اثار مقال المفكر العربى علي محمد الشرفاء الحمادي “نظرية الدولة وفق التشريع الإلهي في القرآن الكريم” ردود أفعال واسعة .
فى البداية أكد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة بجامعة الأزهر، على رؤية الكاتب والمفكر العربي علي محمد الشرفاء، مؤكدا أن إصلاح الفرد لابد له أن يكون على أساس متين، وأن الفرد المسلم عليه مسؤولية صلاح حاله وعلاقته مع الله تبارك وتعالى، وكذلك اصلاح علاقته بنفسه، وأن يصحح علاقته بأسرته ومجتمعه، فيكون شخصا فاعلا وايجابيا في مجتمعه، ويصلح ما أفسده غيره ولا يكتفي بنفسه.
أضاف كريمة أن المجتمع الصالح لا يقوم إلا إذا تعاون أفراده على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وأوضح أن كل نبي أرسله الله تبارك وتعالى جاء لإصلاح هذه المجتمعات ولتقويم سلوكها وإقامة علاقة صحيحة بينها وبين الله تبارك وتعالى، مشيرا إلى أن صلاح المجتمعات له عوامل كثيرة ليتحقق على أرض الواقع، ومن أعظم تلك العوامل صلاح الأفراد الذين يتكون منهم هذا المجتمع، فإذا صلح الأفراد صلح المجتمع، وإذا فسد الأفراد فسدت المجتمعات.
ولفت أستاذ الفقه المقارن والشريعة بجامعة الأزهر، إلى أن المجتمع الصالح لا يقوم إلا إذا تعاون أفراده على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال النبي عليه الصلاة والسلام: «مثل القائم على حدود الله والواقع فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة، فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً، فلو تركوهم لهلكوا جميعاً، ولو أخذوا على أيديهم لنجوا جميعاً»، متابعا، ينبغي أن يكون حال المسلمين، أن نساعد بعضنا بعض حتى تستقيم مجتمعاتنا وتصلح أخلاقنا ويرضى عنا ربنا تبارك وتعالى.
ونوه كريمة، بأن بداية الإصلاح تنطلق من الفرد وأسرته أولاً ليكون المجتمع جاهزا ومهيأ لحل الكثير من المشكلات، ومن ملامح بدايات ذلك الإصلاح قدرة الفرد على الالتزام بأهم مبادئ السلوك والإخلاص في العمل لأن الفرد المسلم عليه أن يصلح علاقته بمجتمعه، فيكون شخصاً فاعلا في مجتمعه لا يكون شخصاً سلبيا، عليه أن يكون شخصا إيجابياً، بأن يصلح ما أفسده غيره.
وشدد الدكتور أحمد كريمة ، على التربية الصحيحة للنشء المسلم لترسيخ الخُلق الحسن في قلب الابن بالحب، والبعد عن القسوة والعنف، والشعور بالأمن من جهة الوالدين، ثم بالقدوة، فحين يرى الطفل أبواه صادقين يتعلم منهما الصدق، مشيرا إلى ضرورة تعليم الطفل السلوكيات الحسنة فيحرص الأب على إلقاء السلام على أولاده، والإحسان إلى الجيران، وبر الوالدين وطاعتهما، وغير ذلك من السلوكيّات الحسنة، ليتعلم الطفل القيم والأخلاق الحميدة التى حثها علينا المنهج الإلهي لإصلاح أنفسنا، وتأثير ذلك على مجتمعاتنا.
وأوضح أستاذ الفقه المقارن والشريعة بجامعة الأزهر ، أن تربية الأبناء على الأخلاق في العصر الحالي تتطلب اهتماما وتركيزا ،لذلك يمكن للآباء أن يساهموا في تشكيل شخصيات أبنائهم المسلمين وتحقيق تنمية روحية وأخلاقية قوية، مؤكدا أن الاهتمام بالنشئ يساعد في بناء جيل متزن وملتزم بالقيم الإسلامية، مما يسهم في تحقيق التوازن الإيماني والمجتمعي.
من جانبها قالت الدكتورة هالة منصور أستاذ علم الاجتماع، أن الدول التى تريد الارتقاء بنفسهـا وبمجتمعاتها تسعى إلى تطـويـر قـدراتهـا والاهتمـام ببناء الفــرد فى المجتمع، لأن المجتمع يتكون من مجمـوعـة أفـراد، فإذا صلح الفرد صلح المجتمع كله والعكس صحيح، أيضـا كلما زاد عدد الأفــراد الناجحين فـى المجتمع كلما انعكس ذلك بشكل إيجابى على الدول، مشيرة إلى أننا في أشد الحاجة هـذه الفتـرة لإعادة ترتيب البيت من الداخل واستعادة شخصية الفـرد السوى، والمواطن الإيجابى فى تعامله، المميز فى خصائصه، المؤثر فى مجتمعه، القادر على القيام بمسئولياته فى المجتمع، ومهامه فى الحياة.
وأضافت الدكتورة هالة منصور أن المشكلة التى أصابت مجتمعاتنا العربية، وخاصة مجتمعنا المصرى فى السنوات الأخيرة، كان سببها تهميش دور الفرد داخل المجتمع، والخلل الذى تطرق إلى بنائه حتى أصبح الشاب أو الفرد عموما خاويا بلا روح ويعيش بلا غاية يسعى لها، وبلا أهداف سامية يعمل على تحقيقها، لافتة إلى أن مكانة الفرد فى العالم من مكانة المجتمع الذى ينتمي إليه، ولذلك نجد أن قيمة الفرد فى بعض المجتمعات عالية، حتى أننا نرى بعض الدول تبذل الغالى والنفيس مقابل استعادة مجرد أشلاء أو رفات لمواطن من مواطنيها قُتل أو مات فى أى مكان فى العالم.
واكدت أستاذ علم الاجتماع، أن الأسرة تعتبر بيئة الطفل الأولى وحجر أساس المجتمع، حيث إنها تتكون من مجموعة من الأشخاص الذين ترتبط بينهم روابط الرحم والقرابة، والمقياس الذي تقاس عليه قوة تماسك المجتمع أو ضعفه هو تماسُك الأسرة، كما أن لها دورا فعالا في بناء المجتمع السوي المتكامل والمترابط، فالأبناء هم قرة عين الآباء، وسبب سعادتهما، موضحة أن الأسرة تمثل المؤسسة الاجتماعية الأولى التي يتفاعل معها الفرد منذ لحظة ولادته، لأنها المصدر الأول للتنشئة الاجتماعية والثقافية، يتعلم الطفل أولى كلماته، ويكتسب عاداته وتقاليده، ويتشرب القيم الأساسية للمجتمع، هذه العملية المستمرة تشكل الأساس الذي سيبني عليه الفرد شخصيته وتفاعلاته الاجتماعية المستقبلية.
وأوضحت أن الأسرة تلعب دورا كبيرا في حياة الأفراد لأنها تمثل الحاضنة الأساسية للقيم والأخلاق، وفي غرس القيم الأخلاقية والمبادئ السامية في نفوس أفرادها، من خلال التوجيه المباشر والقدوة العملية، لذلك تساهم الأسرة في تشكيل المنظومة الأخلاقية للمجتمع ككل، مشيرة إلى أن للأسرة دورا هاما في تعزيز الانتماء الوطني وترسيخ الهوية الثقافية لأفرادها والداعم الرئيسي للاستقرار النفسي والعاطفي للأفراد، متابعة، توفر الأسرة بيئة آمنة يجد فيها الفرد الدعم العاطفي والنفسي اللازم لمواجهة تحديات الحياة، هذا الاستقرار النفسي يشكل أساسا قويا لبناء شخصية متوازنة وقادرة على العطاء.
وتابعت أستاذ علم الاجتماع ، أن معظم مشاكل المجتمع تأتي بسبب الفقر والجهل والظلم وغياب الوازع الديني، فيلجأ أفراد المجتمع إلى ارتكاب الجريمة والانحراف السلوكي والأخلاقي، والمخالفات القانونية، وإرباك الأمن والنظام، وإحداث المشاكل في الأُسرة والمجتمع والدولة، لذلك فإن من أولويات الإصلاح الاجتماعي حل مشاكل المجتمع المتمثلة في الفقر والبطالة، وتوفير الخدمات، وإقامة العدالة الاجتماعية، ونشر التعليم والثقافة.
في سياق متصل قال الشيخ أحمد ترك، أحد علماء الأزهر الشريف، أن الأخلاق تعتبر إحدى مقومات شخصية المسلم، فهي تزرع في نفس صاحبها الرحمة والصدق والعدل والأمانة والحياء والعفة والتعاون والتكافل والإخلاص والتواضع، وغيرها من الأخلاق الحميدة، فالأخلاق الحسنة هي النقطة الأساسية للفلاح والنجاح، مشيرا إلى أن سعادة الإنسان تكون على قدر امتثال المسلم بتعاليم الإسلام في سلوكه وأخلاقه، فالسعادة تكون في الإيمان بالله تعالى والعمل الصالح، حيث إن الالتزام بقواعد الأخلاق الإسلامية كفيل بتحقيق أكبر قدر ممكن من السعادة للفرد والجماعة، فأسس الأخلاق الإسلامية لم تهمل أي جانب من جوانب الحياة لتحقيق سعادة الفرد الذي يمارس فضائل الأخلاق ويجتنب رذائلها، كما أنها تعمل على تحقيق سعادة المجتمع من خلال تقوية أواصر المحبة والتعاون التي تنتج بين أفراد المجتمع نتيجة التعامل الخلوق فيما بينهم.
وأضاف الشيخ احمد ترك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إن أحبَّكم إليَّ، وأقربَكم مني في الآخرة مجلسًا، أحاسنُكم أخلاقًا، وإن أبغضَكم إليَّ وأبعدَكم مني في الآخرة أسوَؤُكم أخلاقًا، الثَّرثارون المُتفَيْهِقون المُتشدِّقون)، لذلك دعا الإسلام الى حُسن الخلق وما له من أجرا ثقيلا في الميزان، و قال صلى الله عليه وسلم (ما من شيءِ أثقلَ في الميزان مِن حُسن الخُلق). وقال ايضا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (إن المؤمنَ لَيُدركُ بحُسن خلقه درجةَ الصائمِ القائم) أي أنه جعل حسن الخلق كأجر العبادات الأساسية، موضحا أن حُسن الأخلاق يبعث الطمأنينة في حياة الفرد، وفي حياة المجتمع، وبدون الاستقامة والثبات على الحق لا يصل المسلم إلى الغاية، وكلما انتشرت الأخلاق في هذه الحياة انتشر الخير والأمن والأمان الفردي والاجتماعي، وتنتشر أيضا الثقة المتبادلة والألفة والمحبة بين الناس، وكلما غابت الأخلاق عن هذه الحياة انتشرت الشرور وزادت العداوة والبغضاء والنفور والتناحر من أجل المناصب، ومن أجل المادة والشهوات، فالشر سبب التعاسة والشقاء في حياة الفرد والجماعة.
وأكد العالم الأزهري أن للأخلاق مكانة رفيعة في الإسلام، فالإسلام يقوم على أربعة أصول وهما الإيمان، والأخلاق، والعبادات، والمعاملات، كما تم ذكر الأخلاق عدة مرات في القرآن الكريم وفي السُنة النبوية الشريفة، وهذا دليل على أهمية الأخلاق الحسنة في حياتنا، وما تعكسه من أثر على الفرد والمجتمع، فهي تقوم بثقل شخصية الفرد، وتحقق السعادة في الدنيا والأخرة، وتبث الطمأنينة في الأفراد والمجتمع، وتزيد من التفاهم بين الناس، وتعمق الروابط وتنشر المودة بينهم، مضيفا أنها تعتبر الأساس الذي تقوم عليه الأمم، حيث أن الأخلاق الحسنة تقوي العلاقات بين الأفراد وتزيد الثقة بينهم، فيصبح الإنسان واثقا بأخيه وأنه لن يخدعه ولن يغتابه ولن يكذب عليه، فيطمئن إليه وتقوى علاقته به، ويصبح المجتمع بالأخلاق متمتعا بالأمانة والنزاهة والإخلاص، فتقوى أواصر المحبة والمودة بين أفراده.
والى نص مقال المفكر علي محمد الشرفاء :
نظرية الدولة وفق التشريع الإلهي في القرآن المجيد تعتمد على منهج ( إذا صلح الفرد صلح المجتمع ) مما يعني أن الله سبحانه اقتضت حكمته البدء بتربية النشء على تعليمهم تطبيق المنهاج الإلهي الذي يؤسس لديهم قيم الأخلاق القرآنية وصفات المؤمنين التي ذكرها القرآن في آيات الذكر الحكيم، ليصحح لدى الأفراد سلوكياتهم لتتوافق مع الأخلاق السامية كما وصف الله رسوله عليه السلام: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} القلم (٤)، وكما خاطب رسوله بالرحمة في قوله تعالى {وَمَآ أَرْسَلْنَٰكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَٰلَمِينَ} (الأنبياء:١٠٧).
وإذا نجح القادة في وضع المنهاج الإلهي للأخلاق الإنسانية في المعاملات والعلاقات الاجتماعية، ومراعاة كل فرد بتطبيق مبادئ المنهاج الإلهي في سلوكياته وممارساته في علاقاته الاجتماعية في كل موقع أثناء الدراسة وأثناء العمل وخلال تنفيذ مسؤولياته الوظيفية وعلاقاته الأسرية، متمسكاً في معاملاته وفي حياته في مختلف المواقع والوظائف بالرحمة والعدل والإحسان والمساواة واحترام حقوق الإنسان والتسامح والعفو والمغفرة لكل تصرف غير مقصود ومعاملة الناس جميعاً بالحسنى والتعاون على البر والتقوى وعدم التعاون على الإثم والعدوان، والابتعاد عن الظلم بكل أشكاله، وحمل الأمانة بكل إخلاص وصدق، والابتعاد عن الظن السيئ، وإعطاء الحقوق لأصحاب الحق.
تلك بعض الأخلاق القرآنية وصفات المؤمنين التي تجمع الناس على قلب واحد وتعتصم بكتاب الله المبين، ولو نجحت المجتمعات في إعادة صياغة شخصية المسلم وسلوكه وفق المنهاج الإلهي لأصبحت أعظم أمة متقدمة تقود الإنسانية كلها لتعمير المدينة الفاضلة، ومن أولئك الذين نشأوا وتدربوا على المنهاج الإلهي تتكون المجتمعات والشعوب والدول، وعندما يتمتع القادة بتلك الصفات، تصبح الشعوب الإسلامية في مصاف الشعوب المتقدمة والنامية، تتحقق فيها الرحمة والعدل والاستقرار، ويعيش الناس معًا إخوةً متحابين ومتعاونين وكلهم ينتمون إلى مجتمع متماسك يشد بعضه بعضًا، وتتخذ الدول الإسلامية دستورها معتمدًا على القيم القرآنية المذكور بعضها أعلاه، فلا فِرق متناحرة، ولا أحزاب متصارعة.
فالكل يعمل وِفق منظومة الأخلاق القرآنية، حيث تأتي الأخلاق في مقدمة العبادات، والله جعل العبادات وسيلة الوصول إلى الأخلاق الحميدة، فيكون المجتمع في معاملات أفراده يتبعون دستورًا واحدًا أساسه القرآن الكريم.
لذلك فشلت محاولات تأسيس أنظمة الحكم منذ وفاة الرسول عليه السلام، لأن من خلفه لم يدركوا حكمة العبادات ويؤمنوا بالتشريعات الإلهية؛ سواء تشريع العبادات وحكمتها، وتشريع المحرمات لتحصين المسلم من الوقوع في الذنوب والمعاصي، وتطبيق تشريع النواهي، واتباع المنهاج الإلهي في سلوكياتهم، ففشلوا في إنشاء مجتمعات تربت أفرادها على التشريعات الإلهية حتى يومنا هذا.
وقد استطاع أولياء الشيطان أن يخدعوا المسلمين بروايات التزوير على الرسول، مما جعلهم يهجرون الدستور الإلهي، وتاهوا بين الروايات التي فرقتهم شيعًا وأحزابًا، يقتل بعضهم بعضًا للمصالح الدنيوية والصراع على السلطة، نسوا الله فأنساهم أنفسهم، وضلوا الطريق المستقيم فتكالبت عليهم الأمم فاحتلت أوطانهم، ونهبت ثرواتهم، واستباحت سيادتهم، وشردوا الكثير من السكان يهيمون في الأرض يبحثون عن ملجأ آمن، كل ذلك لأنهم انصرفوا عن خارطة طريق الهدى التي رسمها الله لهم لتحقق لهم الأمن والاستقرار والعزة والمتعة والسلام.
للأسف فشل المسلمون الأوائل في تكوين نظام حكم يعتمد على قيم الرحمة والعدالة والحرية واحترام حقوق الإنسان، كما أمرهم الله بعد أن دخلوا في دين الإسلام باتباع كتابه كما خاطبهم بقوله: {ٱتَّبِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوْلِيَآءَ ۗ}، خالفوا أمر الله واتبعوا أولياء الشيطآن، وأسقطوا شعلة النور التي تضيئ لهم طريق الحياة الطيبة الآمنة والمستقرة والعادلة، ومازالوا غارقين في ظلام دامس، فضاعوا وغرقوا في مختلف المشاكل والأزمات نتيجة لتخليهم عن كتاب ربهم الذي لو اتبعوا شرعة الله ومنهاجه لخرجوا من الظلمات إلى النور.
إن الفرد اللبنة الأولى لتكوين المجتمع، واذا تمت تربية الأفراد وفق المنهاج الإلهي الأخلاقي والقيم النبيلة، يستطيع المجتمع أن يؤسس بهم مجتمع الرحمة والعدالة، ويخرج منهم قادة متفانون في خدمة أوطانهم دون استعلاء ولا مِنَّة أو تكبُّر، ويشترك الجميع في رسم خارطة المستقبل لهم ولأجياله بواسطة التشاور والمصارحة التي تستهدف بناء وطن يحقق التكافل بين كافة المواطنين، مما يحقق مصلحة الجميع، ويكون المشرفون على خطة المستقبل في التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية أكثر حرصًا وأمانةً وانفتاحًا مع القادة في إبداء الرأي الأمين بكل الوضوح دون خوف أو إرهاب، مما يتيح أن يتشاور الجميع بكل المصداقية في تحقيق آمال المجتمع في الحرية والعدالة والمساواة، ويشعر جميع المعنيين بإدارة سياسة التنمية بالأمانة أمام الله قبل أن تكون أمام القائد، وأن يكون الحوار بينهم فيما يتعلق بمستقبل المجتمع دون نفاق أو خوف، فكلهم أعضاء في فريق متساوي المسؤولية لتحقيق أمنيات المجتمع.
ومثال، إذا اختار المزارع البذرة الممتازة لمزرعته ومراعاتها بمكافحة الحشرات وتأمين الأسمدة الجيدة، ينتج من ذلك أن تكون الزراعات على أعلى مستوى من الجودة، وتكون محصلة الحصاد من حيث النوع والكم والتميز قد تحقق بالفوز في العوائد المالية، ويكون نجاح الموسم الزراعي قد حقق أهدافه.
ذلك مثل على تربية الفرد تربية صالحة لتكون محصلة الجهد في الرعاية والعناية بالفرد في المجتمع تعطي
نتائج إيجابية تحقق خطط التنمية وترتقي بمستوى المعيشة من حيث الطمأنينة والسكينة والاستقرار والتقدم والازدهار، ويكون مستقبل الأجيال في أيدي أمينة تعمل بكل الأمانة والإخلاص، تحقق ضمان استمرارية التطور لمصلحة المجتمع، وتؤمِّن حقوق الأجيال القادمة .
والله يدعو الجميع للتعاون على البر والتقوى، وإذا لم يتحقق التعاون الذي أمر الله به المسلم تحدث الكوارث والأزمات ويختل النظام في المجتمع، وقد تنهار الدولة وتكون عُرضة للفساد والبغي والطغيان، وتختفي من الخارطة كما اختفت في الماضي دولًا كثيرة ضاعت معالمها، وقيمت حدودها وأصبحت أثرًا بعد حين.