يعرض جون رولس في كتابه “قانون الشعوب” رؤيته عن حقوق الإنسان بإعتبارها أحد عناصر فهم أرحب للعقل العام الذى جرت صياغته لمجتمع دولى مؤلف من شعوب ليبرالية – ديمقراطية – مهذبة وإنتظمت سياسيا في صورة دول؛ وتميزت هذه الشعوب المهذبة جزئيا بأن توافر لديها مفهوم عن العدالة الذى يجسد فكرة الصالح المشترك.
إن جزءا من تعريف “الشعوب المهذبة” هو أن تحترم مؤسساتها حقوق الإنسان؛ وأن تحمي مواطنيها من الأخطار الجماعية والفردية التي تهدد سلامتهم وإستقرارهم؛ وتتضمن أيضا مسؤليات الحماية ضد مختلف الإجراءات الضارة من جانب طرف ثالث؛ وتهيئة ملاذ آمن حال إخفاق تلك الحماية؛ إلى جانب تيسير إجراءات التقاضي المتعلقة بهذا الشأن.
وإذا نظرنا إلى المجتمع المصري نجده يتعرض – منذ سبعينات القرن الماضي – لإجراءات ضارة وعنيفة؛ على شكل فتاوى دينية؛ من طرف ثالث ينصب نفسه حارسا للدين (وفقا لوجهة نظره) ويحاول فرض رأيه على المجتمع عنوة مستخدما الإرهاب الفكري؛ مستغلا بساطة الشعب وتراخي مؤسسات الدولة – حينذاك – عن المواجهة.
ومع تطور الفكر الإنساني والحضارة الإنسانية في مطلع القرن الحالي؛ وحدوث تغيرات سياسية وإجتماعية لدى بعض الشعوب الغير مهذبة جعلتها تنضم إلى مصاف الشعوب المهذبة؛ أصبح لزاما علينا أن نسرع بإحداث تغيرات جذرية (فكرية – ثقافية – إجتماعية – قانونية) في المجتمع؛ لإنقاذه من براثن الإرهاب الفكرى الذى يكاد أن يقضى عليه.
إن الصحوة الروحية التي يقودها التنويرون في مجتمعنا والمجتمعات المشابهة بهدف إيقاظ الوعى الجمعى للشعوب؛ قد حققت نتيجة مذهلة فى تراجع تأثير الإرهاب الفكرى لحراس التراث على المجتمع.
ولكن.. هذا أقصى مايستطيع التنويريون فعله في الوقت الحالي؛ لأن جهودهم فردية وغير مدعومة من مؤسسات الدولة.
إذن.. يظل دور الدولة في مواجهة الإرهاب الفكرى لحراس التراث هو الدور الأهم، وذلك من خلال إصدار القرارات والقوانين التى تحجم الطرف الثالث الضار بالمجتمع (حراس التراث) والتي تضمن الحقوق الفردية والجماعية لعناصر المجتمع.
كاتبة المقال :
ممثل أمازيغ مصر بمنظمة الكونجرس العالمي الأمازيغي وباحثة فى علم نقد النص المقدس.