جدتى قناة سيزوستريس التي حفرها سنوسرت الثالث وتم افتتاحها ١٨٦٨ ق. م، هي نفسها التي أُعيد افتتاحها ١٨٦٨م!، ولكن مجدها ذهب لفرديناند ديليسيبس بعد أن مات آلاف العمال المصريين من أجل عقود النهب والإذعان، أما أنا قناة السويس الجديدة في الجمهورية الجديدة، فقد تم ميلادى على أيادٍ مصرية، بتمويل مصرى، بقيادة مصرية.
كلكم يعرف أنى اختصرت الوقت من ١١ ساعة إلى ثلاث ساعات انتظارًا للسفن العابرة لقناة السويس، والوقت مال، كما تعرفون أن الدخل ارتفع بنسبة ٢٦٠٪، كما تعرفون أننى وجدتى أصبحنا ممرًّا ملاحيًّا مزدوجًا طوله ٧٢ كيلومترًا، وإن كان طول جدتى ١٩٣ كيلومترًا، كما تعرفون أن الهيئة الهندسية للقوات المسلحة استعانت بسبع عشرة شركة وطنية مدنية تعمل تحت إشرافها، وبهذا قضيتم على جزء كبير من البطالة، ولا يحل مشكلة البطالة إلا المشروعات الكبرى.
كل هذا تعرفونه وأكثر، ولكن ما لا تعرفونه أنه لولاى ولولا ميلادى في الوقت المناسب لأصبحت وجدتى ترعة يلعب فيها الأطفال والشباب، بعد أن يُعلن وفاتها كممر ملاحى عالمى، حسب تعبير المهندس الوطنى الموهوب، الذي يذوب حبًّا في مصر: أحمد فتحى.
فكرت إنجلترا في بناء سد في أوغندا، ثم أرجأت هذا الشر حتى تقوم به في إثيوبيا «سد النهضة»، كذلك أدميرال ويليام ألان، ضابط بحرية بريطانى، اقترح قناة تصل البحر الميت بالأبيض بالأحمر لإلغاء فكرة قناة السويس، ولم يكن يعرف أن مستوى البحر الميت أدنى بكثير من مستوى سطح البحر. وفى سنة ١٩٦٣ فكرت إسرائيل في قناة: بن جوريون، تصل إيلات بالبحر الأبيض، أي الأحمر بالأبيض، ردًّا على تأميم ناصر لقناة السويس، هذه القناة ١٦٠ ميلًا، تحتاج إلى ٥٢٠ تفجيرًا نوويًّا في الصخور الصلبة في صحراء النقب، سيكون عمقها ٥٠ مترًا، وعرضها ٢٠٠ متر، وستكون قناتين لا واحدة، توقف المشروع بعد معاهدة السلام، ولكنه عاد للظهور أخيرًا، فسارعت مصر بميلادى، فتوقف التمويل لقناة بن جوريون، فكما ترون أنها صراعات استراتيجية وليست مالية
كما تعتقدون.
شىء خطير غائب عنكم، سيناء، كان أهلها يتاجرون مع الإسرائيليين، توقف هذا المصدر بعد خروجهم من سيناء، كما توقفت التجارة مع الأنفاق بعد سدها وإغلاقها كمصدر للإرهاب والمخدرات، فلم يعد هناك من بديل إلا تعمير سيناء، هذه الأرض الغالية التي ظلت مُهمَّشة منذ عصر قدماء المصريين، ولتعمير سيناء لا بد من الزراعة، والزراعة في حاجة للماء والإنسان، فكان لا بد من إضافة خمسة أنفاق إلى جانب نفق أحمد حمدى، كما كان لا بد من ميلادى «قناة السويس الجديدة» قبل حفر الأنفاق التي تصل مصر بأبنائها في سيناء.
تعمير سيناء هو الأمن والأمان لمصر من البوابة التي يتدفق منها الأشرار من الناحية الشرقية. أُطمئنكم، مصر تعرف أن ١٢٪ من التجارة العالمية الملاحية تمر عليها، ولكنها لا تكتفى بذلك، فهناك مشروعات كبرى لامتدادى، كذلك إقامة كل ما يخص الموانئ من إصلاح للسفن، وفنادق، ومصانع، وشركات.. إلخ.
كم تظلموننى وتظلمون قادتكم حين تقولون: كان إيه لازمتى، ولكنى أعذركم لأن المعرفة القليلة خطر عظيم، وكان واجبًا على الإعلام أن يُبصركم بهذه الحقائق، يشفع لى ولكم ما قاله ساندرسن: كل جديد يمر بمراحل ثلاث: ١- مش ممكن، هذا خطأ كبير، ثم تأتى المرحلة الثانية: ربما هناك شىء من الصواب، ثم تأتى المرحلة الثالثة: إنه عين الصواب، وإحنا كنا عارفين كده من زمان!!.
نقلا عن المصرى اليوم .