اختراق علمي كبير حققه العالم الروسي، مكسيم نيكيتين، من خلال دراسة الحمض النووي البشري، حيث يسلط الاكتشاف الضوء على عملية تقدمنا في العمر ويكشف الأسرار عن ذاكرتنا.
وبحسب ما كشفته صحيفة “كومسومولسكايا برافدا” الروسية عن تفاصيل الاكتشاف، فقد حقق العالم الروسي الشاب إنجازاً كبيرا في مجال علم الوراثة.
يُذكر أن الحمض النووي يُخزن كمية هائلة من المعلومات. ومن بينها معلومات مهمة للغاية: ما هو جوهرنا وما هي الأمراض التي تصيبنا؟ وما الذي ننجح فيه وما الذي نفشل فيه؟ كل هذا مكتوب في جيناتنا. لكن كيف يحدث ذلك بالضبط؟
بحسب ما نقلت وسائل الإعلام الروسية، قام العالم الروسي نيكيتين باكتشاف مذهل ووضع كل شيء في مكانه أخيرا. وقد خضع بحثه العلمي لمراجعة دولية صارمة من قبل الأقران لأكثر من عام، وتم نشره الآن في مجلة Nature Chemistry الدولية العلمية.
ويمكن مقارنة اكتشاف نيكيتين، رئيس الطب النانوي في “جامعة سيريوس” الروسية، باكتشاف كوبرنيكوس، الذي “جعل” الأرض تدور حول الشمس، وبالتالي غيّر العلم إلى الأبد. وسوف يسلّط بحثه العلمي الضوء على العمليات التي تحدث في ذاكرتنا، ويُجيب على سؤال لماذا نتقدم في العمر؟ ويكشف عن أسرار صنع عقاقير لا تُخمد الأعراض وحسب، بل تؤثر على مسببات كل الأمراض، وهي جيناتنا.
لقد اعتقد العلماء على مدى آلاف السنين أن الإنسان هو كيان يمكن تغييره بسهولة، ويمكن تشكيل أي شيء من أي شخص. ومن المهم أن تكون التربية والتعليم جيدين، والباقي هو مسألة تقنية.
إلا أن العلم بدأ يدرك أن التعليم ليس كلي القدرة. وهناك برنامج معيّن في الشخص يحدّد الكثير من حياته إن لم يكن كل شيء فيها. وهذا يعني أن هناك شيئا ما يهيمن علينا؟ – وهو الحمض النووي.
وفي منتصف القرن العشرين، تحول علم الوراثة إلى علم متكامل حقيقي، وتم وصف الحمض النووي بأنه حلزوني يشفّر كل شيء فينا تماما، من الميول إلى الأمراض، ومن المواهب إلى الرغبة في الطلاق والفساد أو أي أسلوب أخلاقي في الحياة. لكن السؤال هو كيف بالضبط يقوم الحمض النووي بتخزين هذه المعلومات، وأين هي؟ بعد كل شيء، هي مجرد سلسلة من بعض البروتينات والمواد، والسلسلة ليست منظّمة بشكل معقّد للغاية.
بينما ظهرت مشكلة أخرى على الفور، حيث اتضح أن هناك أقساما عملاقة في الحمض النووي لا يتم تخزين أي شيء فيها على ما يبدو. وإنها نوع من “القمامة”. لماذا تحتفظ الطبيعة بهذا التكرار؟
ولمدة 70 عاما كان يُعتقد أن الحلزون المزدوج للحمض النووي هو المستودع. ويشبه حلزون الحمض النووي الجميل والمتماثل أجهزة صنعها الإنسان بشكل مثالي مثل البطاقات المثقوبة والأقراص الصلبة. وكان يُنظر إلى الجزيئات الأقل جمالا والقصيرة والمرتبطة بشكل فضفاض على أنها قمامة.
وأثبت، مكسيم نيكيتين أن “القمامة” هي أهم شيء. والطبيعة ليست زائدة عن الحاجة. وما بدا أولا غير ضروري بالنسبة لنا تبيّن أنه مفتاح لكل شيء.
قضى مكسيم نيكيتين 9 أعوام في البحث عن وظيفة هذه “القمامة”، وسلاسل الحمض النووي القصيرة، باستخدام أجهزة فريدة، صنعها بنفسه. وتمكّن من إثبات أن سلاسل الحمض النووي القصيرة تخزن وتنقل كميات هائلة من المعلومات. وأطلق نيكيتين على اكتشافه اسم “التبديل الجزيئي”.
إذا قمنا بتبسيط نظريته، فقد اتضح أن المعلومات لا يتم تخزينها في الجزيء نفسه، ولكن في طريقة تحديد موقعها بعضها بالنسبة لبعض.
وخيارات التفاعل بين سلاسل الحمض النووي القصيرة التي درسها مكسيم نيكيتين لا حصر لها. وهذا حل محتمل للعديد من الألغاز في بنية أجسامنا، وهو اختراق محتمل في فهم طبيعة الحياة البيولوجية على الأرض، وربما أصلها.
نقلا عن العربية نت .