نعي تماماً؛ بأن خير الكلام ما قلّ ودلّ، على شيء يُذكر ذا قيمةٍ وأثرٍ حسنٍ في المجتمع المعني بالقول النابع من القلب، القاصد للخير والفائدة المرجوّة؛ بدلاً من القيل والقال، وكثرة السؤال، في ما لا طائل منه، ولا تُحمد عقباه.
ونعي تماماً؛ بأنه إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب، حيث الكلام القابل للتوقف بعد انتهاء صاحبه من الإدلاء بالرأي المرجو في أمر ما؛ وحيث السكوت الذي يأخذ صفة الصمت والاستماع إلى الآخر بحكمة الساكت عن اللغو من القول القائد إلى التهلكة.. إلا أن الأمر مختلف تماماً في حكايتنا هذه؛ فالسكوت من فضة القول المقتضب، فيما الكلام من ذهب الصياغة القولية، ليذهب بنا حيث يذهب، نحو الوحدة العربية الخليجية الماثلة في «البصرة» العراقية العريقة، التي أحسنت وفادة الوفود الخليجية الشقيقة المشاركة في المسابقة الكروية الدورية المنضوية تحت «اتحاد كأس الخليج العربي لكرة القدم»، حيث (كأس الخليج العربي ال«25») التي أقيمت في البصرة في الفترة (من 6 إلى 19 يناير الجاري).
البطولة جمعت تحت لوائها ثماني دول عربية خليجية، جاءت مشاركات منتخباتها الكروية في دورات الخليج العربي على النحو الزمني التالي: (البطولة الأولى 1970: البحرين، السعودية، الكويت، قطر. البطولة الثانية 1972: انضمت الإمارات، البطولة الثالثة 1974: انضمت سلطنة عمان. البطولة الرابعة 1976: انضم العراق. البطولة ال «16» 2003: انضمام اليمن).. وبذلك، فإن عدد الفرق الكروية العربية المنضوية تحت «اتحاد كأس الخليج العربي لكرة القدم» قد أصبح ثمانية منتخبات خليجية.
في البطولة الحديثة، حديث الشارع الرياضي الخليجي والعربي والعالمي، نتلمس مظاهر الدولة الواحدة؛ ذات الدين الواحد، واللغة الواحدة، والتاريخ الواحد، والعادات والتقاليد والأعراف الواحدة، وذات السنع الأخلاقي الواحد.
في البطولة الحديثة، كان صوت الدولة الواحدة ماثلاً في حناجر الجماهير العراقية وشقيقاتها الخليجيات. كان الفرح باللعب الجميل أيّاً كان مبعثه، وكانت الهتافات تعلو، والأيادي تصفق لكل الأهداف الجميلة، لأي من المنتخبات المشاركة، والتعاطف الجمعي مع كل الفرق التي تجرعت إخفاقاً كرويّاً حصدته نظير مشاركتها المثالية وفق ما تقتضيه طقوس البطولة واشتراطات «اتحاد كأس الخليج العربي لكرة القدم».
في البطولة الحديثة، التقت الجماهير الكروية الخليجية في المدرجات، وفي شوارع البصرة، وفي أماكنها السياحية والتجارية، وفي أنحاء متفرقة من جسدها التاريخي العريق، وفي قلبها الإنساني الذي احتفى بالعالم العربي الخليجي بكل ود ومحبة، مغدقاً عليها بالطمأنينة والسلام والأمن والأمان، ومحفزاً لها للقدوم إليها مرات ومرات، لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
هكذا كانت وما زالت الأقطار العربية الخليجية الثمانية، كما لو أنها دولة خليجية واحدة (دولة الخليج العربي)، بكل ما تعنيه الجملة الجغرافية التاريخية من جمال.
نقلا عن الخليج .