في حلقة اليوم نتحدث عن جانب مهم من الجوانب التي ضمها كتاب ” الزكاة .. صدقة وقرض حسن ” للمفكر العربي الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي، هو أن الزكاة من وجهة نظر الكاتب نقطة التقاء بين الغني والفقير، إذ يصفها بعقد شراكة، تظهر في تلك الشراكة جوانب مهمة من الإنسانية والتكافل بين الناس، بهدف جعل المجتمع متماسكا مترابطا، وهنا يقول الكاتب في هذا الباب الذي اتخذ له عنوانا يضم كل المعاني، الجانب الذي طرحه وعالجه ضمن عدة جوانب لإظهار الفكرة الرئيسية للكتاب، إذ كان العنوان هو (الزكاة صمام أمان للأوطان).
المال مال الله
ويقول الكاتب نصا: (لم تكن فريضة الزكاة التي شرعها الله في كتابه العزيز إلا منطقة التقاء بين الأغنياء والفقراء في عقد شراكة بين الفقير والغني، فيه يعطي من منحه الله المال لمن هو في أشد الحاجة إليه، على اعتبار أن هذا المال هو مال الله، وقد جعل الأغنياء وسائط ووسائل لتوصيله لمستحقيه.
الأغنياء مستخلفون
واستشهد الكاتب بكلام الله عز وجل في هذا الصدد، وخاصة آية سور النور، وفيها يقول المولى عز وجل (وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ)، ويؤكد الكاتب أن المال مال الله، وأن الأغنياء مستخلفون على هذا المال، وللفقراء حق فيه، وذكر الكاتب استشهادا على طرحه السابق قول الله عز وجل: (آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ۖ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ) سورة الحديد.
حق مفروض معلوم
هنا أراد الكاتب أن يوضح معاني جليلة تتضح جوانبها في حال إخراج الزكاة كما أراد الله عز وجل، ولابد أن يدرك الإنسان أن المال هو ملك لله عز وجل، وأنه مستخلف فيه، ولا يصاب بالغرور والتكبر على الفقراء، ويجب عليه أن يعي جيدا أن إخراج الحق المفروض والمعلوم من مال الله للفقراء هو أحد ركائز استقرار المجتمع وصمام أمن لحفظ الأمن ونزع الحقد والكراهية من الفقراء عندما يمنع عنهم حقهم في تلك الأموال.
قاعدة صلبة لقيام المجتمع
ثم انتقل الكاتب إلى أن ما طرحه وتحدث به في العبارات السابقة يتفق بشكل متطابق مع الخطاب الإلهي، إذ يقول: (فالزكاة في الخطاب الإلهي من هذا المدخل تكون طوقا للنجاة من الفقر حين يعطي من معه لمن ليس عنده ما تقوم به حياته وتستقر، حين تكون الزكاة هي القاعدة الصلبة لقيام المجتمع القوي المتعافي من أمراض الحقد والتحاسد والضغينة فتسود روح التكافل والتعاضد والتلاحم بين أفراده).
إطعام الفقير يمنح المجتمع صلابة
لقد أراد الكاتب أن يؤكد على مضامين الخطاب الإلهي السمح الذي يدعو إلى نشر المودة في المجتمع، فعلى الغني التزام تجاه الفقير، ويجب عليه أن يعطيه من ماله ما يسد حاجته، فالمجتمع وقتها يستقر ويحل فيه السلام، لأن الفقير أطعم والغني أنفق من مال الله، وهذا هو جوهر الزكاة التي تمنح المجتمع الصلابة والقوة وتمنع عنه الكثير من الأمراض والموبقات.
الزكاة تمنع الحقد والحسد
وهنا يوضح الكاتب أن إطعام الطعام والإنفاق وإخراج الزكاة ومن خلفها الصدقات قرض حسن ينمو ويجعل المجتمع آمنا والناس في طمأنينة ويمنع عنهم الأمراض الاجتماعية التي تنتشر في المجتمعات التي تمنع فيها الزكاة وهي الحقد والحسد والضغينة، تلك أمراض تهدم الأوطان ويسود في هذا المجتمع الكراهية وتمني زوال النعم والبغضاء، في المقابل عندما تفعل الزكاة وفق منهج الله ومراده ينعم الناس بالتكافل والمحبة والمودة والتعاضد والتلاحم وتلك هي أبرز وأهم قواعد استقرار المجتمع التي تعد صمام أمان الأوطان.
التكافل بين الناس أهم مقاصد الزكاة
وفي النهاية أقول إن هذا البحث وضح أهمية الزكاة في استقرار الأوطان من خلال بث روح التكاتف والتعاون والتكافل بين الناس والقضاء على الأمراض الاجتماعية التي تخلق الفرقة من الحسد والحقد والبغضاء.