اثار مقال المفكر العربي علي محمد الشرفاء الذي نشر بعنوان ” المحرمات اختصاص الله وحده” والذي تناول فيه قضية حكم تهنئة المسلمين لإخوانهم المسيحيين فى أعيادهم ، ردود أفعال واسعة، حيث استند في ذلك إلى آيات قرآنية تشير إلى الحظر الإلهي على النبي صلى الله عليه وسلم من التحليل والتحريم.
وهو ما اتفق معه الكاتب والروائي الجزائري أمين الزاوي والذي قال إن الأيديولوجية التي تقودها مجموعات متطرفة باسم الدين كلما حل عيد الميلاد وعيد رأس السنة غرقت وسائل التواصل الاجتماعي بفتاوى تدعو إلى تحريم الاحتفال بعيد “الكفار”.
يحرّمون تهنئة المسلم للمسيحي بعيد الميلاد، والجميع يفكر في الهجرة ولو على قارب من مطاط إلى بلاد “الكفار” للعيش بينهم. لم نسمع يوماً أن مجموعة بشرية هاجرت بطريقة غير شرعية إلى إيران أو باكستان أو اليمن أو السودان وقضت في الطريق أو غرقت في بحر أو في رمل.
ويشير الكاتب الجزائري الي ان الجميع يرحل ونصفهم يغرق فيصير طعماً للأسماك وكائنات البحر الأخرى. يرحلون لا حباً في المسيحية ولا كرهاً في الإسلام، ولكن بحثاً عن حياة جميلة مليئة بالفرح والسعادة، تلك الحياة الغائبة عن بلادهم. لقد وصلت درجة التعصب عند بعض الأفراد والجماعات إلى الإقدام على توزيع مناشير على المارة في الشوارع عليها عبارات التكفير والتهديد لمن يحتفل برأس السنة أو يهنئ المسيحيين بعيد الميلاد، ويتم إلصاق كثير من الإعلانات تحمل عبارات التكفير والتهديد نفسها على بوابات العمارات والمطاعم ومحال الحلويات التي تصنع كعكة عيد رأس السنة.ويضيف الزاوي كنا نستمع إلى فيروز ومازلنا بكثير من المحبة والإعجاب وهي تغني للسيدة العذراء أو للمسيح أو للقدس، للكنائس والمساجد، من دون أن نسأل عن دينها أو نشعر بأنها تهدد ديننا.
وكنا نقرأ الكتاب العرب المسيحيين مثل جبران وميخائيل نعيمة ومي زيادة وجورجي زيدان وألبير قصيري وغيرهم، نقرأ كتبهم بكثير من الحب من دون أن نسأل أو نتساءل عن دينهم، ولم نشعر يوماً بأن أفكارهم تخرب عقيدتنا فمرض الخوف على الدين لا يسكن إلا قلب شخص غير مكتمل الإيمان.
ولم يكن جيلنا يخاف من الآخر المختلف عنه في العقيدة، بل كان يرغب في أن يتواصل مع هذا الآخر في الحياة، ويتقاسم معه الأفراح والأحلام في تناغم المختلفين، وكان الآخر قيمة إضافية لنا ثقافياً واجتماعياً ولغوياً وسياسياً.
كان سؤالنا هو كيف نعيش الحياة بسعادة قبل التفكير في الوصول إلى الجنة السعيدة، لأن هذه من تلك، وكنا نعتقد بأن ممارسة الحياة بجمال واحترام وتقاسمها مع الآخر المختلف لا يقطع عنا ولا عنه الطريق إلى الجنة، جنتنا أو جنته
ويؤكد الروائي الجزائري ان كثيرين وكثيرات من هذا الجيل الجديد يتمنون العيش في مثل ذلك الماضي المتسامح، مؤكدا أن هذا الجيل قادر على صناعة حاضر أفضل من ماضينا لولا هيمنة ثقافة الخوف والرعب والترهيب وغسل الدماغ التي تتكرس تقاليدها من خلال المدرسة وفي الإعلام وبعض الأحزاب السياسية والجمعيات، وهو ما يمنع المواطن من التعبير بصدق عن رغبته الصادقة في صناعة مجتمع منسجم يسود فيه القانون والاحترام والتنوع والتنافس الشريف، بعيداً من أمراض الكراهية والخوف والتخوين والتكفير.