نستعرض لحضراتكم فصل حقوق الطفل من كتاب الإسلام وحقوق الإنسان في ضوء المتغيرات العالمية للدكتور محمد كمال الدين بن محمد العزيز جعيط والذي اكد علي
ان العناية التي يجب أن تصرف لها الدول والحكومات جهودها وإمكاناتها، لا بُدَّ لها من أن تتوجه فيما تتوجه، إلى الطفل باعتباره الأحوج إلى الرعاية، بحكم ضعف خلقته وعجزه عن القيام بنفسه دون الاستناد إلى غيره، وعلى وفق العناية به يتحدد مصير الشعوب قوةً وضعفًا، وترتسم ملامح إنسان الغد, وتصاغ شخصيته المستقبلية؛ فالطفل كما يقال: هو نصف الحاضر وكل المستقبل.
كما اوضح الكتاب إن استعمالات الطفل في غير ما هو مؤهل للقيام به -من أعمالٍ بدنية شاقة، واستغلاله في غايات جنسية دنيئة، دُنِّسَتْ فيه طهارته, ودمرت براءته, وقضت على مواهبه الفطرية الطبيعية، وحولته إلى كتلة سوداء من الغضب والتمرد، وجنحت به إلى ظلمات الانحراف العقلي والنفسي والشذوذ السلوكي، ونزلت به إلى دركات الانحطاط والتدني- نبهت المجتمع الإنساني إلى ضرورة تلافي هذا الوضع المزري البائس، وإيلاء الطفولة حقها في العناية والرعاية, والأخذ بيدها منذ سن مبكرة، بما يطوّر مواهبل الطفل وينمي عقله وجسده, ويصون نفسه, ويهيئه التهيئة اللازمة، ليكون عضوًا منتجًا فاعلًا, وعنصرًا صالحًا إيجابيًّا في أسرته ومجتمعه.
واضاف الكتاب أن من الحقوق الأساسية المسداة إلى الطفل: الحق في الرعاية الحسنة والتنشئة الصالحة: فإن الطفل، منذ لحظة تكونه جنينًا في بطن أمه، فولادته، إلى أن يشب ويشتدَّ عوده, ويغدو قادرًا على القيام بنفسه، هو أمانة بين يدي أبويه, أو من هو في كفالته. وفي كل هذه المراحل، وضع الإسلام من التشريعات والقواعد ما يحقق الرعاية الكاملة التامة, بما يضمن التنشئة الروحية والجسدية المتوازنة التي تعدّه ليكون رجلًا صالحًا لأمته ووطنه, وقد نبَّه الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى أن المولود طينة طيّعة لزجة، يعركها أبواه إن خيرًا فخير, وإن شرًّا فشر, فقال: “ما من مولود إلّا يولد على الفطرة, فأبواه يهوّدانه, أو ينصِّرَانه, أو يمجِّسَانه”
واشار الكاتب الي أن الاسلام قد بلغ باهتمام الطفل مبلغًا عظيمًا، من ذلك عنايته باختيار التسمية الحسنة التي يعدها من شروط التربية الحسنة، وفي الحديث: “أحسنوا أسماءكم” . وأثبت علماء النفس في زمناننا، ما لإطلاق الاسم على المواليد من تأثيراتٍ نفسيةٍ إيجابية أو سلبية، بحسب حسن الاختيار أو إساءته, وحظي الطفل في التشريعات الإسلامية بحظْوَةٍ لا نظير لها، تترجم عن مدي ما يوليه ديننا الحنيف من أهمية بلغت ذروتها، حينما وجّه عنايته إلى كل الجوانب المتصلة من قريب أو بعيد بحياة الطفل، سواء منها النفسية أو الروحية أو العقلية، بتحميل الأبوين مسئولية حضانته وتربيته ورعايته رعاية صحية متكاملة، وتعليمه وتنشئته على مكارم الأخلاق، دون التغاضي عن الجوانب الجسدية واحتياجات الطفل في ملبسه ومضجه وغذائه, ووقايته من الأمراض، حتى يكتمل نمو الطفل في إطار محكم متوازن، بعيدًا عن العقد والعلَّات النفسية والجسدية.
ولقد أولى المجتمع الدولي في أواخر القرن المنصرم، اهتمامًا بالغًا بالتشريعات الموجهة إلى الطفل، من أجل حمايته مما يمكن أن يلحقه من أشكال الامتهان النفسي والجسمي، التي قد تدفعه إلى التشرد والضياع عند فقدان السند، وأصدرت الهيئات العالمية المختصة المواثيق والعهود التي من شأنها أن تضمن للطفل أسباب النمو الطبيعي السليم، وتحميه من كل مزالق الانحراف والزيغ.
كما اوضح الكتاب ان الإسلام دعا، باعتباره دين كتاب وحضارة، إلى إيلاء العلم والعلماء الدرجة المرموقة، ورفع منزلتها إلى مقامٍ عالٍ، حتى جعلهم ورثة الأنبياء، وهداة الأنام، يرجع إليهم الحاكم والمحكوم في بيان حقيقة الشرع والاستهداء بأحكامه.
وعلى هذه النظرة من التقديس والتبجيل، أورفت الحضارة الإسلامية بظلالها على العالم قرونًا من الدهر، وكانت لها المزية العظمى فيما وصلت إليه الأمم المتقدمة اليوم من إنجازات علمية وحضارية.
واشار الكاتب الي ان العلم لا يكون إلّا بالتعلم, موضحا انه من أجل ذلك ازدهرت الحركة العلمية في الأوطان الإسلامية في عهودها المشرقة، وانتشرت دور التعليم والمكتبات في كل مكان، وأقبل طلبة العلم بأعداد كبيرة ينهلون من العلم الديني والدنيوي، ويجلسون في حلقات التدريس حول مشائخهم وأساتذتهم يتلقون عنهم طارف العلم وتالده.
كما اوضح الكتاب إن طلب العلم في الإسلام فريضة على الذكر والأنثى، تأثم الأمة بتركه والتهاون في الأخذ بأسبابه, والنصوص من قرآنٍ وسنة، تتعاضد كلها في الترغيب في العلم، وترتيب الجزاء العظيم عليه، حتى سمت به إلى درجة العبادة, بل فضَّل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العالم على العابد، في قوله: “فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب” ١, وقال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الزمر: ٩].
واشار الكتاب الي إن التعليم يُعَدُّ من الحقوق الأساسية التي لا غنى عنها في كل عصر ومصر، والغرض منه تربية الإنسان منذ بواكير عمره في ملكاته النفسية والذهنية، وتنمية مداركه العقلية، وتهذيب مواهبه الفطرية وميولاته الطبيعية، معاضدة لدور الأسرة والمجتمع في إعداد أجيال المستقبل, وتأهيلهم نفسيًّا وعقليًّا للاضطلاع بالمسئوليات التي ستوكل إليهم.
ولقد أختارت عديد الدول في العالم اليوم، أن يكون التعليم إجباريًّا, غايتها في ذلك القضاء على الأمية، التي كانت لعهد غير بعيد مستفحلة في عديد الأوساط والشرائح الاجتماعية، مما يعوق قدرة الشعوب على بلوغ أهدافها في التنمية والتقدم.
وإن تخلّفت بعض الشعوب العربية والإسلامية في اللحاق بركب الأمم المتحضرة في هذا المجال وغيره، وعذرها في ذلك أنها لم تتخلص من الرواسب الاستعمارية إلّا في زمن متأخر “النصف الثاني من القرن العشرين”، فإنها لم تتوان عن استجماع قواها وقدراتها المتاحة من أجل تعميم التعليم على أبنائها، وتطوير مناهجه بإدخال العلوم الصحيحة التي لا بُدَّ منها للاستجابة للحاجيات المتنامية للمجتمعات المعاصرة.
وماسبق يتضح لنا ان هذه الحقوق انما هي بعض مما اشار اليه المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي في كثر من كتاباته وكتبه خاصة ما جاء اوضحه في كتابه الطلاق يهدد امن المجتمع حين اشار الي ان الطلاق يهدد امن الطفل نتيجة مشاهدته لسوء التعامل والعناد بين الاباء والامهات مما يهدد بتسرب الاطفال في احيانا كثيرة من التعليم او الوقوع في براثن الإدمان,