نستعرض اليوم دراسة بعنوان “ التدخل الإنسانى فى القانون الدولى الإنسانى ” للباحث حسين عبد الله الحسن حيث تأتى أهمية البحث من عدة نقاط أهمها العلاقة الوثيقة تاريخيا بين التدخل الإنسانى الدولى وجريمة العدوان، وبالتالى يصبح التدخل الإنسانى موضوع تساؤل ناحية شرعيته وقانونيته وإنحرافه عن الغاية المحددة به. يضاف إلى ذلك حقيقة أن ميثاق الأمم المتحدة هو المرجع في تحديد شرعية الممارسات الدولية بأنواعها بما فيها التدخل الإنسانى. من جانب أخر هناك نقاش واسع على المستوى الدولى حول التدخل الإنسانى بوصفه أكثر المسائل جدلية فى القانون الدولى، كما حدث في الصومال وكوسوفو أو سوريا، وهناك من يعتقد أن الكثير من مبادئ القانون الدولى قد اختصرها ميثاق الأمم المتحدة، في حين أن البعض الآخر يتساءل عن مدى إنسجام هذا الميثاق مع المتغيرات الدولية الجديدة وزيادة تدخل بعض القوى الدولية فى شؤون دول أخرى أقل منها قوة بحجة حماية حقوق الإنسان، والتى هى أساسا من صميم الاختصاص القانونى الداخلى لتلك الدول.
وهو ما يتفق مع رؤية المفكر العربى على محمد الشرفاء الحمادى التى تشير الى أن ديمقراطية أمريكا هى شن حربا عبثية مجنونة أكلت الأخضر واليابس لمصلحة تصنيع السلاح الأمريكى خوفا من أن يتم إقفالها دون إحترام لحقوق الإنسان التى تعلن أمريكا انها تدخل لتحميها وفق القانون الدولى الإنسانى بحسب زعمها.
ويتسأل المفكر العربى على محمد الشرفاء مستنكرا “ أين حقوق الإنسان عندما تتولى (سي آي إيه) إسقاط أنظمة الحكم فى الكثير من دول العالم، وتعريضها لحروب أهلية وفوضى كما حدث في ليبيا وتونس وسوريا”
وهو ما يجيب عليه الباحث حسين عبد الله الحسن فى رسالته بعنوان “ التدخل الإنسانى فى القانون الدولى الإنسانى” والتى حاول فيها الكاتب أن يفهم تحليل أنماط التدخل وأبعاده ونتائجه، حيث خلص فى نهاية بحثه الى أنه لايزال هناك من يحاول يجعل الفرع (القانون الدولى الإنسانى) هو الأصل (القانون الدولى العام) فى القانون الدولى تحقيقا لغايات سياسية.
وأشار الباحث الى أنه لايزال هناك تطبيقا لمبدأ إزدواجية المعايير فى تطبيق التدخل الإنسانى، موضحا أن قواعد القانون الدولى لا تمتلك القوة الإلزامية لفرض قوانينها فى ظل غياب التوافق الدولى.
وأكد الباحث أن قضايا حقوق الإنسان لازالت أداة سياسية فى يد القوى الكبرى تستخدمها متى شاءت للتدخل، وخاصة أمريكا، حيث يرى الباحث أنه لا يزال تطبيق القانون الدولى العام والقانون الدولى الإنسانى أداة إستثنائية بيد القوى الكبرى دون غيرها مما يؤكد أن التدخل الإنسانى لا يحقق هدفه الإنسانى فى غالبية الحالات.
واختتم الباحث دراسته مشيرا الى ضرورة أن يكون القانون الدولى الإنسانى ليس مناقضا للقانون الدولى العام وإنما هو فرع من كل، مؤكدا ضرورة تطبيق القانون الدولى الإنسانى فى حالات التدخل بما ينسجم ومتطلبات القانون الدولى العام.
كما يرى الباحث أنه يجب أن يكون تطبيق القانون الدولى الإنسانى بإجماع مطلق. ويجب الإبتعاد عن إستخدام القوة العسكرية والتدخل العسكرى كأداة إكراه لحل النزاعات.
وأضاف الباحث فى توصياته أنه يجب التركيز على عدم تسييس تطبيق القانون الدولى الإنسانى والتدخل الإنسانى لأغراض تخدم مصالح بعض القوى على حساب قوى أخرى، مؤكدا على أنه يجب على الدول اللجوء الى المؤسسات والأدوات الدولية المخولة بحل النزاعات بالطرق السلمية وبطريقة نزيهة بعيدة عن السياسة.