراجعت على مدى السنوات الخمس الماضية، لكن الهجمات في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء تضاعفت منذ عام 2016.
وعلى الرغم من كون القارة الأغنى في الموارد الطبيعية وتشهد تكالبًا دوليًا على مواردها إلا إنها تشهد موجة إرهاب وتوطن له داخلها نتيجة عوامل الفقر وضعف السلطات بها وبما قد يمد من معاناة تلك القارة اقتصاديًا وامنيا خلال السنوات القادمة إذا لم تتكاتف دول القارة من خلال اتحادها القاري لمواجهة تلك الظاهرة ومواجهة دول العالم التي استفادت ومازالت من خيراتها، لدعم الدول الإفريقية لمواجهة اعباء تلك الظاهرة.
د. رافت محمود
كاتب وخبير متخصص فى الڜأن الافريقي .