تحتفل مصر والقوات المسلحة اليوم 20 مارس، بذكرى انتصار العاشر من رمضان 1393هـ الموافق السادس من أكتوبر 1973م، وهى الحرب التي نجحت فيها القوات المسلحة المصرية من العبور إلى الضفة الشرقية لقناة السويس، ليتحقق أهم انتصار على دولة إسرائيل في العصر الحديث، وتتمكن مصر من استعادة أغلى بقعة على الشعب المصري.
حرب العاشر من رمضان هي الحرب التي شُنت بهجوم مفاجئ على جيش الاحتلال الإٍسرائيلي على جبهتين من قبل قوات الجيش المصري في سيناء، والجيش السوري في هضبة الجولان ، في ظل دعم عسكري واقتصادي من بعض الدول العربية، ليسجل التاريخ هذا الحدث العظيم باسم نصر أكتوبر أو حرب العاشر من رمضان.
وخاض الجيش المصري في حرب العاشر من رمضان معركة مصيرية، تمكن خلالها من استعادة أرض سيناء المحتلة، لتعيد صياغة موازين القوى في المنطقة مرة أخرى، بعد تفوق إسرائيلي مكنها من احتلال مساحات شاسعة من الأراضي العربية، وهو ما جعلهم يطلقون على أنفسهم أنهم الجيش الذي لا يقهر، وهى المقولة التي تم نسفها خلال هذه الحرب.
المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، أكد فى شهادته للتاريخ أن الشيخ زايد رحمه الله هو صاحب قرار قطع البترول عن امريكا والدول الأوروبية تضامنا مع إخوانهم المصريين فى أكتوبر ثم تبعته الدول العربية.
«الشرفاء» بحكم منصبه إبان حرب 73 حيث كان يشغل منصب مدير ديوان دولة الإمارات، كتب، إن الشعب المصرى اقسم أن يحمي الوطن ولن يخاف غير الله إله واحد ولن يسجد للوثن، فكم قدم الأرواح والدماء وضحى الشهيد بعمره وحياته فداء للوطن ليزيل من أرضه كل العفن، ويعلم الأجيال معنى مواجهة المحن، فانطلق الرجال من الثكنات والخنادق وخلفهم شعب لا يخشى الفتن، أسقطوا كل الحواجز واخترقوا خط بارليف بالماء كان سلاحهم الإيمان فهدموا قلاعهم بالقنابل والصواريخ التي دكت معاقلهم، ويسمع الأعداء النداء الذي زلزل الميدان شعار “الله أكبر” فوق كل من يطغى ويتكبر، “الله أكبر” على كل من غرته نفس مريضة تقوده للظلم سيهلكه الله انتقاما لما ارتكب من المظالم، استباح أرض المسالم، ونهب ثروات أصحاب الحقوق بلا مقاوم، فنادى قائد الشعب هبوا لنستعيد أرضنا أرض الأنبياء فلن نسالم حتى نسترجع كل الحقوق سنظل نحارب ونقاوم فلن نقبل على حقنا أن نساوم أرواحنا تفدي أرضنا ودماؤنا تروي التراب بلا ثمن.
يسترجع «الشرفاء» ذكرياته خلال فترة الحرب ” في يوم السادس من اكتوبر 73 كانت ملحمة يصنعها شعب مصر وجيشه وأمنه وقيادة تسعى إلى النصر ويستجيب القدر، أكتوبر علامة وشرارة استدعى الشعب فيها ذخائر عزم وشجاعة وتضحية من أجداده الذين صنعوا الحضارة حتى أشرقت أنوارها وأضاءت فجر الضمير عدالة وكرامة وأضافت على الإنسانية علما واحتراما ولَم يزل يذكر التاريخ مجدا لن يزول مخلدًا تاريخه وأمجاده لتكون مبعث فخر واعتزاز للأجيال القادمة، وأذكر عندما زار البطل أنور السادات -رحمه الله- مفجِّر حرب أكتوبر الإمارات في لقائه مع الشيخ زايد –رحمه الله-، وكنت حاضرًا ذلك اللقاء بعد حرب أكتوبر مباشرة، يقول الشيخ زايد –رحمه الله-: لم نكن نحارب إسرائيل وحدها، ولكننا في الحقيقة كنا نحارب أمريكا بكل قدراتها العسكرية، ورأينا كيف كانت تحمل الطائرات سي ١٣٠ الدبابات وتنزلها للجيش الإسرائيلي مُحمَّلة بكل عتادها المتطور وتذهب مباشرة لميدان المعركة، بالإضافة إلى تزويد أمريكا لإسرائيل بالمعلومات الهامة عن مواقع الجيش المصري من الأقمار الصناعية”.
يكتب المفكر العربي علي محمد الشرفاء شهادته للتاريخ ” كنت مديرًا لديوان الرئاسة في عهد الشيخ زايد –رحمه الله- ورأيت المشهد بكل الوضوح، فلقد كان الوحيد من القادة العرب المتحمس بكل الإخلاص ولديه الاستعداد باتخاذ أي موقف مهما بلغت خطورته في دعم الشعب المصري وقيادته، إيمانًا صادقًا منه بوحدة المصير العربي المشترك،لذلك كان مبادرًا كأول رئيس عربي يتخذ خطوة جريئة وشجاعة بإعلانه قطع البترول عن أمريكا والدول الغربية، وكان له الأثر الكبير في الضغط على القوى العظمى باتخاذهم قرار (٢٤٢) في مجلس الأمن الذي أوقف الحرب وقضى بانسحاب إسرائيل إلى ما قبل حدود ١٩٦٧م”.
ويستكمل « الشرفاء » شهادته، كنت شاهد عيان على تلك اللحظة الفارقة في حياة الأمة العربية، حيث كنت أنا الذي قمت بايصال المرحوم الشيخ زايد للتحدث مع الدكتور مانع العتيبة وزير البترول في ذلك الوقت، وأبلغه بإعلان قراره التاريخي أثناء اجتماع مؤتمر “الأوبك” وزراء البترول العرب في مؤتمرهم في الكويت، حيث اتخذوا قراراً بوقف ضخ البترول بما نسبته خمسة في المائة، وعندما أبلغت المرحوم الشيخ زايد بالقرار طلب مني فورا ايصاله بالتليفون لوزير البترول، وحينها قال قولته المشهورة التي ستظل تتردد في التاريخ (ان البترول العربي ليس اغلى من الدم العربي) وشهادتي لله والتاريخ لتعرف الأجيال العربية كم حاول الخبثاء إخفاء تلك الحقيقة، وللتاريخ أشهد بأن المرحوم كان يمثل بحق ومصداقية نادرة إيمان تغلغل في العقل والقلب، ومواقف شجاعة تجاه الحقوق العربية وقيادة مخلصة لا تخاف غير الله وحده من يملك السماوات والأرض وهو القادر على كل شيء وهو السميع العليم .
ويكشف «الشرفاء» أن قبل ذلك قام الشيخ زايد –رحمه الله- بأخذ قرض من بنك (ميد لند) البريطاني بمبلغ يتجاوز خمسة وعشرين مليون جنيه إنجليزي لدعم القوات الجوية المصرية أثناء حرب أكتوبر، وقد شهد بذلك الرئيس حسنى مبارك -رحمه الله- أثناء لقائي به في بيته في مصر الجديدة بعد وفاة الرئيس أنور السادات -رحمه الله- حيث نقلت له تعزية الشيخ زايد، وحينها قال لي: «لا أعرف كيف أنقل مشاعر التقدير والشكر للشيخ زايد حيث جاء دعمه المالي في وقت نحن أحوج إليه لشراء بعض قطع الغيار للطائرات الحربية، (بوصفه كان قائد القوات الجوية أثناء حرب أكتوبر)».
وظلت مواقف الشيخ زايد النابعة من إخلاص وإيمان بوحدة المصير العربي، فكان الوحيد من بين كل القادة العرب متميزًا في مواقفه المُدركة لأهمية جمهورية مصر العربية ودورها التاريخي في مواجهة أي عدوان على الأمة العربية، ويعتبرها وقواتها وشعبها رصيدًا قوميًا للأمن القومي العربي. ستظل الإمارات كما أسسّها الشيخ زايد -رحمه الله- وبكل قيادتها من أبناء الشيخ زايد حفظهم الله وفيّة لمبادئها التي غرسها في قلوب أبنائه.
حفظ الله مصر وسدد خُطى قادتها العظماء الذين حققوا النصر وأيد فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي بالنصر والنجاح على أعداء مصر في الداخل والخارج.. وإنها لمنصورة إن شاء الله على قُوى البغي والعدوان، وسحق الشراذم من الإرهابيين ومن يقف خلفهم من الخونة والعملاء وأعوان الشيطان.