(بسم الله الرحمن الرحيم) ” وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ “، فالسلام هو الأصل في العلاقات بين الأشخاص والمجتمعات الإنسانية والدول، وهو تشريعٌ إلهيٌ يحاكي الفطرة السليمة للإنسان، لأن الأصل في الحياة هو السلام، والبحث عن أسباب الأمن والاستقرار والرخاء، والبعد عن كل ما يؤدي للخراب والحروب والدمار، وتدمير القوى، وتبديد الخيرات.
أهمية السلام:
إن توفر السلام والوئام في العالم له أهمية كبيرة، ومن الأمور التي يحقّقها وجود السلام:
* الاستقرار والنمو المجتمعي: يوفّر السلام للمجتمع نظامًا سلميًا ومستقرًا، بالإضافة إلى أنه يعد شرطًا ضروريًا لاستمرارية البشرية وتطوّرها؛ فالعالم المحروم من السلام سينهار ويعود شبيهًا بالعصور القديمة التي تمتلئ بالظلم ويكون فيها الضعيف فريسة للأقوى منه.
* التنميّة الاقتصادية والثقافية للأمم: يعد وجود السلام في الدولة أمرًا أساسيًا لتمكين الأفراد من الإبداع في مجالات عدّة مثل: المجال الاقتصادي، والثقافي، بالإضافة إلى توفيره للأمن الحقيقي الذي يؤدي إلى الرخاء والراحة للمجتمع.
* حل النزاعات والتعامل معها: السلام هو الطريق المثالي للتعامل مع النزاعات وحلها بشكل ملائم ويتناسب مع المبادئ والقيم للأفراد والدول، وبالتالي يمكن الوصول إلى الرفاهية للمجتمع وللبشر بشكلٍ عام.
* بناء الحضارات واستمراريتها: للسلام قيمة طويلة الأمد على مستوى الحضارات والأفراد؛ حيث إنّ وجود السلام يُسهم في استمرارية الحضارات المختلفة، وهناك العديد من الثقافات اختفت بعد ظهورها بفترة وتم نسيانها بسبب خوض الحروب أو النزاعات في مناطقها وزوالها.
* الأمان: يعد السلام من أهم الأمور في الحياة للبشر عامة وللأجيال القادمة بالتحديد، حيث إنّ المكان الذي يحل به السلام يكون فيه أمان وبالتالي يتم تفادي وجود العنف والإرهاب أو تصاعدهما إن وُجدا بالأصل، ولتحقيق السلام والأمان على البلدان أن تتكاتف في جهودها المشتركة للوصول إليه، ويكون ذلك من خلال تشكيل بيئة دولية سلميّة ومستقرة لتحقيق التنميّة الاجتماعية في الدولة، بالإضافة إلى ضرورة وجود استثمارات في مجالات الصحة والتعليم والمشاركة خاصةً لفئة الشباب في المجتمع.
* طرق تحقيق السلام
يمكن تحقيق السلام والازدهار العالمي من خلال تحقيق خمس حريات أساسية لجميع البشر في العالم، وهذه الحريات هي: حرية التعبير، وحرية الدين، وحرية التحرر من العوز والفقر، والحرية للبيئة، والتحرر من الخوف، وبالطبع هناك حاجة لحقوق وحريات أخرى لكن هذه الحريات الخمسة هي الأساسية التي يمكن من خلال تحقيقها إنشاء مجتمعات يتواجد فيها الازدهار، والسلام، واحترام حقوق الإنسان، حيث إنّها تعتبر جوهر الحياة الجيدة للجميع، فبتحقيقها يستطيع البشر التفكير بحرية والتصرف بحرية دون تدخل الدولة، بالإضافة إلى العيش بأمان وتوفر العلم، والتعليم، والرعاية الصحية للجميع بغض النظر عن ديانة الشخص أو معتقداته الخاصة، وبالتالي يستطيع الجميع العيش في سلام دون خوف من حدوث الجرائم أو الحروب.
* علينا كأفراد أن نحرص على تحقيق السلام ونشره لما له من أهمية على صعيد الأفراد والمجتمعات، حيث يكون ذلك باحترام اختلافاتنا المتعددة، وبالتسامح فيما بيننا، وبعدم التطرف والتعصب لقضية أو مذهب، وعدم اللجوء إلى العنف في حل مشكلاتنا وتجاوزها، فكلنا بنو آدم ويجب ألّا يفسد لنا اختلاف الديانة أو الرأي أو العرق ودًا، ولا يُحدث نزاعًا قد يشوّه إنسانيتنا. والسلام العالمي لشعوب العالم تدعيم وتعزيز دور السلام في حياة الشعوب والأمم، والدعوة في هذا لجميع شعوب العالم إلى الالتزام بتوقف العداء والقتال، وإلى نشر الوعي والثقافة بين الناس، ويمنح الإنسان المثل الأعلى بنيل الحرية والسعادة للعيش بالأمان الذي يطمح له في كل العالم، وفي تحقيق السلام الذي يقارب بين الدول والشعوب على مختلف أجناسها وأديانها، والسلام من أهم الركائز والدعائم الأساسية والرئيسية في بناء ودعم قوة الدول العالم كله، فالسلام يعني الأمن والطمأنينة الذي هو عكس العنف والخوف والحرب، الذي يوفر للإنسان الحياة الآمنة والمستقرة، أما الدول التي تعاني من العنف والحرب، فإنها لا تعرف السلام ولا تنعم بالاستقرار، ولا يعيش شعوبها في أمن وسكينة. ومن هنا نرى أن توفر السلام العالمي هو مطلب أساسي وحضاري لتقدم الشعوب وتطورها، والذي يؤثر على الفرد والجماعة بشكل إيجابي للعيش بحرية ورفع معنويات الإنسان، ليصبح قادرًا على الإنتاج والإنجاز بالعمل والعطاء وممارسة الحياة الطبيعية بدون تهديد حياته ومصالحه، ونشر المحبة والتآلف والطمأنينة في أرجاء العالم كله.
والله الموفق،،،
د. ندى العبادى – نائب مدير فرع منظمة الصداقة الدولية فى جمهوريه مصر العربية .