نستعرض معكم كتاب “10خرافات عن اسرائيل” و هو كتاب صدر عام 2017 للكاتب إيلان بابي، وهو يدرس فيه الأفكار الأكثر جدلية فيما يتعلق بأصول دولة اسرائيل وهويتها، ويفند كل الخرافات.
ويأتي هذا الملخص في زمن تتصاعد فيه التوترات بين الكيان المحتل (إسرائيل) والشعب الفلسطيني. في هذا السياق الحساس، يكتسي الكتاب أهمية خاصة، إذ يقوم بنفي الخرافات التي يروج لها الخطاب الصهيوني الرسمي والتي تُلقي بظلالها على أصول الكيان الإسرائيلي وهويته. وبذلك، يقدم الكتاب رؤية مختلفة ويتيح فهمًا أعمق للوضع ويساهم في تحقيق التضامن والدعم للشعب الفلسطيني.
تزداد أهمية هذا الكتاب بسبب هويته الكاتبة، إذ يتعامل مع القضية من منظور إسرائيلي، مما يجعل من الصعب الشكك في مصداقيته ويزيل الشكوك المتعلقة بالانحياز. وبالنظر إلى أن العديد من الأشخاص في العالم العربي قد تأثروا ببعض هذه الخرافات، فإن هذا الكتاب يلعب دورًا مهمًا في توضيح الأمور وتسليط الضوء على التفاصيل المظلمة في هذا الزمن الصعب الذي تمر به المنطقة العربية، والذي يتطلب تضافر الجهود ورؤية واضحة تجاه القضية الفلسطينية
يدحض الكاتب جملة من الأفكار المتعلقة بالهوية الإسرائيلية ويتصدى لعشر خرافات يعرضها الكيان الصهيوني كأنها ثوابت وهي .
الخرافة الأولى.. خرافة الأرض الخالية
تدعي أولى الخرافات الصهيونية أن فلسطين كانت أرضًا شبه صحراوية خالية عندما وصل إليها الصهاينة أواخر القرن التاسع عشر وقد قاموا هم بزراعتها وتأهيلها .
وبالعودة للسجلات العثمانية الخاصة بالتعداد السكاني يرد الكاتب على هذه الخرافة بأن فلسطين كانت بلدًا معترف به منذ العصر الروماني وارتبط تاريخها ارتباطًا وثيقًا بالعالم العربي والإسلامي منذ القرن السابع، وكان غالبية سكانها من المسلمين حيث شكل اليهود حينها نسبة 3% فقط من السكان بينما شكل المسيحيون 10% فكانت بلدًا ريفيًا عامرًا وتمتعت بالازدهار من قبل دخول الصهاينة إليها كما شهدت تديثًا حضريًا لا دخل لليهود به ويأتي نفي الكيان الصهيوني لوجود الفلسطيني على أرض فلسطين تزويرًا صريحًا للتاريخ يستطيع تفنيده أحدث الباحثين.
الخرافة الثانية .. اليهود كانوا شعبا بلا أرض
تأتي خرافة اليهود الثانية لتكمل الخرافة الأولى وهي تدعي أن اليهود الذين وصلوا إلى فلسطين سنة 1882 ينحدرون من اليهود الذين تم طردهم من قبل الرومان عام 70 للميلاد.
ويقول الكاتب أن يهود فلسطين الرومانيين لم يغادروا أرضهم وبقوا فيها وتحولوا إلى المسيحية أولًا ثم الإسلام ويؤكد أن ما قبل عهد الصهيونية كانت الصلات بين المجتمعات اليهودية في العالم وفلسطين علاقة تعتمد على الدين وليست علاقة سياسية وأن ترتيب عودو اليهود إلى فلسطين مشروع سياسي مسيحي بروتوستانتي في الأصل أكملته الحركة الصهيونية فيما بعد.
الخرافة الثالثة.. الصهيونية هي اليهودية
يدحض بابي الخرافة التي تساوي الصهيونية باليهودية بالتالي تجعل معاداة الصهيونية هي معاداة للسامية ويرى أنها معادلة مغلوطة من خلال إجراء تقييم تاريخي للمواقف اليهودية إزاء الصهيونية وتحليل التلاعب الصهيوني بالديانة اليهودية لأسباب استراتيجية واستعمارية وكذلك خداعها لليهود أنفسهم بالتضليل ونشر الأساطير التي اخترعوها.
الخرافة الرابعة.. الصهيونية ليست حركة استعمارية
يفند الكاتب ادعاء الحركة الصهيونية بأنها حركة تحرر قومي للشعب اليهودي وأنها ليست حركة استعمارية ويشبه بابي الحركة الاستعمارية الصهيونية بالمشروع الاستعماري الذي حدث في جنوب أفريقيا وأستراليا وأمريكا ضد السكان الأصليين، وتبرز أهمية هذه الخرافة فيما بعد في الموقف إزاء النضال والمقاومة الفلسطينية للعدو الإسرائيل فإذا سلمنا بأن إسرائيل دولة ديمقراطية فإن الفصائل الفلسطينية ستكون كيانات إرهابية أما إذا كانت اسرائيل دولة محتلة استعمارية فسيكون نضال الكيانات ضد مشروع الاستعمار الصهيوني للأرض مشروعًا ومقاومة للاستعمار.
ويؤكد إيلان أن الصهيونية بحلول 1945 كانت قد نجحت في جلب نصف مليون مستوطن إلى البلاد حيث كان يبلغ عدد السكان الكلي مليونا نسمة ورغم كل المحاولات لم يتمكنوا من شراء أكثر من 7% من أرض فلسطين فلم يكن الحل أمامهم سوى اللجوء إلى الإبادة الجماعية والمماراسات الاستعمارية التي تتمثل في طرد الفلسطينين من بيوتهم وتهجيرهم من وطنهم.
الخرافة الخامسة.. الفلسطينيون غادروا وطنهم طوعًا
تعد هذه الخرافة أحد أكثر الخرافات استخدامًا وشيوعًا وتبريرًا للاحتلال حيث تدعي الحركة الصهيونية أن الفلسطينيين قد غادروا أرضهم طوعًا ويقوم الكاتب بتفنيد هذه الأسطورة بالقول إن قيادات الحركة الصهيونية والداعمين لها لم يتمكنوا من تخيل تطبيق مشروعهم الاستيطاني بنجاح إلى بالتخلص القسري من السكان الأصليين إما بالاتفاق أو بالقوة ويؤكد الكاتب أن القرى الفلسطينية المدمرة حتى يومنا هذا لا تزال شاهدًا على التدمير والممارسات التي لجأت لها عصابات الاحتلال بحق الفلسطينيين، ويوضح الكاتب في هذا الفصل الممارسات التي قام بها الكيان الصهيوني من تدمير القرى عبر أضرام النيران فيها والتفجيرات وزرع الألغام لاسيما في المناطق الأهلة بالسكان بغية السيطرة عليها على المدى البعيد فضلًا عن عمليات البحث والمراقبة الدقيقة لأي عنصر من عناصر المقاومة واستهدافها، كما يناقش الكاتب في هذا الفصل ايضًا بعض الخرافات المتعلقة بأحداث 48.
الخرافة السادسة.. حرب عام 1967 فرضت على إسرائيل
يؤكد الكاتب أن الخرافة التي روج لها الأعلام الصهيوني ولايزال يصر عليها وهي أن حرب 1967 حرب لابد منها فرضت فرضا على إسرائيل وأن الاحتلال لم يكن لديه خيار سوى خوضها، هي محض هراء فهذه الحرب وفق بابي كانت جزءًا من خطه الكيان الصهيوني واستكمالًا لرغبته في الاستيلاء على كل فلسطين فكانت فرصة انتظرتها اسرائيل طويلًا وقامت باستغلالها حين اتيحت الفرصة، فقام الكيان الصهيوني بعد الحرب باحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة بحجة أن يكون العرب على استعداد للسلام معهم لكن في حقيقة الأمر هذا الاستيلاء كان هدفًا صهيونيًا قديمًا تم الإعداد له قبل عام 48.
الخرافة السابعة.. إسرائيل الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط
يضحد الكاتب هذه الخرافة ببساطة من خلال عرض وضع الفلسطينيين في الداخل وفي الأراضي المحتلة، وهم الذين يشكلون نحو نصف تعداد السكان تحت حكم الاحتلال، ويبين كيف يعيش هؤلاء المواطنين تحت حكم (الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط) متهكمًا على ادعاء الديمقراطية من قبل إسرائيل وذلك بإبراز انتهاكات الاحتلال العنصرية وتعدياتهم على حقوق الفلسطينيين وحرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية والمدنية، فالقوانين التي يخضع لها الفلسطيني ليست هي القوانين التي تسري على اليهود والتمييز العنصري لا يمكن لعاقل إنكاره، فاليهود يدمرون المنازل ويرسلون الفلسطينيين الي المعتقلات وقتما شاؤوا ويعيش الفلسطينيون تحت نير الاحتلال حياة الذل والمهان فضلًا عن سلسلة من المجازر الصهيونية في حق الشعب الفلسطيني كمجزرة كفر قاسم وغيرها.
الخرافة الثامنة.. خرافات أوسلو
يرى الكاتب أن اتفاقيات أوسلو وبعد ربع قرن من توقيعها لم تكن سوى مجرد حيلة إسرائيلية لتدعيم الاحتلال وتعميقه وكان هدف اسرائيل من أوسلوا هو منع تشكيل أي مؤتمر دولي من أجل السلام.
ويفند بابي خرافة ثانية تتعلق بإشعال الإنتفاضة الثانية وكيف صور اليهود أنها عملية (إرهابية ضد إسرائيل) ، مؤكدًا أن الجيش الإسرائيلي وقتها كان بحاجة إلى تقديم استعراض ناجح بعد هزائمه المتكررة على أيدي حزب الله في لبنان لاسيما في صيف 2000 حيث ارتعدت فرائسه وخاف أن يظهر في مظهر الضعيف فكانت الحاجة لاستعراض القوة وتأكيد الهيمنة في الداخل المحتل وتم تحقيق ذلك عبر عملية الدرع الواقي العسكرية البربرية عام 2002 وبناء الجدار الفاصل العنصري وقمع الانتفاضة.
الخرافة التاسعة.. مأساة غزة سببها حماس
يعرض الكاتب في هذا الفصل وهو الأطول من بين الفصول ثلاث أساطير تروج لهم إسرائيل بقوة بغية تضليل الرأي العام وهي خرافات تتعلق بشأن أسباب مأساة قطاع غزة.
وهذه الأساطير تتضمن (إرهاب حماس) و(فك الارتباط الإسرائيلي مع غزة كان عملًا للسلام) و(الحرب على غزة هي دفاع عن النفس).
يقول الكاتب أن إسرائيل تُحمل حركة حماس مأساة غزة ويطرح تفسيرًا مغايرًا لما حدث في غزة فيؤكد أن الانسحاب الإسرائيلي كان بهدف تقوية القبضة الأمنية على الضفة وتحويل غزة إلى سجن كبير، في الوقت الذي أبقت إسرائيل جيشها على الحدود تدعي أن الانسحاب كان بادرة صلح وفي الوقت نفسه تمارس العنف ضد الفلسطينيين، واعتبر الكاتب ممارسات إسرائيل في غزة في 2006 إبادة جماعية تصاعدية.
الخرافة العاشرة.. حلّ الدولتين هو السبيل الوحيد للسلام
يفند إيلان بابي في فصله الأخير خرافة حل الدولتين على أساس أنها السبيل الوحيد للسلام، ويصفها بأنها “دمية” تتلاعب بها إسرائيل وفق مصالحها مع الغرب وتروج لها آلة الدعاية الإسرائيلية ومؤيدوها في الغرب، بحيث تخرج بشكل لامع براق يبدو ظاهريًا جميلًا للعيان في حين هي فكرة خرافية يشببها الكاتب بالجثة في المشرحة التي يتم إخراجها وتقديمها على أنها حية ثم سرعان ما يكتشف الجميع زيفها فيعاد إدخالها إلى المشرحة من جديد، ثم تعاد الكرة دواليك.
يرى الكاتب أن فكرة حل الدولتين يجب أن تُدفن للأبد مع باقي خرافات الوهم والخداع الصهيونية، مشيرًا إلى أن إسرائيل قتلت فكرة حل الدولتين من خلال توسعتها للاستيطان وهي تهدف فقط إلى قيادة دولة دون سيادة فعلية.