تعرضت مناطق من سوريا في 20 مايو إلى كارثتين زلزاليتين تفصل ما بينهما 676 سنة،، تسببت الأولى في دمار هائل وخسار بشرية رهيبة بلغت 300000 قتيل.
العدد الهائل من القتلى في هذا الزلزال المدمر يرجع إلى وصول أعداد كبيرة من الزوار من المناطق المجاورة إلى المدنية، وكانت في ذلك الوقت مركزا هاما للكنائس الشرقية، للاحتفال بعيد الصعود.
وهكذا قُدر للمنطقة السورية أن تشهد زلزالين في يوم واحد بفارق أكثر من ستة قرون ونصف. هذه المصادفة أملاها ما يطلق عليه العلماء “الوضع التكتوني”، فيما يعرف بالتقاطع الثلاثي المعقد حيث تلتقي الصفيحة الإفريقية بالصفيحة العربية، وصفيحة الأناضول بالصفيحة الإفريقية.
علاوة على ذلك يقول العلماء إن مدينة أنطاكية تقع في الحوض الذي يحمل الاسم نفسه، ويتميز بتربته الطينية التي تتكون نتيجة الرواسب التي تنقلها مجاري الأنهار وهي غنية بالمواد العضوية والمعدنية، وقد شهدت المنطقة عدة زلازل على مدى الفي عام.
الزلزال الأول ضرب في 20 مايو عام 526 بوجه خاص مدينة أنطاكية الواقعة على الضفة اليسرى من نهر العاصي في منطقة لواء الإسكندرون الذي يوجد حاليا ضمن الأراضي التركية، فيما كانت هذه المدينة الواقعة على بعد 30 كلم من سواحل المتوسط، في عصور التاريخية القديمة ما قبل القرن السابع، عاصمة لسوريا. علاوة على ذلك استمرت الهزات الارتدادية بعده لمدة 18 شهرا.
زلازال أنطاكية وقع في عهد الإمبراطور البيزنطي جوستين الأول، وزاد الوضع سوءا، اندلاع حريق هائل دمر معظم المباني التي نجت من معول الزلزال.
ذلك الزلزال في القرن السادس الميلادي دمر وألحق أضرارا بالعديد من الكنائس الشرقية القديمة، فيما تواتر أن المباني التي شيدت بالقرب من الجبل فقط نجت من الخراب، فيما يقال عن معظم الأضرار كانت ناجمة من الحرائق التي تواصلت لعدة أيام وتفاقم تأثيرها نتيجة الرياح.
علاوة على كل ذلك، في مدينة سلوقية بيريا الواقعة في لواء الإسكندرون بجنوب تركيا حاليا، طمرت طبقة سميكة من الطمي الميناء وجعلته غير صالح للاستخدام.
الزلزال التوأم:
من المفارقات أيضا أن زلزال أنطاكية تقدر قوته بسبعة درجات على مقياس ريختر، وهي نفس القوة التي تقدر للزلزال الثاني الذي دمر في عام 1202 العديد من المدن والمناطق السكانية في سوريا وطال تأثيره، دمشق وحلب وحمص وحماة، ويوصف بأنه من أقوى الزلازل التي ضربت المنطقة على مدى قون عديدة.
ذلك الزلزال الذي ضرب مناطق في سوريا عام 1202، تسبب في تدمير العديد من المباني بما في ذلك المساجد والكنائس والحصون، ومن مظاهر قوته اللافتة أنه أحدث تغييرا في جغرافية المنطقة، بل وتسبب في تغيير مجرى نهر العاصي، علاوة على تشكل بحيرات جديدة.
الزلزال االثالث والأخير:
في 6 فبراير الماضي، ضرب زلزالان عنيفان مدينة كهرمان مرعش بقوة بلغت 7.8 درجة على مقياس ريختر، وكان مركزه غرب مدينة غازي عنتاب، وامتد أثره إلى سوريا حيث خلف أيضا آلاف القتلى والجرحى وأضرارا مادية جسيمة.
أعلنت إدارة الكوارث والطوارئ التركية “آفاد”، تسجيل 33 ألفا و77 هزة ارتدادية أعقبت زلزال ولاية قهرمان مرعش جنوبي البلاد في 6 فبراير.
هذه المرة تجاوزت قوة الزلزالين الذين ضربا تركيا والمنطقة المحيطة في 6 فبراير القدوة التقديرية لزلزالي عامي 526 و1202، وبلغتا على التوالي 7,7 و7.6.
في الكارثة الزلزالية الثالثة والأخيرة، تعاقبت الهزات الارتدادية، حيث أفيد بتسجل آلاف الهزات الارتدادية العنيفة جنوب تركيا وشمال سوريا، وهنا نذلك بما ذكرناه آنفا بأن المعلومات المتوفرة تفيد بأن الزلزال الثاني الذي ضرب الأراضي السورية في عام 1202، تواصلت إثره الهزات الارتدادية 18 شهرا.
هذا المصادفات المتعددة الجوانب والمدهشة، تبدو كما لو أن الأرض ترسل من باطنها رسالة إلى السطح برموز مشفرة تتكرر.
المصدر: روسيا اليوم