يعتبر كتاب (دوائر الخوف) هو تطبيق منهجي لعلوم التأويل بحسب الباحث نصر حامد أبو زيد، ويرى فيه أن هناك محطتين محوريتين مر عبرهما التاريخ الحديث المصري والعربي، وهما حركة التضامن الإسلامي المسيحي على أساس وطني، تتجلى في مبادئ الدين لله والوطن للجميع.
أما التاريخ الثاني فهو بعد هزيمة عام 1967، عندما سيطر (خطاب الأزمة الشامل) بشعارها الإسلام هو الحل والحل هو الاسلام، وتضاعف تيار “الأصولية الإسلامية” ودعت إلى فصل النساء عن الحياة العامة وإعادتهن إلى عصر الحريم، هذا هو الرد الذكوري على الهزيمة وعدم القدرة على الوقوف، والخطابات الإسلامية المتطرفة والمعتدلة متساوية في هذا الصدد، والفرق هو أن الخطاب الديني المعتدل ينافس خطاب النهضة فى إدعائه بالمساواة بين الرجل والمرأة على أساس النصوص.
ويؤكد الباحث أن صورة المرأة فى التقاليد والفكر الإسلامي لها ثلاث خصائص:
أولاً: إنها مسئولة عن طرد آدم من الجنة بعد تحالفه مع الشيطان.
السمة الثانية هي السلبية والعاطفية الأنثوية مقارنة بالنشاط الذكوري.
والثالثة تتعلق بطبيعة علاقاتها مع الرجل.
ويضيف الكاتب بالإضافة إلى ذلك، فإن اللغة العربية لها ميول طائفية وعنصرية وأبوية، مثل التمييز بين العرب وغير العرب (لا يتم نطق الأسماء غير العربية). الأسماء المؤنثة العربية تعادل الأسماء غير العربية، فهي غير مقصودة. وهذا هو سبب امتداده الثقافي على مستوى الخطاب المعاصر حيث يتم التعامل مع النساء على أنهن “أقليات” في تأكيد احتياجاتهن الخاصة، تحت حماية أو تأثير الرجال، مثلما تحتاج الأقليات حماية الأغلبية “.
ويضف الباحث أنه علاوة على ذلك، يلعب علم التفسير دورًا في تكريس ثقافة التمييز والعداء ضد المرأة في الثقافة العربية من خلال استخدام الاسرائيليات، وعلى الرغم من أنه يوظف قصص توراتية، إلا أن الرواية القرآنية في تلك القصة لها محتوى مختلف بالنسبة للمرأة.
ويشير الكاتب الى اعتماد الفقه على المبدأ القائل بأن “منع الضرر أهم من تحقيق المنفعة”، وهو فى جوهره يرفض الحركة لمجرد أنها يمكن أن تلحق ضررا، وتنفي المنفعة.
ويشير الى تعزيز التقاليد والعادات الذكورية والثقافات القبلية المنغلقة المعالجة الانتقائية للنصوص الدينية وفقًا لمفاهيم مثل الحقد والخداع والصفات السيئة للمرأة.
ويرى أبو زايد أن الخطاب الدينى المعاصر ضد المرأة يزور قضايا المرأة ويشير إلى نصوص شاذة واستثنائية أو ينظر إليها على أنها مؤامرة استعمارية غربية تستهدف الإسلام والمسلمين، مؤكدا أنها خطاب يجب مناقشته وتجاهل أنها قضية اجتماعية فى المقام الأول، والتركيز على حقيقة أن المرأة لا تتساوى مع الرجل والدعوة لحجاب المرأة بالزي والبيت، مع استثناءات معينة تتعلق بطبيعة المرأة.
ويضيف أن الإلغاء والتمييز الذى يركز على أى ذكر للمرأة فى القرآن هو تشريع، يساء تفسيره على أنه “ما هو بتشريع؟ بحسب أبوزيد” هناك اعتقاد خاطئ بأن المساواة بين الرجال هى ليست هدف الخطاب القرآني. الخلق (روح واحدة) والمساواة في (الواجبات الدينية وما يترتب عليها من مكافآت وعقوبات). فالنصوص التي يُحتمل أن تكون تمييزية هي نصوص استثنائية أو ثانوية، مذكورة في أماكن مثيرة للجدل أو وصفية ، ولا تدخل في نطاق القانون.
لذلك فهو يعتقد أن: الدرجة التي يتمتع بها الرجل بالنسبة للمرأة هي فرع من فروع الأصل. أما الميراث ، فيعني أن الرجل في الميراث لا يُعطى أكثر من ضعف نسبة النساء ، ولا تقل نسبة النساء عن نصف الرجال.
كما يري أن تعدد الزوجات (قانون مؤقت للتعامل مع حالات الطوارئ) وليس العموم.
يرى أبو زيد أن تعدد الزوجات يجب أن يقتصر على الشروط الضرورية ، وأن يقتصر حق الرجل المطلق في الطلاق ، وأن يطلق أمام القاضي ، ولا يجوز أن يتوقف الاجتهاد عند حدود توقف الوحي، وإلا فإن تأكيد الصلاحية لكل الزمان والمكان سينهار من أساساه ، مما يوسع الفجوة بين الواقع المتحرك والنصوص المعاصرة.
ويري أبو زيد أن التمسك بالخطاب الديني بمعناه الحرفي ، لا يحل مشاكل المرأة ويجب الاجتهاد في قراءة الأحكام الباطلة من الشريعة والاجتهاد في وضع أحكام تتفق مع العصر الحالي، خلال “ربط النص بالواقع وقياس مدى تطوره فى الواقع ومراقبة اتجاه هذا التطور”.