حكاية غير كل الحكايات، تقاسمت بطولتها ممرضة إنسانة، مع طفلة صغيرة، لتضاف لسجل القصص والحكايات الإنسانية التى تزخر بها مصر العظيمة بأبنائها ، و قنا التى تحرص على التمسك بعاداتها وتقاليدها الأصيلة بجانب تعاليم دينها القويمة.
البطلة الأولى ممرضة بدرجة إنسانة من طراز فريد، فرغم ما تعانيه من ضغط عمل وسط ظروف ومشاهد إنسانية صعبة بوحدة غسيل كلى الأطفال بمستشفى قنا العام ، إلا أنها لم تتناسى أنها ملاك رحمة، وقررت أن تتطوع بجزء من وقتها لتحفيظ طفلة صغيرة سور القرآن الكريم حتى لا تتخلف عن زميلاتها فى كُتاب قريتها.
سلوى أبوالحسن، ممرضة بوحدة كلى الأطفال، اعتادت يومياً التعامل مع الأطفال المصابين بالفشل الكلوى، تسعى قدر طاقتها تخفيف آلام ومتاعب الغسيل عن الأطفال، حتى تمر ساعات الجلسة بسلام ويعود الأطفال لممارسة حياتهم فى منازلهم.
البطلة الثانية طفلة تبلغ من العمر ٧ أعوام، وتدرس بالصف الأول الإبتدائي، رغم معاناتها مع جلسات الغسيل الكلوى، التى لا يتحملها الكبار، إلا أنها كانت حريصة على الالتحاق بكُتاب القرية لحفظ القرآن الكريم، وكانت معاناة الطفلة فى عدم القدرة على اللحاق بحصة الكتاب أكبر من معاناة الغسيل.
علامات الحزن التى كانت تصاحب الطفلة الصغيرة مع كل جلسة للغسيل، لعدم قدرتها على اللحاق بحصة القرآن فى كُتاب قريتها الذى يبعد عن مستشفى قنا العام حوالى ٣٠ كيلو، حرك مشاعر الإنسانية داخل الممرضة الإنسانية، فبادرت بعرض الأمر على الطفلة، أن تتولى تحفيظها ما تخلفت عن اللحاق به فى كُتاب القرية.
الطفلة قابلت العرض الإنسانى بكل فرح و حماس، حتى تمكنت حتى الآن من حفظ جزء كامل من القرآن الكريم، وتسعى بمساعدة الممرضة الإنسانة لحفظ المزيد خلال الفترة القادمة، وسط إشادة من أهل الطفلة بالموقف النبيل والانسانى للممرضة التى قررت أن تتحمل عبء جديد بمحض إرادتها وتتطوع لوجه الله تعالى لتحفيظ الطفلة ما تيسر لها من القرآن الكريم.
العرض الإنسانى من جانب الممرضة وفرحة الطفلة، ما كان له أن يتحقق، إلا بمباركة إدارة مستشفى قنا العام، التى رحبت بالفكرة، وزيادة فى الخير قرر الدكتور محمد الديب، مدير المستشفى، تغيير مواعيد جلسة الغسيل، حتى تتمكن الطفلة من اللحاق بمواعيد الكُتاب، بجانب استمرار الممرضة الإنسانة فى أداء دورها الإنسانى.
وقالت سلوى أبوالحسن، ممرضة بوحدة كلى الأطفال بمستشفى قنا العام، خلال عملى اليومى نحاول كممرضات أن نحكى مع الأطفال خلال جلسات الغسيل، لكى نخفف عنهم جزء من آلام جلسة الغسيل، خاصة أنهم أطفال صغار لا يتحملون طول فترة الجلسة ومتاعبها، وخلال الجلسة أخبرتني الطفلة بأنها لا تستطيع الذهاب للكتاب بعد جلسة الغسيل.
وتابعت أبو الحسن، عرضت على الطفلة أن تحفيظها سور القرآن التى تخلفت عن حفظها فى كُتاب قريتها ، وبفضل الله تعالى و بموافقة إدارة المستشفى أتولى حالياً تحفيظها بعض السور، حتى تكون على نفس مستوى زملائها بالكتاب.
من جانبه قال الدكتور محمد الديب، مدير مستشفى قنا العام، أبلغتنى سلوى أبوالحسن، ممرضة بوحدة كلى الأطفال، بوجود طفلة من قرية بمركز نقادة، تعانى من عدم قدرتها على الذهاب للُكتاب، بعد جلسة الغسيل الكلوى بالمستشفى، لما يسببه من متاعب وآلام، فقررت تغيير موعد جلسة الغسيل للطفلة لموعد آخر، حتى تتمكن من الذهاب للكتاب فى المواعيد المحددة.
و تابع الديب، كما أخبرتنى الممرضة باعتزامها التطوع لتحفيظ الطفلة ما تيسر من القرآن الكريم خلال جلسة الغسيل، وفرحة الطفلة بهذا الأمر، فكان لابد من الموافقة على هذا الموقف الإنسانى من جانب الممرضة.
و أضاف مدير مستشفى قنا العام ، بأن رسالة الأطباء أو الممرضين لا تقتصر على تقديم الخدمة الطبية فحسب، لكن بقدر استطاعتنا نسعى لتخفيف الآلام النفسية للمرضى، لتخفيف ما يواجههم من متاعب خلال فترة المرض.
نقلا عن صدى البلد .