اتفق الدكتور سالم عبدالجليل وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، مع المفكر العربي علي محمد الشرفاء فى مقاله “العلاقة الزوجية أساسها المودة والرحمة.. والقوامة تكليف” مؤكدا أن الأساس في الزواج هو المودة والرحمة والسكن كما أشار الله تعالى إلى ذلك في القرآن الكريم، فالمودة والرحمة ينبغي أن تسود العلاقة بين الزوجين، فالمرأة سكن للرجل يستظل فيها من عناء الحياة وكبدها كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: «الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة» كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل أن يعامل زوجته معاملة يسودها الود والرحمة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «استوصوا بالنساء خيرا».
وأضاف الدكتور سالم عبدالجليل وكيل وزارة الأوقاف الأسبق فى تصريحات خاصة لـ “رسالة السلام” أن لشرعية الزواج في الإسلام ينبغي أن يكون كما أمر الله تعالى في العلانية وليس في الخفاء حرصا على كيان الأسرة.
وأكد وكيل وزارة الأوقاف الأسبق ، أن القوامة في اللغة العربية تعني من قام على الشيء، أي حافظ عليه وراعى مصالحه، والقوامة الزوجية هى ولاية يفوض بها الزوج للقيام على مصالح زوجته بالتدبير والإنفاق وغير ذلك، وفيها تكليف للزوج يحاسب عليه أمام الله لو فرط فيها، كما أنها تشريف للمرأة، فقد أوجب الله على الزوج بمقتضى القوامة رعاية زوجته التى ارتبط بها بعقد زواج شرعي، واستحل الزوج الاستمتاع بزوجته بذلك الميثاق الغليظ، كما وصفه الله في القرآن في سورة النساء حيث قال “وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا”.
وأوضح عبد الجليل أن القوامة للرجل تكليف لا تشريف، وضابطها التعامل في نطاق الأسرة، بما يحقق السعادة لها في حدود شرع الله، وفقا لقوله صلى الله عليه وآله وسلم «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ» ، لافتا إلى أن الزوج إذا امتنع عن الإنفاق فإن قوامته على زوجته تسقط فوراً.
وإلى نص مقال الكاتب والمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي ” العلاقة الزوجية أساسها المودة والرحمة.. والقوامة تكليف “.
قال الله سبحانه وتعالى: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ” (الروم: 21) كيف تتوافق الرحمة مع ضرب الزوجة؟
وَأُحْضِرَتِ الْأَنفُسُ الشُّحَّ
وقال الله أيضًا: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ” (التغابن: 14)، وقال الله سبحانه: “وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا” (النساء: 128)، وقال الله سبحانه: “الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ” (النساء: 34).
معنى القوامة
التفضيل لا يعني التشريف، وإنما مقاصد الآية (التكليف) والقوامة وتحميل الرجل مسؤولية الرعاية للأسرة بما ينفقه من ماله لتأمين السكن الملائم، وتكاليف المعيشة ومتطلبات الزوجة والأولاد من علاج وكسوة وتلبية متطلبات الأبناء من تعليم وتوجيه لتربيتهم تربية صالحة.
وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ
واستكمالًا للآية الكريمة قول الله سبحانه: “وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا” (النساء: 34-35).
العلاقة الزوجية
فقد شرع الله سبحانه في الآية (128) من سورة النساء إذا خافت الزوجة من نشوز الزوج أو الإعراض عنها والامتناع عن أداء واجبات العلاقة الزوجية؛ فالله سبحانه يأمر كلا الزوجين في حالة نشوز أي منهما اتباع طريق الصُلح كما وصفه الله بالصلح خير.
الزوجة الناشز
لذلك واستنتاجًا من الآيتين (34-35) والآية (128) من سورة النساء؛ فالله يدعو الزوجين في حالة نشوز أي طرف إلى اتخاذ سبيل الصُلح لتعود العلاقة الحميمة الطبيعية بين الزوجين وتستقر الأسرة في أمن وسلام بعيدًا عن المشاحنات والنكد والتلاسُن، مما يؤدي إلى اهتزاز الاستقرار النفسي للأطفال وتأثيره على الصحة النفسية لهم، وما قد تشكّله من نتائج سلبية في سلوكيات الأبناء ومستقبلهم من إخفاقات وفشل في دراستهم وحياتهم.
مودة ورحمة
ولذلك فالتعامل مع الزوجة في حالة نشوزها بالضرب لا يمكن أن يتم تفسيره بالضرب المادي بأي وسيلة كانت، وقول الله سبحانه: “وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ”، فسر الفقهاء (واضربوهن) تفسيرًا قاسيًا بالضرب المادي لا يتفق مع دعوة الله للزوجين في الآيات المذكورة أعلاه باتخاذ طريق الصُلح بينهما أفضل السُبل لعودة العلاقة الطيبة بين الزوجين، إضافة إلى ما جعل الله بين الزوجين من مودة ورحمة.